الوطنية للانتخابات تعلن فوز الشيخ ماضي في دائرة الطور بجنوب سيناء    ننشر أسماء الفائزين بمقاعد مجلس النواب 2025 عن محافظة الشرقية    برلماني: الوطنية للانتخابات وضعت خارطة طريق "العبور الآمن" للدولة المصرية    وزير الخارجية: التزام مصر الراسخ بحماية حقوقها والحفاظ على استقرار الدول المجاورة    رئيس جامعة طنطا يجري جولة تفقدية موسعة لمتابعة سير أعمال الامتحانات    انتخاب محمد السويدي رئيسا لاتحاد الصناعات.. ننشر التشكيل كاملا    محافظ الغربية يتفقد المرحلة الثانية لتطوير كورنيش كفر الزيات بنسبة تنفيذ 60%    محافظ كفر الشيخ: خطة متكاملة لتوفير السلع وضبط الأسواق ب15 مجمعًا استهلاكيًا    الذهب يختتم 2025 بمكاسب تاريخية تفوق 70% واستقرار عالمي خلال عطلات نهاية العام    البورصة تختتم بتراجع جماعي للمؤشرات بضغوط مبيعات المتعاملين الأجانب والعرب    المنيا تنفرد بتطبيق نظام الباركود للمحاصيل الحقلية    محافظة قنا تواصل تطوير طريق قنا–الأقصر الزراعي بإنارة حديثة وتهذيب الأشجار    العربية لحقوق الإنسان: اعتداء الاحتلال الإسرائيلي على المسيحيين نتيجة للتغافل الدولي ضد الفصل العنصري    «القاهرة الإخبارية»: 5900 طن من المساعدات الغذائية والطبية والبترولية تدخل قطاع غزة    جيش الاحتلال يعلن اغتيال أحد أبرز عناصر وحدة العمليات بفيلق القدس الإيراني    فيديو.. سرب مكون من 8 مقاتلات حربية إسرائيلية يحلق فوق جنوب وشرق لبنان    أشرف حكيمي يدعو كيليان مبابي وديمبيلي لحضور مباراة المغرب ضد مالي    الجيش السوداني يصدّ محاولة اختراق للدعم السريع قرب الحدود مع مصر وقصف جوي يحسم المعركة    تشكيل المصري أمام حرس الحدود في كأس عاصمة مصر    الجزائرى محمد بن خماسة آخر عقبات الإسماعيلى لفتح القيد في يناير    اتحاد الكرة يحذر من انتهاك حقوقه التجارية ويهدد باتخاذ إجراءات قانونية    لحظة انتشال جثة آخر سيدة عالقة أسفل أنقاض عقار إمبابة المنهار    الأرصاد: سحب ممطرة على السواحل الشمالية والوجه البحري    رفع آثار انقلاب سيارة ربع نقل محملة بالموز وإعادة الحركة بالطريق الزراعي في طوخ    بعد 25 سنة زواج.. حقيقة طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسمياً    كوروكوتشو: مصر واليابان تبنيان جسرًا علميًا لإحياء مركب خوفو| حوار    صندوق التنمية الحضرية يعد قائمة ب 170 فرصة استثمارية في المحافظات    إزالة مقبرة أحمد شوقي.. ماذا كُتب على شاهد قبر أمير الشعراء؟    طلاق لميس الحديدي وعمرو أديب رسميًا بعد أكثر من 25 عام زواج    هل للصيام في رجب فضل عن غيره؟.. الأزهر يُجيب    حصول مركز طب الأسرة بالعاشر على الاعتماد الدولي لوحدات الرعاية الأولية بالشرقية    ما هو ارتجاع المريء عند الأطفال، وطرق التعامل معه؟    ضبط 19 شركة سياحية بدون ترخيص بتهمة النصب على المواطنين    تأجيل محاكمة رئيس اتحاد السباحة وآخرين بتهمة الإهمال والتسبب في وفاة السباح الطفل يوسف    إيرادات الأفلام.. طلقني يزيح الست من صدارة شباك التذاكر وخريطة رأس السنة يحتل المركز الخامس    وزارة الثقافة تنظم "مهرجان الكريسماس بالعربي" على مسارح دار الأوبرا    مدينة الأبحاث العلمية تفتتح المعرض التمهيدي لطلاب STEM المؤهل للمعرض الدولي للعلوم والهندسة ISEF–2026    ادِّعاء خصومات وهمية على السلع بغرض سرعة بيعها.. الأزهر للفتوي يوضح    البابا تواضروس يهنئ الكاثوليك بعيد الميلاد    بشير التابعي يشيد بدور إمام عاشور: عنصر حاسم في تشكيلة المنتخب    محافظ الجيزة يفتتح قسم رعاية المخ والأعصاب بمستشفى الوراق المركزي    كرة طائرة - بمشاركة 4 