من أهم نتائج الثورات العربية وأهم مشاهد التاريخ الحديث سجن الرئيس المصري السابق حسني مبارك ومقتل معمر القذافي على يد ثوار ليبيا في مشاعر تتقلب بين الدهشة والحزن والفرحة والتأمل وكأن ما يحدث هو مجرد حلم في عقول العرب فتلك نهاية كل ظالم فاسد قتل الشعب بالسيف أو بالفقر والفساد اللهم لا شماتة فنحن أمام نهايات مأساوية ودموية لحكم ديكتاتوري نهاية بسجن رئيس وأبنائه ونهاية بقتل رئيس وأبناءه وهي مشاهد نادرة الحدوث و لن تمحى من ذاكرة التاريخ العربي والعالمي فهذا النوع من انتهاء السلطة بسجن الحاكم أو بقتله لم يحدث في العالم العربي منذ العصور الوسطى والعصر العباسي ومنذ عصر المماليك حيث كان البقاء للأقوى أو لمن يلتف حوله الشعب ليخلصهم من الملك الظالم فقد كانوا يقتلون الحاكم داخل قصره ويأتون برأسه للحلفاء فرغم بشاعة مشهد مقتل القذافي وظهوره في صورة رثة وبائسة تثير الشفقة وهو يترنح ويسحل غارقاً في دمائه تعكس كل معاني الذل والضعف وكان من الأفضل القبض عليه حياً ومحاكمته بشكل قانوني إلا أنها نهاية متوقعة وعادلة لشخص قتل شعبه وهاجمهم بالطائرات وقاد ليبيا لحرب أهلية بين الشعب والجيش وإلى تدخلات سياسية وعسكرية من حلف الناتو وأوقع شهداء و قتلى في كل بيت في ليبيا فمن قتل يقتل ولو بعد حين ليكون عبره لكل طاغي ظالم ولكن السؤال الأهم من الذي أصدر القرار بالتصفية السريعة للقذافي؟ ولماذا تم تصوير جثته بهذا الشكل ومن صاحب هذا القرار؟ فمقتل القذافي بهذا الشكل يذكرنا بمقتل ديكتاتور رومانيا " نيكولاي تشاوشيسكو "عام 1989، على يد الجيش الروماني بعد ثورة شعبية وهي أسرع محاكمة في القرن العشرين حيث تم تنفيذ حكم الإعدام فيه هو و زوجته داخل قصرهما رميا بالرصاص أمام شاشات التلفاز فكم تعامل الثوار والجيش المصري بعقلانية وقانونية في التعامل مع رموز النظام السابق فالشعب العربي كان يتمنى ألا ينتهي هذا الحكم بشكل مأسوي فالبداية كان الكل يحلم بحياة كريمة وحرية وعدالة اجتماعية فقط و بانتقال آمن للسلطة بدون محاكمات وقتل وحروب العصابات والبلطجة ووقوع آلاف الشهداء والقتلى ولكن هؤلاء الطغاة هم من رسموا نهايتهم بأيديهم الملطخة بالدماء وفكرهم المنحرف وضميرهم الفاسد وعنادهم على عدم ترك السلطة فلا هم تمتعوا بالأموال التي سرقوها ولا هم يعيشون حياة كريمة آمنة فلماذا كان الإصرار الأعمى على التمسك بالسلطة؟ وهكذا يتساقط الطغاة واحد تلو الآخر ويا ترى من سيكون عليه الدور؟ فليعتبر بذلك باقي الحكام العرب ألم يحن الوقت لديكتاتور سوريا أن يفيق ؟ فقد وصفنا القذافي بالمجنون بسبب أسلوبه وقتاله لشعبه بالأسلحة العسكرية ولكن الحقيقة أنه ليس المجنون الوحيد فقد أرتكب بشار الأسد جنوناً ومجازر في شعبه أكثر مما فعل القذافي ليبيا الآن تدخل مرحلة جديدة في التاريخ وعليها أن تواصل الكفاح والإصرار لتحقيق التنمية والديمقراطية فليبيا تمتلك الكثير من المقومات والخيرات التي تجعلها قادرة على تحقيق تنمية شاملة وأن تكون أفضل من الحالة التي عليها فيجب على المجلس الانتقالي الليبي والشعب والجيش التعاون والتحالف لتنضم ليبيا كقوة لتحقيق تنمية عربية عملاقة في كل المجالات وكما ذكرت في مقال سابق أن التنمية العربية هي استثمار وحماية للثورات وسبيل لاستعادة هيبة الكيان العربي