[email protected] حتي عقود قليلة مضت كان الانسان يبدو عاجزا عن مواجهة المخاطر الطبيعية الناتجة من الارض »الزلازل، والانهيالات، والانفجارات البركانية« من الهواء »العواصف، الحرائق الكبيرة، والجفاف« او من المياه »الفيضانات والامواج الشديدة الارتفاع«، وفي نفس الوقت كان المستحيل التنبؤ بموعد حدوثها. وفي نفس الوقت فإن انشطة الانسان تتسبب في حدوث أمثال هذه الكوارث، وفي بعض الاحيان تزيد من خطورتها. فالجفاف ينتج عن استخدام الارض بطريقة فوضوية، والفيضانات التي تخرب المجمعات الكيمياوية تنتج عن إزالة الغابات، وارتفاع درجة حرارة الارض ينتج بسبب عدم التحكم في انبعاثا الغازات بتأثير الدفيئة وثقب طبقة الأوزون.. لكن بتقدم العلوم أمكن العمل علي التخفيف من النتائج السيئة المترتبة علي بعض الكوارث او الناتجة عن انشطة الانسان. فمثلا في حالة الزلازل بلا شك انه لايمكن منع حدوثها، لكن نستطيع علي الاقل ان نحدد المناطق العالية الخطورة، وان نقدر احتمالات حدوثها في المستقبل بناء علي المؤشرات الماضية، كما يمكننا معرفة الاحتياطات التي يجب اتخاذها عند ظهور بعض المؤشرات التي تدل علي قرب وقوع الزلازل، وما يجب عمله في اعقاب وقوع الكارثة الزلزالية مباشرة.. فالعديد من الزلازل تسبقها هزات، وتشوه ارضي كبير، وتغيرات محلية في مجالات الارض الكهربائية او المغناطيسية، وتغيرات في مستوي مياه الآبار، وانبعاثات في غاز الرادون، وثاني أكسيد الكربون، بالاضافة إلي غازات اخري من خلال شروخ في القشرة الارضية. بالنسبة إلي الانفجارات البركانية، يمكن نسبيا التنبؤ بها لأن العملية البركانية يحددها العديد من العوامل المادية والكيماوية، والتي يمكن رصدها كل علي حدة، فالانفجارات يسبقها دائما نشاط زلزالي مكثف وتضخم ارض، فبينما تصعد المواد المنصهرة إلي السطح، يبدأ التضخم الارضي وتظهر فتحات غازات جديدة، إلي جانب تغيرات في تكوين الغاز، واضطرابات محلية في جاذبية الارض ومجالاتها المغناطيسية. وللتحذير من حدوث الانفجارات البركانية- كما يقول العالم الايطالي »فابريزيو فيروتشي« بعدد رسالة اليونسكو الصادر في أكتوبر 7991- يتطلب توافر معلومات نستمدها من مجموعة مركبة من الشبكات وهي: شبكة للزلازل، وشبكات لرصدالمكونات الافقية والرأسية لتشوهات الارض، وشبكة من اجهزة قياس القدرة المغناطيسية للارض، وشبكة لقياس التغيرات الصغيرة جدا في مجال الجاذبية المحلية، وآلية خاصة لتحليل الغازات البركانية. من هنا يتضح انه لتخفيف آثار الكوارث الطبيعية يجب تثقيف الناس وتوعيتهم بالمخاطر المحتملة، حتي انه في فناء إحدي مدارس مدينة لوس انجيلوس بولاية كاليفورنيا الامريكية كانت تعقد دورات تدريبية لتلاميذ المدرسة ولعدة ايام علي وسيلة اتقاء الزلازل. وبسبب عدم توافر الوعي الكافي عندالناس واستجابتهم للتحذير مات أكثر من 003 الف فرد في بنجالاديش بسبب الاعصار الحلزوني في نوفمبر 0791، ولكن في مايو 5891 ادي التنبؤ الافضل والاستجابة السليمة للتحذير من اعصار حلزوني من نفس القوة إلي انخفاض الوفيات إلي اقل من 01 آلاف فرد. ايضا يجب تقييم المخاطر المتوقعة من الكوارث الطبيعية بقدر الامكان حتي يمكن التخفيف من اثارها الاكثر تدميرا. ثم يجب تدريب انشط العناصر في السكان علي مواجهة تلك الاخطار والذين بدورهم يقومون بتوعية مجموعة اخري من السكان، فالتحذير والاجلاء المناسب انقذ السكان الذين يبلغ عددهم 03 الفا اثناء انفجار بركان »ماونت بيناتوبو« في الفلبين في عام 1991. من المهم جدا تحويل الاهتمام من رد الفعل بعد الكارثة إلي العمل قبل الكارثة، فتدابير الوقاية من الكوارث تكلف اقل كثيرا من النفقات التي تنفق علي الاغاثة وإعادة التعمير، التي تلي الكارثة، ومع ذلك فإن كثيرين من اصحاب صناعة القرار يميلون إلي التركيز علي الاغاثة، ويتعاملون مع اوضاع الكوارث بطريقة وقتية عندما تصادفهم!! كاتب المقال استاذ بكلية الهندسة- جامعة الإسكندرية