موعد ظهور نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 عبر بوابة الأزهر الإلكترونية (تصريحات خاصة)    سعر الدولار مقابل الجنيه في مستهل تعاملات اليوم الجمعة    أكسيوس: باريس تشهد أول مفاوضات رفيعة المستوى بين إسرائيل وسوريا منذ 25 عاما    مجلس الأمن الدولي يعقد جلسة طارئة اليوم على خلفية التصعيد بين كمبوديا وتايلاند    القنوات الناقلة مباشر لمباراة الأهلي والبنزرتي التونسي الودية اليوم.. والتردد والموعد    نجم الزمالك السابق: مصطفى شلبي رحل من الباب الكبير.. وجون إدوارد يعمل باحترافية    في حادث مأساوي.. مصرع أم وابنتها وإصابة 3 من أطفالها في حادث سقوط سيارة في ترعة بالبحيرة    شديد الحرارة والعظمى 44.. حالة الطقس في السعودية اليوم الجمعة    مصطفى كامل: دعمي لشيرين مش ضد أنغام.. ومكنتش أعرف بالخلاف بينهم    رسميا، مانشستر يونايتد يمنع طباعة أسماء ثلاثة من أساطير النادي على قمصان الموسم الجديد    طريقة عمل بلح الشام، باحترافية شديدة وبأقل التكاليف    «اللجنة الوطنية والهجرة الدولية» تطلقان حملة للتوعية بالمخاطر غير النظامية    قانون الإيجار القديم يحسم النقاش.. ما مصير المستأجرين بعد مرور 7 سنوات من الإقامة؟    هل بيع قطعة أرض أو طرح مشروع لمستثمر يعد استثمارا أم لا؟ محمود محيي الدين يجيب    محمود محيي الدين: مستعد لخدمة بلدي فيما أصلح له.. ولن أتردد أبدًا    محمود محيي الدين: نجاح الإصلاح الاقتصادي بقوة الجنيه في جيب المواطن    رسميا.. قائمة بالجامعات الأهلية والخاصة 2025 في مصر (الشروط والمصاريف ونظام التقسيط)    هل الجوافة تسبب الإمساك؟ الحقيقة بين الفوائد والأضرار    لحماية نفسك من فقر الدم.. 6 نصائح فعالة للوقاية من الأنيميا    تدهور الحالة الصحية للكاتب صنع الله إبراهيم من جديد ودخوله الرعاية المركزة    بعد عمي تعبان.. فتوح يوضح حقيقة جديدة مثيرة للجدل "فرح أختي"    استمرار استقبال طلاب الثانوية العامة لاختبارات العلوم الرياضية بالعريش    درجة الحرارة تصل ل48.. موجة حارة شديدة تشعل أكثر من 200 حريق في تونس    إحباط محاولة تهريب 8000 لتر سولار لبيعهم في السوق السوداء بدمياط    حفل تخرج دفعة جديدة من طلاب كلية العلوم الصحية بجامعة المنوفية.. صور    نقابة التشكيليين تؤكد استمرار شرعية المجلس والنقيب المنتخب    الأوقاف تفتتح اليوم الجمعة 8 مساجد في 7 محافظات    "الجبهة الوطنية" ينظم مؤتمراً جماهيرياً حاشداً لدعم مرشحيه في انتخابات الشيوخ بالجيزة    خالد الغندور يكشف مفاجأة بخصوص انتقال مصطفى محمد إلى الأهلي    وزارة الصحة تنظم اجتماعًا لمراجعة حركة النيابات وتحسين بيئة عمل الأطباء    مصدر للبروتين.. 4 أسباب تدفعك لتناول بيضة على الإفطار يوميًا    الخارجية الأردنية: نرحب بإعلان الرئيس الفرنسي عزمه الاعتراف بالدولة الفلسطينية    أحمد سعد: ألبوم عمرو دياب مختلف و"قررت أشتغل في حتة لوحدي"    ميريهان حسين على البحر وابنة عمرو دياب مع صديقها .. لقطات لنجوم الفن خلال 24 ساعة    "صيفي لسه بيبدأ".. 