لم تكن سنة 2007 سنة عادية بل كانت امتداد طبيعياً لما شهدته مصر من أحداث مضطربة منذ عام2005، ففيها وبعد أقل من عامين من التعديلات الدستورية التي أجريت في عام 2005 يحدث تعديل دستوري ثان. وفي صيفها انطلقت شائعة موت حسني مبارك والتي كان بسببها حوكم الكاتب الصحفي ابراهيم عيسي بتهمة ترويج شائعات عن صحة مبارك ومن قبلة أربعة رؤساء تحرير آخرين للمحاكمات بتهمة إهانة الرئيس وكذلك غرق 22 شابا مصريا قبالة السواحل الايطالية لتنكشف مهزلة الهجرة غير الشرعية للشباب المصري الذي فضل مغامرة الموت علي العيش في بلده الذي ضاق به ولفظه بفضل السياسات المتعاقبة لحكومات الحزب الوطني والتي لم تمنحهم حق العيش في سلام وكرامة في بلدهم. كان أهم ماتضمنته التعديلات الدستورية التي أقرت في مارس 2007 إلغاء الاشراف القضائي علي كل صندوق إنتخابي بعد ما كشف قضاة كثيرون ما حدث في إنتخابات 2005 وخاصة التدخلات الأمنية وأصبح علي القضاة مواجهة سيل من الدعاوي الخاصة ببطلان الانتخابات التي أشرفوا عليها وعلي جانب آخر من الأهمية، كان النص في التعديلات الجديدة علي إصدار قانون الارهاب ليحل محل قانون الطوارئ الذي عاش فيه الشعب طوال حكم مبارك وهو ما اعتبرته المعارضة خطرا داهما علي الحريات لعدم تحديد مفهوم واضح للارهاب، ومن جانبها دافعت الحكومة والحزب الوطني عن التعديلات وقالت انها لتعزيز الديموقراطية بينما وقف المعارضون ضدها ورفضوها وشهد شارع مجلس الشعب وقفات إحتجاجية من نواب المعارضة وانضم لهم تيارات سياسية من خارج المجلس للاعلان عن رفضهم لهذه التعديلات ولعبت الفضائيات وبرامج التوك شو دورا هاما في هذه الاحداث بمواجهات عنيفة بين المؤيدين والمعارضين وتاه المتلقي العادي بين الاثنين ولكنه كان ميالا أكثرللتصديق والاقتناع بأن التعديلات كانت تصب في خانة خدمة السلطة والحزب الحاكم في الوقت الذي فشل فيه الاعلام الرسمي في إقناع الشعب بأهميتها لضعف حججهم وركاكة أسلوبهم في عرض آرائهم تجاة التعديلات وظهر ذلك في النسبة التي شاركت في عملية الاستفتاء والتي جاءت ضعيفة بالمقارنة بأعداد المقيدين في كشوف الانتخابات. تركت هذة التعديلات آثارا سيئة في تطور فقدان الثقة بين الشعب وقياداته وخلفت ما يمكن أن نطلق عليه الانفصال النفسي بين المحكوم وحاكمه وأصيب الشعب بتبلد سياسي تجاه مايحدث في بلده وهو إحساس نفسي خطير لانه يعبر عن حالة الاحتقان الداخلي للأغلبية من المواطنين الذين أطلق عليهم الأغلبية الصامتة التي لم تنحز لأي تيار سياسي لتشكل بنفسها تيارا سياسيا معارضا لمبارك من دون أن تعلن ذلك صراحة أو تشارك برأيها الذي كونته في العملية السياسية وهو ما يفسر فيما بعد مدي التعاطف الشعبي مع الثوار في 2011 دون أيضاً أن يشاركوا واكتفوا بنصرتهم صامتين في مواجهة ما يرفضونه ولا يحقق آمالهم. الغريب أن أمريكا كان لها رأي معارض للتعديلات الدستورية وجاءت تصريحات كونداليزا رايس وزيرة الخارجية لتؤكد ذلك وأنها تشعر بالقلق تجاه ما يحدث في مصر خاصة أن التعديلات لن تؤدي الي الديموقراطية وهو ما استدعي فيما بعد أن يزور جمال مبارك أمريكا ويلتقي بمستشار الأمن القومي ويلتقي ببوش الابن علي هامش اللقاء ليشرح جمال أهمية التعديلات ويحاول إقناع الأمريكان هناك بموقف والده وأن ماحدث لصالح الديموقراطية في مصر وأن غير ذلك يصب في صالح الإخوان المسلمين والقوي المتطرفة وهي الفزاعة التي استخدمها النظام لتمرير قوانينه السياسية دائماً وخاصة في السنوات الاخيرة. وللحديث بقية.