خريطة مصر تحولت إلي بؤر توتر واحتقان واشتعال ينشب هنا وهناك ، كان من المفترض ان نجعل من ثورة 25 يناير اعظم ثورة في التاريخ ، لكن ما يجري في الواقع يؤكد أننا ننجرف نحو أاعظم فوضي في التاريخ ان لم نفق مما نحن فيه . الخيار لنا ، إما ان نجعلها ثورة نقية عفية خالية تماما من الاطماع والمصالح الشخصية ، واما ننجرف مع الفوضي التي ستجعلنا نعض بنان الندم عندما لا ينفع الندم ، اما ان نفعل هذا وأما أن يجرفنا ذاك ليغوص بنا في الاعماق ، علينا بكل صراحة ووضوح ان نختار بين الثورة والفوضي! الثورة لا تعني الانفلات في كل شيء ، الثورة لا تعني العشوائية في التفكير والاندفاع واتخاذ القرارات ، الثورة لا تعني شل مسيرة الحياة بقطع الطرق ، وافتراش الميادين ، وحرق الكنائس لاشعال الفتنة ، والبربخة بالتصريحات والعبارات اللا مسئولة من فوق شاشات الفضائيات ، واستعداء الشعب علي الشرطة ، ومحاولات الوقيعة واحداث الصدام المباشر بين الشعب وقواته المسلحة التي حمت ثورته ، ومواصلة الاضرابات التي لا تتوقف وتواصل بالعدوي انتقالها من قطاع لقطاع ، قطاع النقل مشتعل بإضراب سائقي الاوتوبيسات ، اشتعال آخر في قطاع الصحة بإضراب الاطباء ، اشتعال ثالث في الجامعات مع اول ايام العام الدراسي ، مسيرة للمسيحيين تقطع شارع شبرا مرورا بشارع رمسيس وصولا لماسبيرو وغلق طريق الكورنيش انتهاء بصدام بين المعتصمين وافراد الامن . حرائق هنا وحرائق هناك تبدو من الوهلة الاولي أن هناك اياد مازالت تنفخ في النار استغلالا لحالات الاحتقان الفئوي والطائفي لاحداث مزيد من الاشتعال ، كل المطالب مشروعة وعادلة لا احد ينكرها علي اصحابها لأنها جزء من مطالب الثورة التي تضع في مقدمة اولوياتها تحقيق العدالة الاجتماعية ، وتحقيق الحرية والمساواة ، وبناء المجتمع الحديث علي اساس ديموقراطي ، لكن لو تمعنا في المشهد جيدا سنجد ان كل المعالجات خاطئة ، سواء كانت من الحكومة والشعب والقوي الحزبية والائتلافات الثورية والتيارات الدينية والجماعات والجمعيات المدنية ، فالنار التي اشتعلت مؤخرا في قرية المريناب بادفو حول الكنيسة او المضيفة لو وجدت من يعالجها سياسيا بحصافة ما كان قد امتدت من أسوان لباقي المحافظات، بالتأكيد كان وراء ذلك معالجة غير حصيفة من المحافظ والاجهزة التنفيذية بالمحافظة إلي جانب عقلاء الامة بالقرية والمحافظ ، ولا يمكن اعفاء جميع اجهزة الاعلام من قصور المعالجة المهنية التي تتطلب الحيادية وتهدئة الرأي العام ، ومن جانبي اعلن رفضي التام لتلك المسيرات التي شلت الحياة بشارع شبرا ورمسيس خاصة وان من قاموا بها رفضوا فتح مسار لمرور السيارات التي كان من بينها مركبة طبيب في طريقه لاجراء جراحة او انقاذ مريض ، أو حالة تستدعي الضرورة نقلها لواحدة من المستشفيات . هذه صورة من صور الفوضي التي لا علاقة لها بنبل الثورة ، أو نبل الاعتراض والاحتجاج والاعتصام ، تعطيل اتوبيسات النقل أوعربات الاسعاف.فوضي ما كان من الممكن ان تحدث لو كانت هناك معالجة سياسية حصيفة من وزير يتحدي بالتصريحات وحكومة مرتعشة استمرأت اسلوب الطبطبة وتغييب قوة القانون . اليوم نحتفل بالذكري 38 لانتصارات حرب اكتوبر المجيدة التي اعادت لمصر والامة العربية كرامتها، في هذا اليوم نقف بكل اجلال لتحية قواتنا المسلحة التي جلبت لنا هذا النصر ، ونترحم علي شهدائنا الابرار الذين بذلوا الدماء الذكية فوق رمال سيناء الحبيبة .