فرق.. الكشف عن جدول نهائي دوري المرتبط للسيدات    بيان عاجل من الخارجية السعودية بشأن أحداث حضرموت والمهرة في اليمن    شوبير يكشف موقف "الشحات وعبد القادر" من التجديد مع الأهلي    مصادرة 1000 لتر سولار مجهول المصدر و18 محضرا بحملة تموينية بالشرقية    سيول وثلوج بدءاً من الغد.. منخفض جوى فى طريقه إلى لبنان    الصحة: اختتام البرنامج التدريبي لترصد العدوى المكتسبة بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية    المتحدث العسكري: قبول دفعة جديدة من المجندين بالقوات المسلحة مرحلة أبريل 2026    من هو الفلسطيني الذي تولي رئاسة هندوراس؟    عبد الحميد معالي ينضم لاتحاد طنجة بعد الرحيل عن الزمالك    نائب وزير الصحة تتفقد منشآت صحية بمحافظة الدقهلية    لليوم الثاني.. سفارة مصر بإيران تواصل فتح لجان التصويت بجولة الإعادة للدوائر ال19 الملغاة    وزير الثقافة: المرحلة المقبلة ستشهد توسعًا في الأنشطة الداعمة للمواهب والتراث    أمن القليوبية يكشف تفاصيل تداول فيديو لسيدة باعتداء 3 شباب على نجلها ببنها    حكم تعويض مريض بعد خطأ طبيب الأسنان في خلع ضرسين.. أمين الفتوى يجيب    هل يجب الاستنجاء قبل كل وضوء؟.. أمين الفتوى يجيب    أحمد سامي يقترب من قيادة «مودرن سبورت» خلفًا لمجدي عبد العاطي    ما حكم حشو الأسنان بالذهب؟.. الإفتاء توضح    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الفكر والسياسة
الثورة ومشروع النهضة
نشر في الأخبار يوم 20 - 09 - 2011

إن إطلالة ولوعاجلة علي المشهد السياسي في بلادنا المحروسة تنبؤ أننا ابتعدنا بثورتنا العظيمة عن أهدافها واستغرقتنا اللحظة بتفاصيلها وإجراءاتها عما ينبغي أن ننجزه من استحقاقاتها في العدالة الإجتماعية والحياة الحرة الكريمة للطبقات الفقيرة والمهمشة في إطار مشروع علمي للتقدم والنهضة.
إن اختزال الثورة في الإجراءات وتصوير الأمر علي أن غاية المراد من رب العباد هوالديمقراطية والانتخابات لهومن قبيل وضع العربة قبل الحصان، وهوخلط للوسائل بالغايات والأصول بالفروع،
الديمقراطية إحدي آليات النهضة والتقدم تحولا من مجتمع الكفاف إلي مجتمع المشاركة الإيجابية والعدالة إلي مجتمع الكفاية إلي مجتمع الوفرة في إطار مفهوم أكبر أومشروع قومي للنهضة، فلا يصح أن نستبدل الذي هوأدني بالذي هوخير. ومشروعنا الثوري الكبير الذي ينبغي أن يكون للنهوض والتقدم هوالهدف أما »مأسسة« الحياة السياسية والديمقراطية هي الآليات حتي لا تضل بنا الطريق أوتتفرغ بنا السبل.
وليس غريباً ان نتمثل أفقا للتحديث والتقدم وسط ذلك الراهن المثقل بالاحباط ووالالتباس والتردد، وهوليس من قبيل شطحات العقل التاريخي المراوغ الادعاء بأن لدينا سابق خبرة وممارسة منذ النهوض العربي الأول في اواخر العهد الأموي وكل العصر العباسي أي الفترة ما بين منتصف القرن الثامن الميلادي وحتي الثاني عشر ناهيك عن سابق خبرة مصرية أصيلة في النهوض والحضارة سبقت ذلك بآلاف السنين واسست علي امتداد حكم معظم الأسر الفرعونية لتقدم غير مسبوق مازالت شواهده قائمة بيننا تبهر العالم، وإذا ما حصرنا موضوعنا علي مشروعات النهضة ومحاولتها في تاريخنا الحديث خلال القرنين التاسع عشر والعشرين فشاهدها تجربة علي بك الكبير، وفتوحات ابراهيم باشا ومشروع محمد علي للنهضة وتأسيس الدولة المصرية الحديثة والذي تجدد في تاريخنا المعاصر مع جمال عبد الناصر، وكائناً ما يمكن ان يقال بشأن تقييم ما لاقته هذه التجارب الحديثة من نجاحات أوإجهاض وفشل إلا أنها لا تزال صالحة للتدليل علي شطط ذلك الطرح المتشائم بأن مشروع النهضة أمر خرج من دائرة الاحتمال التاريخي.