18 صورة ل محمد رمضان على البحر وبصحبة ابنته    سعاد صالح: القوامة ليست تشريفًا أو سيطرة وإذلال ويمكن أن تنتقل للمرأة    تنسيق الجامعات 2025، شروط الالتحاق ببعض البرامج المميزة للعام الجامعي 2025/2026    بعد تغيبه عن مباراة وي.. تصرف مفاجئ من حامد حمدان بسبب الزمالك    جوجل تعوّض رجلًا التقط عاريًا على "ستريت فيو"    القبض على طرفي مشاجرة بالأسلحة البيضاء في الجيزة    بعد ارتباطه بالانتقال ل الزمالك.. الرجاء المغربي يعلن تعاقده مع بلال ولد الشيخ    حزب "المصريين": جهود مصر لإعادة إدخال المساعدات إلى غزة استكمال لدورها التاريخي تجاه الأمة    الهلال الأحمر المصري يرفع قدرات تشغيل مراكزه اللوجيستية لنقل الإمدادات إلى غزة    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية الجمعة 25 يوليو 2025    بدأت بفحوصات بسيطة وتطورت ل«الموضوع محتاج صبر».. ملامح من أزمة أنغام الصحية    4 أبراج «بيشتغلوا على نفسهم».. منضبطون يهتمون بالتفاصيل ويسعون دائما للنجاح    الثقافة المصرية تضيء مسارح جرش.. ووزير الثقافة يشيد بروح سيناء (صور)    سعر الفراخ البلدي والبيضاء وكرتونة البيض بالأسواق اليوم الجمعة 25 يوليو 2025    «دعاء يوم الجمعة» للرزق وتفريج الهم وتيسير الحال.. كلمات تشرح القلب وتريح البال    دعاء يوم الجمعة.. كلمات مستجابة تفتح لك أبواب الرحمة    "كنت فرحان ب94%".. صدمة طالب بالفيوم بعد اختفاء درجاته في يوم واحد    ادى لوفاة طفل وإصابة 4 آخرين.. النيابة تتسلم نتيجة تحليل المخدرات للمتهمة في واقعة «جيت سكي» الساحل الشمالي    إصابة 6 أفراد في مشاجرتين بالعريش والشيخ زويد    «كان سهل منمشهوش».. تعليق مثير من خالد بيبو بشأن تصرف الأهلي مع وسام أبو علي    الخارجية الأمريكية توافق على مبيعات عسكرية لمصر ب4.67 مليار دولار (محدث)    نتنياهو يزعم أن إعلان فرنسا اعترافها بدولة فلسطين «يكافئ الإرهاب»    هل لمبروك عطية حق الفتوى؟.. د. سعد الهلالي: هؤلاء هم المتخصصون فقط    خالد الجندي: مساعدة الناس عبادة.. والدنيا ثمَن للآخرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



راسبوتين.. الرهبة والمجون

هناك حيث الصقيع الوحشي.. الثلج يبتلع الطرقات والبيوت المتراصة.. الشمس بيضاء.. شهباء تحاكي وهجة ماس مشعة.. الغابات الشاسعة متشحة ببياض الثلوج.. في سيبيريا قرية منسية بوكروفسكوي.. شهدت ميلاد الأسطورة جريجوار راسبوتين في 22يناير.. أما مقتله فمر عليه نيف و100عام.. هاهو العراف.. الفلاح أو (موچيك) البدائي.. الهمجي.. الأمي القادم من رحم الصقيع القارس والظلمة وهيمنة الغريزة علي مظاهر الحياة.. يتربع علي عرش الإمبراطورية الروسية التي كانت ويعجل بسقوطها.. لقد استغل الدين، السحر والتنويم المغناطيسي وقدراته الخارقة الروحية والجسدية في سفرته الجهنمية، لكن الخطأ الشائع هو القول إنه القس راسبوتين، فهو لم ينجح قط في الانتماء للكنيسة لكنه بالتزوير والزيف وارتداء الملابس والتقاط الصور تم الالتباس.. أما نحن في شرقنا السعيد فعرفنا أبناء وأحفاد راسبوتين من يستغلون الدين ويتدثرون بعباءته ويصدرون الفتاوي المغتصبة لوعي الشعوب.. الضمائر والأوطان.
