عندما غُلب حماري من فهم تحولات الثورة .. قررت أن الجأ لحكماء الزمن علني أجد تفسيرا لما يحدث لنا في المشهد السياسي الغامض في مصر ! سألت سارتر .. هل تتراجع عن أحلام ثورتي ؟ أجاب غاضبا: قد تكون هناك في التاريخ أوقات وعصور أجمل من عصرنا هذا أو حتي في المستقبل ولكن ليس لنا سوي هذا العصر كي نحياه بالعبودية أو بالحرية. سألت بريشت : ولكن من أين ننطلق الآن؟ قال متحمسا : علينا الانطلاق من أشياء الحاضر السيئة فلن يكون بإمكاننا الانطلاق من أشياء الماضي حتي وإن كانت جيدة. قلت : ولكنني ككاتبة ومفكرة ينتابني اليأس الآن ! أجاب نزار قباني: الكاتب الحق هو من يحتج علي كل الممارسات والأساليب التي تجعل العالم مُظلما وقبيحا. قلت لقد ترك حُكامنا ثورتنا في مهب الريح .. فهل أخطأنا كشعب ؟ فروي لي حكيم تلك القصة : دخلت امراة عجوز علي السلطان سليمان القانوني تشكو اليه جنوده الذين سرقوا ماشيتها بينما كانت نائمة فقال لها السلطان: كان عليك أن تسهري علي مواشيك ولا تنامي فأجابت العجوز: ظننتك ساهرا علينا يا مولاي فنمت مطمئنة البال ! قلت إذا هي مسئولية الحاكم . فشرح لي آدم سميث الموقف بحسم : تقع علي عاتق الحاكم ثلاث مسؤوليات أساسية بسيطة ولكنها أساسية .. أولاً: حماية المجتمع من العنف أو الاجتياح الذي قد تقوم به مجتمعات أخري. ثانياً: حماية كل فرد من أفراد المجتمع من ظلم واضطهاد الآخرين. ثالثاً: إقامة المؤسسات العامة التي ليس بوسع أرباحها أن تغطي نفقات الفرد ولكنها تعود بالنفع علي المجتمع برمّته. تساءلت .. وماذا عن تسييس الدين ؟ هنا تدخل فولتير بحكمته ضاربا لي مثلا للاسترشاد : إذا سُمح في إنجلترا لديانة واحدة فقط، فمن المحتمل جداً أن تصبح الحكومة مستبدة.. وإذا كانت هناك ديانتان فقط، فإن الناس سوف يقطعون رؤوس بعضهم البعض، لكن إذا كان هناك حشد من الديانات فإنهم سوف يعيشون سعداء وبسلام. قلت: ولكن ماذا عن العنف السائد الآن ؟ بسماحة رد الفيلسوف الصيني تي تشينج: هذه هي المشكلة فعلا .. فعندما تضيع الطيبة يوجد المعروف عندما يضيع المعروف توجد العدالة عندما تضيع العدالة توجد الطقوس فالطقوس الآن هي قشرة الإيمان وبداية الفساد. قلت : لقد علا صوت النفاق والفساد . جاء رد جبران علّي غاضبا :ويل لأمة تقابل كل فاتح بالتطبيل والتزمير ويل لأمة تكره الضيم في منامها وتخضع له في يقظتها ويل لأمة لا ترفع صوتها إلا وراء النعوش. قلت إذا فهل نحن فاشلون في ثورتنا ؟ أجاب فيلسوف آخر : الفشل في التخطيط يقود إلي التخطيط للفشل. سألت وما الحل ؟ أجابني فيلسوف ثان: قد يجد الجبان 36 حلاً لمشكلته ولكن لا يعجبه سوي حل واحد منها وهو .. الفرار. قلت إذا هل يمكنا استعادة الثقة في أنفسنا وفي ثورتنا ؟ أجابني راو آخر : سُئل نابليون كيف استطعت أن تولد الثقة في نفوس أفراد جيشك ؟ فأجاب: كنت أرد بثلاث علي ثلاث ، من قال لا أقدر قلت له: حاول، ومن قال : لا أعرف قلت له تعلم ،ومن قال: مستحيل قلت له جرب. مسك الكلام .. "سأل الممكن المستحيل : أين تقيم ؟ فأجابه في أحلام العاجز." ومصر ليست عاجزة ، ولن تعجز أبدا ..والمصريون كذلك .