المشهد البشع لقتل حاكم ليبيا السابق القذافي يبدو غريبا علي شعب ليبيا الشقيق. وحرص وسائل الإعلام الغربية علي إذاعة المشهد وتثبيته في الذاكرة لا يمكن أن يكون بريئا. والتشديد علي أن قوات حلف »الناتو« كانت بعيدة عن القتل يبدو مقصودا ومتعمدا.. فأهل »الناتو« كما يراد لنا وللعالم أن نصدق أبرياء مسالمون متمسكون بالقانون، أما العرب فهذا حالهم(!!) ولهذا جئنا إلي ليبيا.. ليس من أجل البترول!! بالطبع كنا نتمني لأشقائنا في ليبيا ألا يسيئوا للحظة انتصار الثورة بهذا المشهد، ولكنهم كانوا بلاشك ضحايا لسنوات طويلة من القهر، وأيضا ضحايا لتدخل أجنبي يريد أن يغسل يديه مماحدث، وأن يحتفظ بصورة المنقذ الذي يتدخل لوجه الله ولحماية الشعوب من بطش حكامها المستبدين، ويستعد بعد ليبيا لتقديم خدماته الجليلة في بلاد عربية أخري.. بشرط أن تكون مستعدة لتسديد الفواتير(!!) مشهد قتل القذافي علي بشاعته لا ينبغي أن ينسينا خمسين ألف ضحية من أشقائنا الليبين راحوا ضحية القتال منذ تدخل »الناتو«، ولا أكثر من مائة ألف من المعاقين والمصابين بإصابات جسيمة. ولا ينبغي أن ينسينا أن ما دفعته ليبيا حتي الآن قد يكون أقل بكثير من الذي ستدفعه في الأيام القادمة إذا لم تضمد الجراح، وتحاصر آثار الجرائم التي ارتكبت أثناء القتال من كل الأطراف. وإذا لم تبذل كل الجهود لمنع حروب داخلية بين القبائل والعشائر في بلد لم يعرف »الدولة« ومؤسساتها، ويغرق الآن في طوفان من الأسلحة، ومن دعوات الثأر، ومن فرق التطرف التي ورثت عن نظام القذافي أسوأ ما فيه وعن »طالبان« كل إبداعاتها!! شعب ليبيا الشقيق الطيب قادر بلاشك علي اثبات أن لحظة »الانتقام الوحشي« ليست هي التعبير الصحيح عنه، ونحن في مصر لابد أن نكون السند الأقوي لأشقائنا في ليبيا وهم يمرون بأصعب لحظات تاريخهم. وليبيا بالنسبة لنا ليست فقط دولة جوار مهمة، ولا قضية أمن قومي، بل شراكة لا تنتهي وعائلة واحدة لا تتفرق. أما الجامعة العربية التي كانت بوابة التدخل الأجنبي في ليبيا، فعليها أن تقدم كشف حساب بما حدث، وبالثمن الذي تم دفعه، والثمن الذي سندفعه، والدروس التي خرجنا بها. وعليها أن تقول لنا وللأشقاء في ليبيا، كيف سيكون الدعم العربي لهم حتي يجتازوا الموقف الحالي ويستعيدوا وحدتهم وسيطرتهم الكاملة علي أرضهم الحرة وثروتهم المنهوبة. كل الأمنيات لليبيا الحرة وشعبها الذي تحمل الكثير.. ومازال. جلال عارف