راسبوتين حكاية قديمة.. جديدة حدثت بالأمس القصي وتحدث اليوم وقد تقع غدا إن لم يتم اقتلاع جذور حالة التدثر بالدين.. فوجب تجفيف المنابع وأهمها وأخطرها الكلمات والأفكار الحاضة علي الكراهية والفتنة الرچيمة، تداهمنا في كل عيد، أما الفارق بين راسبوتين وأحفاده أن الرجل لم يحض يوما علي إهدار دم أحد، أو تكفير أحد بل عندما حاول بعض رجال الدين آنذاك إلحاق الأذي بتولستوي وبذكراه توسط راسبوتين لدي القيصر نيكولاس الثاني لوقف تلك المهزلة.. راسبوتين المولع بالعربدة، الفسق والفجور تمتع بنظرة عين مغناطيسية لها بريق المعدن، صلبة، ثابتة، تخترق الروح والجسد في آن، تمتلك غياهب النفس وأغوارها ولقد ذكر خطورة دور النساء في وصوله إلي السلطة المطلقة من أول الفلاحة، الغجرية، الغانية وصولا إلي النبيلة ثم إلي ألكسندرا زوجة القيصر وهو يقول: »إن النساء أهم وأخطر من الرجال.. فيجب البدء بهن! هكذا أعمل.. إن النساء يقعن تحت وطأة رجولتي التي لا تقاوم.. وبقدراتي في مجال الفحولة الخارقة أخضع النساء.. واللاتي بالتالي يؤثرن علي الرجال»‬.. ونجد عبر التاريخ وحتي يومنا هذا النساء وراء صعود تلك النماذج، فالمرأة بتكوينها المائل إلي المازوكية تتأثر بالشخصية المحملة بالتناقضات.. الطاغية.. المترنح بين القسوة والخشونة وبين الحنان الدافق والاحتواء.. وأيقن الواعظ، الماجن المسمي براسبوتين أن أسرار المتعة لدي الأنثي هي هي لا تتغير فلا فرق بين الغجرية والأميرة، وعقيدته التي استوحاها من مذهب الكليستي هي: »‬الشر ضروري لكي ينتصر الخير، إن الرب لا يحب سوي عباده الذين يتطهرون بعد السقوط في الخطيئة والمعصية.. هذه النظرية المتسامحة تناسب تكوين راسبوتين العفي، الشهواني، النهم.. وهاهو من خلال هذا اليقين الغريب ينعم بأنوار السماء وثمار الأرض اليانعة، ولقد قرر أن الملذات الأرضية حبيبة إلي الله، فهي أحب إلي الرب من الفضيلة الجافة، اليابسة فكيف تكون التوبة إن لم يكن هناك سقوط؟ ولقد اتهموه بالسيكوباتية الجنسية، ولكن لا يهم، فنحن بشر.. هكذا يجيب هذا الذي يصلي بورع وخشوع في الصباح، أما الليل فهو زمان ومكان لأنهار الفودكا والنبيذ وموسيقي ورقص الغجر والنهل بشغف فادح من الملذات، فهذا هو زمن الإفراط في كل شيء ومادام القيصر متسامحا والقيصرة راضية وممتنة فهو الوحيد القادر علي علاج وشفاء القيصر الصغير المريض، فليذهب إذن الجميع إلي الجحيم.
وبينما يتزايد مجون ونفوذ راسبوتين السياسي والاجتماعي.. لقد وصل إلي الذروة هو يعين الوزراء ويقيلهم، هو مستشار القيصر، هو الملهم والمهيمن والأموال تتدفق عليه والهبات والعطايا تهطل هطول الأمطار.
الاستياء والغضب والهواء المحمل بالثورة من قبل العائلة الحاكمة والبوليس السري للقيصر ضد هذا الكائن الخرافي، تلك الشخصية التراجيكو ميديا، هذا الشهواني المارق الذي لطخ سمعة زوجة القيصر بل روسيا بأسرها، هذا الذي أتقن لعبة المقدس والدنس، المهلك والمنقذ، الداعر والواعظ، المحمل بالنبوءات التي تتحقق، القادر علي المعجزات، المسكون بالشياطين والملائكة، المسلوب بفعل الشهوة الجامحة، وهنا أذكر دستويفسكي »‬الإخوة كارامازوف»: »‬حين يتوله بعض الرجال بامرأة جميلة أو جزء من جسدها فإنهم يصبحون مستعدين للتضحية بأبنائهم في سبيلها، وأن يبيعوا آباءهم وأمهاتم وروسيا ووطنهم من أجلها».
