اشتعلت الثورة الشعبية في ليبيا، وسرعان ماتحولت إلي حرب حقيقية بين الشعب وجيش القذافي استخدمت فيها كل الأسلحة وبكل ألوانها. بيضاء، وسوداء، وصواريخ قصيرة ومتوسطة وبعيدة المدي سبق أن اختزنها القذافي بزعم قصف أعداء العرب ومستعمري القارة الأفريقية وفاجأنا باستخدامها ضد شعبه عقاباً له علي تمرده وثورته ضد نظامه. لولا تدخل المجتمع الدولي بقرار من مجلس الأمن لحماية المدنيين الليبيين، لارتفعت أعداد القتلي لأرقام قياسية. فقد استمرت الحرب شهوراً عديدة احتاجها الشعب بكل تضحياته قبل أن يعلن انتصاره وإسقاط نظام الطاغية الذي ساق الليبيين بالحديد والنار طوال الأربعين عاماً الماضية. البعض في واشنطون ولندن وجد في الانتصار الوشيك للشعب الليبي فرصة مناسبة لإحياء قضية تفجير الطائرة الأمريكية فوق قرية لوكيربي الاسكتلندية. عائلات المئات الذين لقوا حتفهم في الطائرة المنكوبة طالبوا من جديد بإعادة التحقيق في القضية، وتسليم المتهم الأوحد فيها عبدالباسط المقراحي إلي العدالة الأمريكية ليس لإعادة سجنه وتمضية باقي سنوات المؤبد بعد صدمتهم في الإفراج عنه لأسباب صحية، وإنما فقط لسماع شهادته الحقيقية في القضية، والكشف عن أسماء المجرمين الحقيقيين الذين أمروا ونفذوا تفجير الطائرة، وعلي رأسهم العقيد معمر القذافي. تحمس العديد من أعضاء الكونجرس لما طالبت عائلات الضحايا به، وكان أبرزهم السيناتور الديمقراطي روبرت منينديز الذي أعلن ضرورة السماح للمحققين الأمريكيين بزيارة عبد الباسط المقراحي المدان الوحيد في تفجير طائرة بان إم فوق لوكيربي للتحقق من حالته الصحية المتدهورة واستخلاص الحقيقة من أقواله. ولم يكتف السيناتور بإعلانه وإنما أتبعه برسالة وجهها إلي هيلاري كلينتون وزيرة الخارجية طالباً: [حث الليبيين في المجلس الوطني الانتقالي علي السماح لمسئولين ومحققين أمريكيين بزيارة المقراحي، والاستماع إليه لأننا نعتقد منذ سنوات أنه لم يتصرف من تلقاء نفسه، وبالتالي فنحن ما زلنا نجهل من أصدر الأوامر بتفجير الطائرة؟ ومن أمر به؟ ومن صنع القنبلة؟ ومن إلي جانب المقراحي يتحمل مسئولية هذا الاعتداء، والهجمات الأخري؟]. في البداية.. ردت وزيرة الخارجية علي مطلب البعض من نواب الكونجرس بأنها نقلت الطلب إلي المجلس الانتقالي الليبي وأنه: [وافق من حيث المبدأ، علي إعادة النظر في الحالة القانونية لعبد الباسط المقراحي]. وجاء الرد الفوري من المجلس الإنتقالي بلسان أحد الأعضاء وزير العدل: محمد العلاقي قائلاً: [ان ليبيا لن تسلم عبد الباسط المقراحي المدان الرئيسي في حادث تفجير طائرة امريكية فوق اسكتلندا عام 1988. وقال للصحفيين في طرابلس ان المجلس لن يسلم اي مواطن ليبي للغرب.واضاف ان المقراحي حوكم بالفعل مرة ولن يحاكم ثانية وان المجلس لن يسلم اي مواطنين ليبيين]. وسرعان ما تراجعت هيلاري كلينتون فصدر بيان لوزارتها توضح فيه: [ان مهمة الثوار الليبيين حالياً تتمحور في شكل رئيسي علي اعادة الاستقرار الي البلاد]. .. وللحديث بقية.