إن الراهن المصري سيظل ابداً أعمق وأغني من كل محاولات تنظيره، فمع تسليمنا بتحديات الداخل من تفاقم مشكلاتنا الأقتصادية واختلال البني الاجتماعية وتآكل الطبقة الوسطي وتسلط النخبة وانتهازيتها واستئثارها بالسلطة والثروة، وتهميش الجماهير وافقارها واستبعادها من الحراك الأجتماعي والسياسي وتسيد قيم السوق الطارئة علي مفاهيم الأخلاق الراسخة، وكذا تحديات الخارج من محاولات إحياء الاستعمار القديم باجتياح مفاهيم معاصرة عن الدولة القومية وسيادتها للعودة إلي الكوزموبوليتية السلعية وعسكرة العولمة، إلا أن الثورة أعادت لنا مرة أخري القدرة علي حلم النهضة ومهدت الطريق لتحقيقه.
إن ضرورات النهضة ماثلة أمامنا ولا سبيل إلا الإستجابة فإما نكون أوأبداً لا نكون، شريطة أن ننجح في استنهاض الهمم وتفعيل الارادة واعتماد منهج العلم وآلياته واستدعاء ذاكرة التاريخ العميق والكفاح الطويل وتراث الصمود وخبرة النهوض وآلياته ومنهج التقدم وأفكاره. إن أمة تنهض من سبات عميق وطويل وتنفض عنها غشاوة الرؤية وتشوش الفكرة وتردد الفعل، لابد لها من إيمان عميق بأن وجودها كله رهن عقول أبنائها ومبادراتهم وإبداعهم وإصرارهم وسواعدهم التي لا نمدها أبدا إلا لتصنع المستقبل والتقدم وليس لذلك الآخر المتعالي تتسول البقاء والمعونة.
إن النهضة فعل تاريخي ينجزه حامله الاجتماعي: البشر، النخبة والجماهير من رجال ونساء يدركون بوعيهم التاريخي أن الخروج من واقع انحطاطهم وحطامهم يقتضي امتلاك آلية هذا الفعل وقانونياته وحدوده، أوهكذا قال المفكر العربي د.طيب تيزيني في مشروعه للتنوير والنهضة "من التراث الي الثورة" ان النهضة شيء يصنع يتم خلقه بعمل الأفراد والجماعات، عمل مؤسسي ثقافي- سياسي- علمي وليس حلما" يوتوبيا" يقفز فوق الحاضر، وهوعمل يستفيد من جدلية التاريخ ولابد له من فتح روافد جديدة في الثقافة العربية ومواجهة القديم بالحديث، والبداية بمنهج العلم ومنطقه، بكتاب الطبيعة المفتوح، بالخروج من النص الي العالم، ومن المقروء الي المشاهد ومن التأويل الي الادراك ومن السمع الي البصر، أوهكذا يقول د. حسن حفني عبر مشروعه الفكري للتنوير والنهضة.
يخطيء من يقول بغير الاعتماد علي الذات وتوظيف إمكانات الحاضر واستدعاء مخزون التاريخ ومفهومه واستقراء بشارات المستقبل وعلومه سبيلا للبقاء وشرطا للتقدم. المستقبل بأيدينا وليس عطاء أوهبة من أحد. ويخطيء أيضا من يري ألا سبيل للخروج من المحنة الا بفرض سلطان الماضي علي الحاضر، بحجة أن الأسلاف لم يتركوا شيئا لاجتهاد الأخلاف، فلهم نقول: هم رجال ونحن رجال، فلا العصر هوالعصر ولا امكانات الماضي ومعطياته ومشكلاته هي نفسها امكانات الحاضر ومعطياته ومشكلاته، فقد جرت في النهر مياه كثيرة، وعكرت النهر أيضا وقائع وأحداث كثيرة.
إن مشروعاً فكريا للنهضة ينبغي أن يكون هوالأساس وهوالبداية التي تتمحور حولها كل منطلقات الحركة السياسية الجديدة بكل أجنحتها في الاقتصاد والاجتماع والتعليم والبحث العلمي والثقافة، فدون ذلك المشروع الفكري يصبح النهوض المنشود نوعاً محدوداً من الاصلاح بمنطق المقاولات يقوم علي الترميم وتجديد الطلاء من الخارج مع الابقاء علي استقرار هياكل الداخل الآيلة للسقوط، ذلك رهان لا يؤمن اطمئناناً علي الحاضر ناهيك عن المستقبل.
فمتي نري مبادرة لتجاوز واقع التخلف والتسامي إلي حيث الأهداف الحقيقية للثورة بالدخول إلي مشروع النهضة؟ سؤال نوجهه إلي المجلس العسكري قبل الحكومة وقبل النخبة المتعجلة لأحلام النفوذ والسلطة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.