وفي قصيدة »‬راسبوتين العربي» يقول نزار قباني: »‬صراخك دونما طائل.. ورفضك دونما طائل أنا القاضي بأمر الله والناهي بأمر الله
فامتثلي لأحكامي.. فحبي دائما عادل
أنا العصري والحجري
أنا المدني والهمجي والروحي والجنسي
والوثني والصوفي والمتناقض الأبدي
والمقتول والقاتل.. أنا المكتوب بالكوفي فوق عباءة العشاق والعلني والسري.. المرئي والخفي.. المجذوب والمسلوب والحشاش والمتعهر الفاضل.
أنا الممتد مثل القوس بين الثلج والتفاح بين النار والياقوت بين البحر والخلجان والموجود والمفقود والمولود كالأسماك عند سواحل الكلمات.
أنا المتسكع الغجري.. أنا القديس تأتيني نساء العالم الثالث فأغسلهن بالكافور والحنة وأغمرهن بالبركات وأعطي كل واحدة بنفسجة وموالا وأرزقهن أطفالا وأوصيهن أن يحفظن أشعاري، فشعري يدخل الجنة».
ولقد صدرت عن راسبوتين عشرات الكتب حاولت فك طلاسم تلك المسيرة العصية علي الفهم ومن أهمها راسبوتين، لهنري تروايا، »‬راسبوتين الحقيقة الأخيرة» لإدوارد رادزينكي ودوستروبوفيتش، وهو الذي قام بشراء المخطوطات الخاصة بمقتل راسبوتين من صالة المزادات سوثبي عام 1995 حيث بيعت التحقيقات الساردة للقتل المروِّع لهذا الوسيط الروحي، المغامر، السكير، الورع المغتصب، أيضا »‬من راسبوتين إلي بوتين رجال الظل» لفيدروفسكي واسم راسبوتين قد يعني المجون، الانحلال والعربدة ولقد ورث جريجوار تلك السمات والجينات عن والده عاشق الخمر والنساء، وتسير الأمور من سيئ إلي أسوأ بالنسبة للعباد والبلاد ويقرر الأمير الوسيم، الغامض يوسوبوف قتل راسبوتين، وبينما المؤامرة تحاك يستقبل الماجن في منزله كل يوم »‬400 زائر حتي وصلت الطوابير إلي نهاية الشارع، فهناك من يريد خدمة ومن يطمع في مساعدة مالية، وهناك نساء يأتين طمعا في مساعدة في مجال الفحولة وعنفوان الذكورة الشاهقة وهو في كل الأحوال لايرد سائلا أو محتاجا فهو لا يحرج أحدا.. ولكن العرّاف الجهنمي بدأ يتنفس رائحة الموت، فالنبيذ في فمه له رائحة الرماد وشفاه الغانيات هي شفاه لمصاصات الدماء.. ويقول راسبوتين نبوءته المدهشة.. إنني أشعر أني سأموت قبل 1 يناير.. لو قُتلت بيد إخوتي الفلاحين فلا تخش شيئا أيها القيصر، أما إذا قُتلت بيد النبلاء فسوف تظل أيديهم ملطخة بدمائي وسيغادرون روسيا وسيقتل أبناؤك بأيدي الشعب الروسي؟».
وقد كان.. قُتل راسبوتين بيد النبلاء، ويالها من ليلة ليلاء، كان الرجل العجيب عصيا علي القتل فلم يفلح النبيد الممزوج بالسم ولا الحلوي المسمومة في قتله بل طلب المزيد ولم يفلح الرصاص، وأخيرا ضُرب بالفأس حتي أعضاؤه الحساسة، فلقد كان أقرب إلي الوحش الكاسر، وما يُعرف عنه أنه كان يتعاطي السم بكمية ضئيلة ليصنع مناعة خارقة! وهكذا قُتل راسبوتين ذات ليلة في قبو الأمير، وقُتلت ذات ليلة أخري عائلة الرومانوف في قبو آخر بمكان آخر بأمر من لينين، وصارت الإمبراطورية العظمي مأساة في حضن هاوية الدم.. الدموع والحديد والنار والبؤس والأمجاد الغابرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.