بعدما أصاب البلاد من خسائر مادية واقتصادية واجتماعية خلال الفترة الماضية إلا أنني أري ضرورة وضع تخطيط شامل لعملية التحديث والتطوير في جميع المجالات من الآن وليس بعد وعلي الحكومة الحالية تشكيل مجموعة من العلماء والمتخصصين حيث ان الموضوع سيحتاج إلي عام كامل من الدراسة والبحث الميداني والعلمي تكلف به الحكومة القادمة بعد انتخاب مجلس الشعب واختيار رئيس للدولة. لا شك ان التنمية بتعددها هي أحد الأسس الهامة لتحويل مصر المستقبل إلي دولة متقدمة بما تملكه من ثروات بشرية وطبيعية وقدرات هائلة في مختلف المجالات الزراعية والصناعية والسياحية والتعدينية والبترولية -كما ان موقعها الفريد في ملتقي القارات الثلاث آسيا وافريقيا وأوروبا وتمر من خلالها قناة السويس أحد الشرايين الرئيسية في التجارة العالمية- كل ذلك يحتاج إلي الاستغلال الأمثل خاصة بعد ثورة 52 يناير وما تلاها من أحداث أثرت بشكل كبير علي الحالة الاقتصادية العامة والتي نتعشم ان تنتهي ويستعيد الاقتصاد عافيته، وأري انه آن الأوان إلي تحديد شكل جديد لمنظومة التنمية الشاملة ضمن عملية التخطيط لعملية التحديث والتطوير.. وعلي المنظومة ان تشمل ثلاث اتجاهات رئيسية. الاتجاه الأول خاص بالمحيط الاجتماعي حيث ان الموارد البشرية هي حجر الزاوية والأساس في عمليات التنمية -كما ان تنمية الموارد والثروات الطبيعية تعتمد علي العنصر البشري.. وفي هذا الإطار يجب تطوير وتحديث التعليم من حيث الكيف قبل الكم ورفع مستوي العمالة الفنية والمتخصصة وخلق العمالة الماهرة مع زيادة الأجور والحوافز كلما سمحت الظروف بذلك.. كما تقضي الحاجة إلي التغلب علي المشاكل الدائمة وهي توفير المسكن الملائم وتوفير فرص العمل المناسب وتطوير المجالات الصحية والاجتماعية والثقافية والإعلامية...إلخ في نفس الوقت الذي يجب التخطيط الجيد للقضاء علي السلبيات التي مازالت موجودة كالأمية والبطالة والتطرف وربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية -أما الاتجاه الثاني فهو المحيط الحيوي الذي يشمل كافة الموارد الأولية والطبيعية المتوافرة في مصر والتي تتشكل أساسا في مناخ متوازن طوال العام ومقومات معدنية وبترولية وزراعية وسياحية متعددة.. ومن خلال ذلك يمكن للعنصر البشري »المحيط الاجتماعي« استغلاله لتحقيق التنمية الاقتصادية بزيادة الاستثمارات واتباع الأساليب العلمية في استغلال الموارد الأولية مع مراعاة التقييم البيئي بما لا يخل بالتوازن البيئي كما يجب العمل علي استغلال المقومات السياحية الاستغلال الأمثل ورفع مستوي الخدمة بها وابرازها في أجمل وأبهي صورة ممكنة- أما الاتجاه الثالث وهو المحيط الصناعي والتكنولوجي فلكي تكتمل المنظومة ولتكون شاملة ومتواصلة لابد من تحويل الموارد الأولية الطبيعية إلي موارد وصنعة واتباع الأساليب التكنولوجية الحديثة سواء المنقولة أو المستحدثة محليا حتي نواكب الركب العالمي في هذا المجال.. ومن خلال تلك المنظومة يمكن وضع الاستراتيجيات والأهداف العامة لعملية التحديث والتطوير الحقيقي وهذا يتطلب مراعاة عدد من الملاحظات الهامة منها الحسم والجدية والوضوح والابتعاد عن المظهرية وعدم المبالغة بوضع أهداف نظرية يصعب تحقيقها عمليا مع توفير المعلومات الدقيقة وتحديثها أولا بأول وربط التخطيط بعناصره المختلفة من حيث الموضوع والموقع والتمويل والمسئولية والاشراف والمتابعة.