أيام قليلة ويهل علينا شهر رمضان الكريم وبحلوله تتبادر العديد من الأسئلة الشائعة يجيب عنها الدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية ومنها السن الشرعية لوجوب صوم الفتي والفتاة موضحا أن المسلم مخاطب ومكلف من وقت بلوغه بأن يلتزم بهذه الأركان التي منها صيام شهر رمضان، ويكون البلوغ للفتي بالاحتلام وللفتاة بظهور الحيض، فإن لم يظهر ذلك منهما فببلوغ خمس عشرة سنة قمرية لكليهما. وعن حكم من أكل أوشرب بعد طلوع الفجر دون أن يعلم بطلوعه فنصح بأن عليه الإمساك بقية اليوم ؛ لِحُرْمة الشهر الكريم. وعليه القضاء..ولأن الشهر الكريم يأتي مواكبا للحر فأوضح أن حكم التبرُّد بالماء أثناء الصوم،جائزٌ شرعًا ولا يُفسِد الصوم وأنه علي الصائم أن يحرص علي عدم دخول الماء إلي جوفه من الفم أوالأنف، فإذا حصل دخول جزء من الماء في الجسم بواسطة المسامِّ فإنه لا تأثير له؛ لأن المُفطِر إنما هو الداخل من المنافذ المفتوحة حِسًّا للجوف. وعن حكم استخدام العطور في نهار رمضان للتطيب؟ قال إن العطر في نهار رمضان لا يفسد الصيام وكذلك الحال للمضمضة والاستنشاق فيجوز للصائم المضمضة والاستنشاق، ويكره المبالغة فيهما. وعن ترخيص الفطر لمن يداوم علي السفر نظرًا لطبيعة عمله؟افأوضح أن الله سبحانه وتعالي رخص للصائم المسافر أن يفطر متي كانت مسافة سفره لا تقل عن مرحلتين وتُقَدَّران بنحو ثلاثة وثمانين كيلومترًا ونصف الكيلومتر، بشرط ألا يكون سفره هذا بغرض المعصية، وأناط الشرع رخصة الفطر بتحقق علة السفر فيه من دون نظر إلي ما يصاحب السفر عادة من المشقة؛ فصلح السفر أن يكون علة لأنه وصف ظاهر منضبط يصلح لتعليق الحكم به، والحكم يدور مع علته وجودًا وعدمًا، فإذا وُجد السفر وُجِدَت الرخصة، وإذا انتفي انتفت، أمَّا المشقة فهي حكمة غير منضبطة؛ لأنها مختلفة باختلاف الناس، فلا يصلح إناطة الحكم بها، ولذلك لم يترتب هذا الحكم عليها ولم يرتبط بها وجودًا وعدمًا، قال تعالي: »وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَي سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ» »البقرة: 185» فمتي تحقق وصف السفر في الصائم ولم يكن إنشاؤه بغرض المعصية جاز له الفطر؛ سواء اشتمل سفره علي مشقة أم لا، وسواء أتكرر سفرُه هذا أم لا، حتي لوكانت مهنتُه تقتضي سفره المستمر فإن هذا لا يرفع عنه الرخصة الشرعية، وبين الله سبحانه مع ذلك أن الصوم خير له وأفضل مع وجود المُرَخِّص في الفطر بقوله تعالي: » وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ » »البقرة: 184» والصوم خير له من الفطر في هذه الحالة وأكثر ثوابًا ما دام لا يَشُقُّ عليه؛ لأن الصوم في غير رمضان لا يساوي الصوم في رمضان ولا يُدانيه وذلك لمن قدر عليه، فإذا ظن المسافر الضرر كُرِه له الصوم، وإن خاف الهلاك وجب الفطر. وعن بلع البلغم يوضح المفتي أن بلعه أثناء الصيام لا يفطر عند الجمهور إلا إذا أخرجه الصائم ثم ابتلعه فإنه يكون مفطرًا. وحول حكم وضع النقط في الأنف أوالأذن أثناء الصيام؟ فأكد أن وضع النقط في الأنف مُفسِد للصوم إذا وصل الدواء إلي الدماغ، فإذا لم يجاوز الخيشوم فلا قضاء فيه. وقد اختلف الفقهاء في صحَّة صوم مَن صَبَّ في أذنه شيئًا أثناء الصوم؛ طبقًا لاختلافهم فيما إذا كانت الأذن منفذًا مفتوحًا موصلًا إلي الدماغ أو الحلق أو لا؛ والاختلاف في التصوير والتكييف ينبني عليه اختلافٌ في حكم المسألة؛ فمن اعتبرها منفذًا مفتوحًا موصلًا إلي الدماغ أوالحلق قال بفساد الصوم بالتقطير فيها إذا وصل شيءٌ من ذلك إلي الدماغ أوالحلق، ومن لم يعتبرها كذلك قال بعدم فساد الصوم بالتقطير فيها؛ سواء وجد أثر ذلك في الحلق أو لا. وعليه فإن استعمال قطرة الأُذُن أثناء الصوم من المسائل المختلف فيها، والمختار للفتوي أنها لا تفطر ما دامت طبلةُ الأذن سليمةً تمنع وصول مكوناتها إلي الحلق مباشرةً، والصوم حينئذٍ صحيحٌ؛ سواء ظَهَرَ أثرُ النقط في الحلق أو لم يَظْهَر، فإن قرر الطبيب أن فيها ثقبًا بحيث يَسمَحُ بوصول تلك المكونات إلي الحلق مباشرةً فإنها حينئذٍ تفطر. وعن استعمال الحقنة الوريدية أو في العضل للعلاج أوللتقوية فأوضح أن ذلك لا يبطل الصوم بشيء مِمَّا ذكر؛ لأن شرط نقض الصوم أن يصل الداخل إلي الجوف من منفذٍ طبَيعي مفتوح ظاهرًا حِسًّا، والمادة التي يحقن بها لا تصل إلي الجوف أصلا، ولا تدخل من منفذٍ طبَعي مفتوحٍ ظاهرًا حِسًّا، فوصولها إلي الجسم من طريق المسامِّ لا ينقض الصوم. وعن استعمال الحقن الشرجية أثناء الصوم فأكد أن مذهب جمهور العلماء أنها مفسدة للصوم إذا استُعمِلَتْ مع العَمْد والاختيار؛ لأن فيها إيصالا للمائع المحقون بها إلي الجوف من مَنْفَذٍ مفتوح، وهناك قولٌ للمالكية أنها مباحة لا تُفطِر، وهو وجهٌ عند الشافعية، وفي قولٍ آخر عند المالكية أنها مكروهة يُستحب قضاء الصوم باستعمالها. وبناءً علي ذلك: فيمكن تقليد هذا القول عند المالكية لمن ابتلي بالحقنة الشرجية ونحوها في الصوم ولم يكن له مجال في تأخير ذلك إلي ما بعد الإفطار، ويكون صيامه حينئذٍ صحيحًا ولا يجب القضاء عليه، وإن كان يستحب القضاء خروجًا من خلاف جمهور العلماء. وحول أخذ إبر الأنسولين خلال الصوم فأوضح أنه لا مانع شرعًا من أخذ حقن الأنسولين تحت الجلد أثناء الصيام ويكون الصيام معها صحيحًا لأنها وإن وصلت إلي الجوف فإنها تصل إليه من غير المنفذ المعتاد ومن ثَمَّ يكون الصوم معها صحيحًا. وعن الغسيل الكلوي أثناء الصيام فأشار إلي أنه لا يضر الصيام طالما كان من الأوردة والشرايين. وعليه فإن الصوم لا يفسد بالغسيل الكلوي. وأكد أن استعمال السواك أوالمعجون وفرشاة الأسنان أثناء الصوم جائز، بل هومستحبٌّ خاصة في الصباح بعد اليقظة من النوم، وعند تغير الفم، وقد كره الإمام الشافعي استعمال السواك بعد الزوال للصائم؛ لِمَا جاء في الحديث الشريف من أن خلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك، وهذا معني حسن إن كان الناس لا يجدون رائحته، فإن كان الصائم يتعامل مع الناس فإن الأَفضل له أن يغير رائحة فمه ولو بعد الزوال؛ توقِّيًا من تَأَذِّيهم برائحته؛ لأن درء المفاسد مقدَّمٌ علي جلب المصالح. وكذلك الحال في استعمال المعجون وفرشاة الأسنان في نهار رمضان، بشرط أن يُنَقَّي الفم بالماء جيدًا من آثار المعجون حتي لا تتسرب مادته إلي الحلق، فإن بقيت رائحة المعجون أو طعمه فإنَّ ذلك لا يُؤثِّر ما دامت مادة المعجون نفسها قد زالت. وعن صلاة التراويح في المنزل فأوضح جواز ذلك ولكن صلاتها في الجماعة أفضل علي المفتي به، وهو مذهب جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنابلة.