اللهم لا شماتة.. ولا شماتة في الموت.. نعم لقد اختار القذافي أن يكون مقتله مأساويا مثل حياة الشعب الليبي في حياته.. ولكننا تربينا علي أن للدم حرمته.. ومقتل القذافي أو سقوط نظامه بهذه الطريقة وتدخل الناتو جعل الفرحة منقوصة.. جعل جمال المناسبة قبيحا.. وفرحتها ثقيلة الدم.. وصدقها كاذبا.. وزادت مشاهد بثتها الفضائيات في التعامل مع الثأر من جثة القذافي العارية والملطخة بالدماء من منسوب الحزن والغضب الجوّاني.. فهي تكشف فيما تكشف عن شكل التعبير عن النصر الافتراضي !.. لم أتعاطف يوما مع القذافي ونظامه الديكتاتوري الكريه.. وهو الذي أضاف إلي الغطرسة والقتل قدرا كبيرا من الهلوسة والتخاريف وتبديد الثروات بطريقة مجنونة.. ولكن ما شاهدته من انتقام له وهو قد رحل إلي حساب لا مجال فيه للظلم.. من تشهير بجثمانه أثار شفقتي.. فقد كرهت شكل التعامل مع جثته وهي تتنقل من ساحة إلي أخري.. ومن عدسة كاميرا إلي فلاش كاميرا أخري.. لأن للموت حرمته.. لم تفارق مخيلتي حالة بعض الزعماء العرب.. وهم يتابعون الأنباء.. خاصة تلك الصور.. يكاد الفضول يقتلني لمعرفة ما دار في رؤوس هؤلاء...هل يرون صورهم مكان صورة العقيد علي سبيل المثال...هل يشمتون فيه أم يشفقون عليه...لا أدري بالضبط.. ما الذي يدور في أذهانهم.. ولكنني علي يقين من شيء واحد.. أن فرائص هؤلاء ترتعد.. وأن الأرض تضيق عليهم بما رحبت.. وأنهم قضوا واحدة من أسوأ ليالي حكمهم غير السعيد.. في انتظار الليلة الأسوأ.. عندما يسدل الستار علي الفصل الأخير من سنوات ظلمهم.. إنها نهاية نتمني أن تكون عبرة للطغاة الذين لا يزال بعضهم سادرا في غيه.. وممعنا في عناده.. وإلا فهل يبدو مصير القذافي بعيدا عن بشار الأسد الذي يقتل شعبه ليل نهار.. وهل سيكون السوريون الذين هتفوا أمس" يا سوريا لا تخافي.. بشار بعد القذافي "أكثر رحمة به إذا ما تمكنوا منه ؟..لا أظن .. علي ليبيا وشعبها التفكير في شكل المستقبل الموعود والمطلوب لشعب سيبني دولة من الصفر في كل القطاعات المجتمعية والإنسانية.. من تعليم وصحة ونقل وتكنولوجيا والأهم علاقات سليمة بين عشائره ومناطقه الجغرافية.. أخطر لحظات الثورة هو يوم النصر.. فاليوم التالي له سيكون خاليا من الطاغية الذي علقنا عليه كل أسباب التراجع.. فماذا ستفعل الثورة غدا؟.. هذا هو السؤال الذي تتطلب الإجابة عنه.. وحدة داخلية ليبية ونظام سياسي ديمقراطي وحكومة انتقالية تبدأ العمل لحياة كريمة للمواطن الليبي !..