الخطاب الذي ألقاه الرئيس الفلسطيني »أبو مازن« محمود عباس يمكن وصفه بأنه خطاب رجل دولة.. لقد اتسم بالتوازن مجسداً الرغبة الفلسطينية والعربية في إقامة سلام عادل في الشرق الأوسط. كان صادقاً في وصف الموقف الإسرائيلي بالعمل علي التسويف والمماطلة مستهدفاً منع التوصل إلي تسوية سلمية. استعرض المحاولات والجهود التي بذلت من أجل دفع عملية السلام. قال ان اسرائيل عملت علي عرقلة هذه الجهود بكل الوسائل وتعطيل قرارات الشرعية الدولية فيما يتعلق بحقوق الشعب الفلسطيني.. قوطع الخطاب عدة مرات للتحية بالتصفيق الحاد الذي كان مستمراً لفترات طويلة. وهو ما عبر عن تعاطف غالبية المجتمع الدولي الذي يمثله أعضاء كثيرون في الأممالمتحدة مع مطالبه المشروعة. وقد فضح خطاب عباس الضغوط الهائلة التي تعرضت لها السلطة الفلسطينية من أجل عدم التوجه إلي الأممالمتحدة. شملت هذه الضغوط المحمومة أيضاً كل أعضاء الأممالمتحدة ومجلس الأمن لمنعهم من حرية التصويت لصالح قبول الطلب الفلسطيني بالانضمام إلي عضوية الأممالمتحدة. حماس إدارة أوباما لهذا الأمر يضع في اعتباره الاسس التي تحكم السياسة الأمريكية وقوفا إلي جانب إسرائيل وعدوانيتها لما في ذلك من تأثير للوبي الصهيوني علي مسيرة الانتخابات الأمريكية الرئاسية التي ستجري في العام القادم. ولحسم الأمور وبعد التوجه إلي مجلس الأمن للحصول علي شرعية الانضمام إلي الأممالمتحدة أعلنت أمريكا انها ستستخدم الفيتو ضد الطلب في حالة حصوله علي الاصوات التسعة المطلوبة. وتشير المصادر وفقاً لما نشرته وسائل الإعلام إلي أن هناك سبع دول بمجلس الامن حتي الآن تؤيد الطلب الفلسطيني وأن هناك ثلاث دول متأرجحة تتعرض لضغوط أمريكية وإسرائيلية لمنعها من تأييد الطلب وهم نيجيريا والجابون والبوسنة. ويترقب أعضاء الأممالمتحدة ما سوف يتضمنه خطاب »البلطجي« نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل أمام الجمعية العامة وبماذا يمكن أن يرد علي الاتهامات الموثقة والتي يشهد عليها العالم كله والتي أوردها »أبو مازن« في خطابه. لقد كان الرئيس الفلسطيني حصيفاً في الإشارة إلي عنصرية إسرائيل وسياسة التطهير العنصري الذي تمارسه. أكد علي عدم الاعتراف بيهودية اسرائيل التي يسعي اليها »نتنياهو«. من ناحية أخري يبدو أن دولة قطر العربية ووفقاً لما نشرته بعض الصحف- وكانت تتولي ملف انضمام فلسطين إلي الأممالمتحدة- قد بدأت تتجاوب مع الضغوط الأمريكية. أنها طلبت من الفلسطينيين عدم التقدم بطلب العضوية وهو ما يتعارض تماماً مع موقفها المعلن تجاه هذه القضية. أشاروا إلي أن القطريين نصحوهم بأن يعودوا إلي المفاوضات العبثية. وهو ما قوبل برفض فلسطيني والذي اشترط الاستجابة لإعلان نتنياهو اعترافه بالدولة الفلسطينية علي حدود 76 ووقف الاستيطان في الأراضي الفلسطينية. ولوحت قطر للرئيس الفلسطيني بزيادة المساعدات وتقليص تعاملها مع حركة حماس في حالة موافقته. ورغم أهمية مبادرة السلطة الفلسطينية بالتقدم للحصول علي عضوية الأممالمتحدة فإن الأجواء العامة وعلي ضوء التدخلات الأمريكية والضغوط الصهيونية.. تشير إلي عقبات كثيرة وصعبة تقف أمام هذه المحاولة الفلسطينية العربية. لا جدال ان لهذه الخطوة الفلسطينية اهمية كبيرة باعتبار ان العيار الذي لا يصيب لابد وان »يدوش«. ولا يبقي للفلسطينيين بعد ذلك سوي ما عرضه ساركوزي بقبول اقتراح العضو المراقب.