منذ عشرين عاما ويزيد وأنا أرصد أخبار النقابات والنوادي المهنية.. ومنهم نادي القضاة ونقابة المحامين.. كنت ومازلت أنظر الي قضاة مصر مثلي مثل كل المصريين نظرة إجلال واحترام، فهم ملجأ بعد الله لتحقيق العدل علي الأرض.. وهم ملاذ المظلومين.. وحصن الضعفاء أصحاب الحقوق الضائعة. كنت ومازلت أري في المحامين طوق نجاة لأي مظلوم لا يعرف في القوانين أو حتي يعرف بعضها.. المحامي بالنسبة له الطبيب الذي سيذهب به الي حجرة العمليات ويخرج به سليما معافي.. حرا طليقا. شرفت بأنني تعرفت علي المرحوم النقيب السابق أحمد الخواجة.. عاصرت الحراسة القضائية علي نقابة المحامين، وكيف أن المجتمع المصري كله اهتز لهذا الحكم.. طالت الحراسة وجاء النقيب الأسبق سامح عاشور.. صال وجال في النقابة.. اتفق واختلف كثيرا.. قومية النقابة كانت همه الأول. ثم جاء النقيب السابق حمدي خليفة.. رجل الخدمات الذي قدم للمحامين الكثير.. واختلف كثيرا واتفق مع المحامين. لم تهز النقابة الأحداث الكثيرة.. ولم أرها تتأجج فيها النيران مثلما أراها الآن. من يؤجج نيرانها؟ لا أحد يعرف.. من ينفث أحقاده وشائعاته فإذا ما هدأت الأمور عاد الرماد ليصبح نارا؟ لا أحد يراه.. فهل سيظل الفاعل لدي حكومتنا مجهولا؟ أما رجال القضاء فقد عشت في رحابهم عمرا يجلون من يعمل معهم، وهم الأجلاء.. ويوقرون ويكبرون الصغار، وهم أصحاب القامات العالية. أذكر حين تلقفني المستشار مقبل شاكر رئيس نادي القضاة الأسبق وكنت في بداية حياتي الصحفية، فاذا بالكبير يزداد بتواضعه ودماثة خلقه كبراً.. كان كل القضاة علي السواء يحبونه ويحترمونه.. كان يقدم الخدمات والنصائح والمشورة بحب مع كل الاحترام، فعلم أجيالاً كيف يكون القاضي إنسانا. تعاملت بعد ذلك مع المناضل -حتي الآن- المستشار زكريا عبدالعزيز.. كان رئيسا للنادي وجندياً في ميدان المعارك السياسية والقانونية والمهنية. اختلف معه كثيرون، ووقف الي جواره في جميع مواقفه كثيرون.. والكل في النهاية غاية في الاحترام غاية في الوقار.. لم يخطئ أحد في حق أحد.. وماذا عساهم أن يفعلوا غير ذلك.. إنهم قضاة مصر. المستشار أحمد الزند هذا الرجل دمث الخلق ذو النبرة الهادئة منذ أول يوم رأيته داخل نادي القضاة.. إنه قاض تحب أن تسمعه.. إذا تحدث في القانون أنصت الجميع.. وإذا تحدث في روح القانون علم أجيالا.. أنا شخصيا أهنئ القضاة أعضاء النادي بمثل هذا الرجل الذي لا يجود بمثله الزمان كثيرا.. وعليهم أن يغتنموا فرصة وجوده بينهم. ولأنني معاصرة ومنذ البداية الأزمة التي حدثت بين الشريكين في تحقيق العدالة »القضاة والمحامين« فأنا في دهشة مما يحدث.. أري أن هناك من يشعل نارا.. أري النار بينما لا أتبين فاعلها. المحرضون كثيرون.. هذا مؤكد.. لكن أين هم؟.. وأين يسكنون؟ داخل النقابة أم داخل النادي؟.. للمحامين أعداء.. وللقضاة أعداء.. وللمجتمع أعداء ولمصر أعداء، فكيف نلمسهم ونراهم. هل نترك أعمالنا ونبحث عن المحرضين من المحامين أو الذين لا يريدون للقضاء المصري خيرا؟ شركاء العدالة »القضاة والمحامون« يجب أن ينتبهوا لمثل هؤلاء فمن المؤكد انهم شياطين ينفثون في آذان البعض فتشتعل النار إليهم.. وبكل تقدير وحب ومعرفة لقدرهم: المجتمع المصري هو المريض بين يديكم، فإما تنقذونه وتعيدون له الحياة.. وإما تتركونه فريسة لهؤلاء الشياطين محترفي الحرائق.