ألا من نهاية لهذا الاهمال والتسيب والذي يقود الي كوارث تهدد أرواح المئات أو تودي بحياتهم. ألم نأخذ درسا مما تعرضنا له في السابق جراء هذا المسلسل المأساوي الذي جرت وتجري فصوله في مجال البحرية التجارية المصرية. هل نسينا ما أسفر عن هذا السلوك الذي يفتقد الي الضمير والذي ادي الي حادث غرق العبارة السلام الذي راح ضحيته ما يتجاوز ال0031 مواطن مصري. لقد كان تمييع القضية وعدم الامساك بالمسئولين عن هذا الحادث أو محاسبة الذين تسببوا في اهمالهم الي وقوعه أحد مظاهر الفساد الذي كان مستشريا. ان ما يثير الهلع حقا هو هول هذه الجريمة المريرة التي مازالت آثارها تدمي قلوب الالاف من أهالي الضحايا. وقد كان من المفروض أن نتعلم من هذه التجربة المريرة ونتخلي عن نزعة الاهمال التي اكدت التحقيقات انها كانت وراء كل هذه الحوادث. ان آخر فصول هذا المسلسل المستمرة حلقاته شهدها خليج العقبة عندما شب حريق في العبارة »بيلا« وعلي متنها 0521 راكبا كانوا في طريقهم من ميناء العقبة الاردني الي ميناء نويبع بجنوب سيناء يوم الجمعة الماضي وقد كان المولي عز وجل رحيما بنا حيث استطاعت البحرية المصرية والقوات الاردنية ان تنقذ الركاب وأن تقوم وحدات الانقاذ بعملية اطفاء الحريق. وقد تبين ان معظم الركاب المصريين الذين يعملون في الدول العربية كانوا في طريقهم لقضاء أجازة العيد مع أسرهم في مصر. ورغم النجاح في انقاذ الركاب وهو في حد ذاته عمل يستحق كل التقدير الا ان التقارير المعلنة تشير الي خسارتهم لكل متعلقاتهم بما فيها سياراتهم وما كانوا يحملون من مدخرات. وقد أكد تقرير الملاحة البحرية الصادر منذ ثلاثة شهور ما ذكره الركاب حول سوء حالة العبارة. سجل ان الحمولة المقررة 056 راكبا فقط وأن الشركة المالكة خالفت هذا الأمر بالسماح بنقل 0521 راكبا. كما أشار التقرير الي ان العبارة غير صالحة للابحار وأنه توجد اعطال خطيرة في حجرة الماكينات وعيوب فنية في نظام الاطفاء. بالطبع فان كل الحقائق المتعلقة بأسباب الحادث مرهونة بما سوف تكشفه تحقيقات النيابة وأرجو ألا يقتصر دور التحقيقات علي هذه المهمة بل إنها مطالبة بتحديد ما يجب مراعاته مستقبلا حتي لا يتكرر الحادث وقد لا تسلم الجرة في المرة القادمة. ولا يجب الاكتفاء بإعلان نتائج هذه التحقيقات وانما وللعبرة فإنه من الضروري وحتي لا نسمع ما يقال بأن هذا الحادث وفي ظل الاهمال وعدم الاكتراث في اداء المسئوليات سوف يتكرر.. فان الامر يحتاج الي محاسبة حاسمة وحازمة. من ناحية أخري ووفقا للتقارير الصحفية المنشورة والتي يجب علي جهات التحقيق وضعها في اعتبارها. يقول الخبراء أن حادث العبارة بيلا لن يكون الاخير في ظل الاهمال وعدم الاهتمام بالصيانة الدورية اللازمة. اشارت الي ان الاخطاء البشرية قادمة ولابد من تدريب الكوادر للتعامل مع الازمات. اكدوا علي غياب الفحص الشامل والكامل للعبارة قبل قيامها برحلتها. ومهما قيل في تبرير الحادث فإن المسئولية تقع علي أجهزة الرقابة والمتابعة والتفتيش الذين يجب التزامهم بالدقة والمعايير الدولية عند قيامهم بمهامهم وهو عادة لا يتحقق. في نفس الوقت فإن العلاقة بين هذه الاجهزة الفنية والشركة والتوكيلات المسئولة عن نشاطها ليست بالصورة السليمة التي يجب ان تكون عليها والتي يجب علي اساسها ان يكون محورها الحفاظ علي حياة الركاب قبل أي شيء آخر. كما أرجو أن تتخلص هذه الاجهزة من داء النسيان الذي يؤدي الي تعمد التغاضي عن الدروس المستفادة مما سبق من حوادث للعبارات والتي لا تختلف ابدا عن نفس الاسباب التي ادت الي حادث العبارة »بيلا«.