منذ بداية عام 2018 ومعارك الحرب التجارية العالمية التي أطلقها الرئيس الأمريكي »دونالد ترامب» لا تتوقف بفرض رسوم جمركية علي الاتحاد الاوربي والصين. ففي مارس فرض تعريفة جمركية بقيمة 25% علي واردات الصلب و10% علي واردات الألومنيوم متجاهلا بذلك التحذيرات من حرب تجارية عالمية واحتجاجات حلفاءه في أوروبا. وخلال الشهر نفسه أشعل ترامب حربا تجارية مع الصين بشكل خاص بعد إعلان عزمه فرض رسوم جمركية بنسبة 25% علي سلع صينية بقيمة 50 مليار دولار بحجة الرد علي ممارسات تجارية غير عادلة من بكين وسرقات الملكية الفكرية. وردت الصين بإعلان فرض تعريفة جمركية علي ما قيمته 3 مليارات دولار أمريكي من وارداتها من البضائع الأمريكية. وكانت الولاياتالمتحدة سجلت في 2017 عجزا تجاريا مع بكين تجاوز ال375 مليار دولار للبضائع فقط. ويبدو أن الرد الصيني فتح شهية ترامب لمزيد من التصعيد، فأعلن في أبريل عزمه فرض رسوم جمركية إضافية بقيمة 100 مليار دولار علي الواردات من الصين. وكانت العلاقات قد توترت أكثر خلال يوليو الماضي عندما فرض ترامب رسوماً علي واردات وبضائع صينية قيمتها 34 مليار دولار ثم اتبعها بعد ذلك بقائمة جديدة من البضائع بلغت قيمتها 16 مليار دولار إلي أن أعلن في سبتمبر الماضي فرض رسوم علي بضائع وسلع صينية بقيمة 200 مليار دولار حيث ردت الصين بفرض رسوم بقيمة 60 مليار دولار علي بضائع أمريكية. وتقدمت الصين إثر هذه التعريفات بشكوي لمنظمة التجارة العالمية تتهم فيها واشنطن بانتهاك قواعد المنظمة ومحاولة شن حرب تجارية. وتوقفت بكين منذ بداية أغسطس الماضي والتي تعد ثاني أكبر مستهلك للنفط الأمريكي عن استيراد الخام من الولاياتالمتحدة واستبدلته بالنفط والغاز العربي. واستمر الأمر علي هذ المنوال لمدة أشهر، إلي أن اتفق الجانبان في قمة بمجموعة العشرين في نوفمبر ببوينس آيرس علي هدنة لمدة 3 أشهر، يتوقف خلالها فرض أي تعريفات جديدة من أيٍّ من الطرفين، وتكثيف المباحثات. في وقت حذر صندوق النقد الدولي من خسائر قد يتكبدها الاقتصاد العالمي تصل إلي أكثر من تريليون و300 مليار دولار علي الأقل، في عام واحد، حال نشوب حرب تجارية عالمية في حال عدم التوصل لاتفاق بين واشنطنوبكين. ولم تتوقف الحرب التجارية العالمية علي أمريكاوالصين، بل احتدمت بين الولاياتالمتحدة والاتحاد الأوروبي، وأشعلها ترامب الحرب بقراره في مارس الماضي بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% علي واردات الصلب، و10% علي واردات الألومونيوم، واستثني كندا والمكسيك من هذا القرار. ويقول ترامب إن عجز الميزان التجاري الأمريكي تجاه الاتحاد الأوروبي تخطي 150 مليار دولار، مؤكدا أن الواردات المدعومة تهدد الأمن القومي عن طريق الإضرار بمنتجي المعادن المحليين. وقد هددت أوروبا، أنه حال تطبيق الولاياتالمتحدة تلك التعريفة ستقوم بفرض تعريفة جمركية لم تحدد نسبتها علي الصادرات الأمريكية، لكنها ستكون في حدود 300 مليار دولار مما يعادل 17% من الصادرات الأمريكية. وأمام الغضب الأوربي العارم، اضطر ترامب إلي التراجع في حين أعلن استثناء كل من الاتحاد الأوربي والأرجنتين والبرازيل واستراليا وكوريا الجنوبية. ويحاول ترامب من خلال التعريفات الجمركية تحقيق بعض المكاسب علي الطاولة منها مطالبة بقية دول القارة الأوروبية الأعضاء في حلف الناتو برفع مساهماتهم المالية إلي 2% من الناتج المحلي الإجمالي لكل دولة ما يخفف عبء مساهمة أمريكا في موازنة الناتو والتي تصل إلي 72% من الموازنة الإجمالية. ولكن أكد خبراء أن حتي لو حققت ترامب الجمركية نجاحا لحظيا، إلا أنها لن تجني الثمار علي المدي البعيد حيث باتت أوروبا تفكر في شراكات اقتصادية ومالية كبري مع الصينيين ومع الروس، ومن جديد تطفو فكرة اوراسيا علي السطح. وقد يجد اليابانيون والصينيون والروس مصالح تجارية تجمعهم، عوضا عن حروب ترامب القومية الاقتصادية، وفي كل الأحوال يبقي الملف مفتوحا.