لو كانت المساحة تسمح لنشرت قصيدة حافظ إبراهيم: مصر تتحدث عن نفسها. أو دونت الكلمة التي وجهها الرئيس عبد الفتاح السيسي، عبر صفحته لموقع التواصل تحية تقدير للمصريين علي مشاركتهم الإيجابية خلال الاستفتاء علي التعديلات الدستورية 2019، أو نشرت بيان المستشار لاشين إبراهيم، رئيس الهيئة الوطنية للانتخابات. الذي أعلن فيه بأرقام واضحة ومحددة النتيجة. لكن المهم المقدمة التي تلاها المستشار لاشين، قبل الوصول إلي إعلان النتائج وتحدث فيها باستفاضة عن ملابسات العملية الديمقراطية التي تمت بين المصريين سواء من يعيشون في الخارج أو من قرروا البقاء داخل الوطن. الأرقام سيذكرها التاريخ. وسيدونها بحروف من نور. لكن تبقي الدلالات المهمة. أدليت بصوتي في الأقصر. كنت في مهمة برلمانية أثرية هناك. وشاهدت التحضر الذي يقول إنها انتخابات شعب تقف وراءه حضارة عظيمة. وعدت إلي القاهرة لأفاجأ بمدينة مغطاة باللافتات. لا توجد بينها لافتة واحدة حكومية. ولا من مؤسسات الدولة أياً كانت. ولكنها لافتات تبرع بها وكتبها أبناء الشعب المصري. بعد نجاح المصريين للقيام بعبور جديد لا يقل أهمية وخطورة عن عبور 1973، لابد أن نتوقف أمام دلالات يجب ألا ننساها في زحمة ما نمر به من أحداث. كان الاستفتاء علي مقربة من عيد تحرير سيناء. وكان الاستفتاء معاصراً لمؤتمرين إفريقيين عقدا في القاهرة. قدمت فيها مصر طريق الخروج إلي المستقبل. والطريق الذي يؤدي إلي بدء بناء السودان وليبيا بعد إنهاك ما جري لهما. البطل الجوهري هو المواطن المصري. الذي أثبت نجاحه في مواجهة معركة التحدي والاستجابة. استجاب لمصر ومن أجل مصر. أيضاً لابد من تحية قواتنا المسلحة التي وفرت حماية حقيقية للجان. وشرطتنا الباسلة وقضاتنا الشرفاء وإدارة دولتنا النزيهة. تكاتف الجميع من أجل أن يكتبوا شهادة لعبور جديد تطل به مصر علي المستقبل. وتبني قادم الأيام. وتؤسس لعصر جديد. في اللجنة التي أدليت بصوتي فيها كان الموظف الشاب يعطيك بطاقة إبداء الرأي تحت سمع وبصر القاضي. وتذهب إلي وراء ستارة لِتُعَلِّمْ ما تشاء. لم أسمع وأنا في الطريق إلي اللجنة أو عند الانصراف منها دفعا للناس علي أن يقولوا نعم أو أن يقولوا لا. كان رهان الاستفتاء هو ذهاب المصريين بجموعهم، بآلافهم، بملايينهم، ليقولوا رأيهم في تعديل بعض مواد الدستور. ذهبوا فرحين مستبشرين. اصطحب البعض منهم أطفالهم وأتي بعضهم بفرق المزمار البلدي. كأنهم كانوا علي موعد مع القدر للبدء في بناء مصر الجديدة التي تعلوها لافتة وحيدة هي: الاستقرار. المشاهد التي رآها المصريون لا تحصي ولا تعد. فربما كانت أول استفتاء علي تعديل بعض مواد الدستور علي الهواء مباشرة بالصوت والصورة. لم يكن لدي أحد ما يخفيه. وقال كل من ذهب إلي لجان الاقتراع رأيه بعد أن استفتي ضميره الوطني. وسأل مصر: ماذا يقول في هذه اللحظة التاريخية الحاسمة. تبقي حقائق ليس كل من قال لا خائن. العمل الحقيقي لبناء مصر الجديدة يبدأ بعد أن أعلنت نتائج الاستفتاء.