أسعار الدواجن تتراجع في الإسكندرية.. والفراخ البيضاء تبدأ من 85 جنيها    "الزراعة": الصادرات الزراعية تتجاوز 4.8 مليون طن منذ بداية العام    انسحاب ماسك ضربة تهدد ركيزة خطة ترامب التجارية    منتخب الشباب في المجموعة الأولى بكأس العالم رفقة تشيلي واليابان    وسط أجواءٍ روحانية.. النقابة العامة للمهندسين تُودِّع الفوجين الأول والثاني من حُجاجِها    التعليم تجهز اللجان لاستقبال طلاب الشهادة الإعدادية    «الصوت العظيم لا يُكرر ولا يُقارن».. مروة ناجي تحيي تراث أم كلثوم    رئيسة المجلس القومي للمرأة تلتقي الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر    بن غفير: حان الوقت للتدخل في قطاع غزة بكل قوتنا    أمريكا: مجهول ينتحل شخصية كبيرة موظفي البيت الأبيض    ماكرون: الاعتراف بدولة فلسطينية واجب أخلاقي ومطلب سياسي    غارات إسرائيلية تستهدف بلدة شمسطار في البقاع شرقي لبنان    الخارجية الروسية: موسكو تأمل أن تتعامل كييف بجدية مع محادثات إسطنبول    بعد قليل.. نقل شعائر صلاة الجمعة من مسجد الشهيد بالقليوبية    موعد مباراة الاتحاد والقادسية في نهائي كأس خادم الحرمين الشريفين    مرتديا نظارة.. محمد صلاح ينشر صور احتفالاته بالدوري الإنجليزي    خطة ب400 مليون دولار.. الهلال يضع شروطه للموافقة على كريستيانو رونالدو    أسعار العملات العربية في بداية تعاملات اليوم 30 مايو 2025    الإسكان: بدء إرسال رسائل نصية للمتقدمين في «سكن لكل المصريين 5»    طقس الساعات المقبلة ودرجات الحرارة - أمطار بهذه المناطق    مديريات التعليم تحدد مهام الملاحظ داخل اللجان قبل بدء امتحانات الشهادة الإعدادية    ضبط 14 شيكارة دقيق وتحرير 22 مخالفة تموينية في البحيرة    وزير النقل يشارك في الاجتماع الدوري لشركة الجسر العربي بالأردن    ريا أبي راشد: أجريت مقابلة تلفزيونية مع مات ديمون بعد ولادة ابنتي بيومين فقط    ذكرى رحيل "سمراء النيل" مديحة يسري.. وجه السينما المبتسم الذي لا يُنسى    في ذكرى رحيله.. "جوكر الكوميديا" حسن حسني بوصلة نجاح الشباب    وزير الإسكان:الأحد المقبل..بدء تسليم دفعة جديدة من وحدات مشروع سكن مصر بمنطقتين بالقاهرة الجديدة    ملاكي دخلت في موتوسيكل.. كواليس مصرع شخص وإصابة 3 آخرين بحادث تصادم بالحوامدية    زلزال بقوة 4.8 ريختر درجة يضرب إقليم ألباي في الفلبين    رويترز: خطة أمريكا لوقف إطلال النار تتضمن الإفراج عن 125 سجينا فلسطينيا    أسعار البيض بالأسواق اليوم الجمعة 30 مايو    طريقك أخضر‌‍.. تفاصيل الحالة المرورية الجمعة 30 مايو بشوارع وميادين القاهرة الكبرى    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الجمعة 30-5-2025 في محافظة قنا    مصرع وإصابة 4 أشخاص في حادث تصادم بطريق مصر السويس الصحراوي    انخفاض أسعار الذهب الفورية اليوم الجمعة    «عانت بشدة لمدة سنة».. سبب وفاة الفنانة سارة الغامدي    الإفتاء: الأضحية المعيبة لا تُجزئُ عن المضحي    اليوم.. الأوقاف تفتتح 20 مسجداً جديداً بالمحافظات    «تعامل بتشدد».. تعليق ناري من طاهر أبو زيد على انسحاب الأهلي من القمة    «مكتب شكاوى المرأة».. مأساة «سمر» تتحول لقصة فيلم مُلهم لضحايا العنف    «الجينوم الرياضي».. أولى الخطوات العلمية والعملية نحو مربع الدول العظمى    فوائد الزنجبيل، لتقوية المناعة وصحة الدماغ وجمال البشرة    «مالوش طلبات مالية».. إبراهيم عبد الجواد يكشف اقتراب الزمالك من ضم صفقة سوبر    مدحت العدل يصدر بيانا شديد اللهجة بشأن شكوى جمعية المؤلفين.. ما علاقة حسين الجسمي؟    البرلمان يوافق نهائيًا على تعديلات قوانين الانتخابات    مفاجأة، ريا أبي راشد تعلن خوض تجربة التمثيل لأول مرة (فيديو)    مجموعة الموت.. المغرب تصطدم ب«إسبانيا والبرازيل» في كأس العالم الشباب 2025    هل يجوز الجمع بين نية صيام العشر من ذي الحجة وأيام قضاء رمضان؟    "الإفتاء توضح" بعد الجدل الدائر.. حكم صلاة الجمعة إذا وافقت يوم عيد؟    موعد أذان الفجر اليوم الجمعة ثالث أيام ذي الحجة 1446 هجريًا    حزب "الجبهة الوطنية" يطلق مؤتمرًا موسعًا لريادة الأعمال في بورسعيد    إمام عاشور يكشف كواليس مشادته مع الأمن في احتفالية الدوري.. وحقيقة مطالبته بتعديل عقده    الإمساك.. الأسباب الشائعة وطرق العلاج بوصفات طبيعية    تجاهل تنظيف منطقة في الأذن قد يعرض حياتك للخطر.. تحذير خاص لأصحاب «النظّارات»    وزير الأشغال العامة الفلسطينى: نشكر مصر على دعمها للقضية الفلسطينية    وكيل أوقاف الفيوم يشهد فعاليات كتاب مسجد على مفتاح.. صور    «الإسعاف»| 123 سنة إنقاذ.. 3200 سيارة حديثة و186 مقعدا لاستقبال البلاغات يوميًا    بالصور- وقفة احتجاجية لمحامين البحيرة اعتراضًا على زيادة الرسوم القضائية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



في الفكر والسياسة
المشهد والقصة
نشر في الأخبار يوم 06 - 07 - 2010


[email protected]
مع حرارة الصيف الذي بدأ مبكراً إرتفعت سخونة الشارع وزادت غضبة الجماهير، فكيف تقرأ المشهد السياسي في بلادنا؟ كان هذا هو السؤال الأول الذي ما إن فرغت من الإجابة عليه حتي بادرني شاب آخر: ماهو آخر ما قرأت في الأدب وترك لديك إنطباعاً عما يحدث حولنا، أو كانت له دلالة لايخطئها عاقل أو مدرك لمعني السياسة؟
وكما في كل الندوات العامة كانت الإجابة في إيجاز: إنه ولا شك صيف ساخن، فإما أن نصطلي بناره وإما أن نأتي منها بقبس، وارجع البصر كرتين لتري حقيقة الصورة في مشهد أمة غاضبة حائرة، وهي لا تعرف من أين تبدأ ولا كيف تبدأ ولا علي من يكون الرهان، ورغم ذلك فلست قلقاً علي مصر، ويقيني أنها ستخرج من أزمتها أكثر عافية وأقوي عزماً وأمضي إرادة. وهي عائدة لا محالة إلي وعيها وصمودها وسابق عهدها. هكذا عودتنا مصر وباتساع تاريخها كله، فما تعثرت إلا لتنهض من جديد، وما وهنت إلا لتولد من جديد وما كبت إلا وسبقت من جديد، فتحت شمس مصر، أبداً لا تغيب الجياد الأصيلة. إنما قلقي كله علي النخبة السياسية والقوي الوطنية، إذ غابت حين توجب الحضور وتاهت حين كان عليها أن تقود، وترددت حيث كان ينبغي أن ترفع الإلتباس وتعلم الناس، توقظ الهمة وتستنهض الأمة.
وحتي لا تأخذنا الشواهد والدلالات بعيداُ، نجمل ما نراه من معالم الصورة في نقاط محددة:
1 نحن أمام لحظة فارقة في تاريخنا المعاصر، اجتمعت فيها أشواق الداخل للتغيير والتحديث والنهضة مع طلبات الخارج وإلحاحه. وكانت المفارقة في المشهد أن حضرت الجماهير وغابت النخبة.
2 إنها لحظة الحقيقة التي نادراً ما تتوافر فيها إرادة الفعل والقدرة عليه ونبل المقاصد والسعي لها، وهي لحظة واجهناها في تاريخنا الحديث مرتين، الأولي مع محمد علي والثانية مع جمال عبد الناصر. وأحسب أن عثرات الطريق أبداً لم تكن بسبب الجماهير وإنما كانت جراء تسلط النخبة وترددها وسوء إدراكها لشروط اللحظة وطبيعة مصر، من خصوصية الموقع وتفرد الدور وحكمة التاريخ ووعي الجماهير وعمق التجربه.
3 عناوين المشهد مضللة باهتة، اختلطت فيها الفروع بالأصول واختلط فيها ما هو حال وطارئ مع ما يمكن إرجاؤه أو تأجيله، فكان أن ساوت اللحظة بين الغايات والأهداف والوسائل، فرفعت شعارات الديموقراطية وتداول السلطة وشفافية الانتخابات العامة والرئاسية باعتبارها كل المراد من رب العباد، في حين أن الديموقراطية وباقي العناوين المرفوعة ما هي إلا وسائل للحكم الرشيد وليست غايات في ذاتها أو أهداف ترتجي وحدها. وهنا فتحت أبواب المزايدة فبات يتحدث عن التغيير ويبشر به أغلب أولئك الذين ينبغي أن يشملهم التغيير، الذي ما أقبلت الجماهير علي طلبه إلا للخلاص منهم.
4 في المشهد ترتفع أصوات النخبة و انفعالاتها وربما خروجها عن النص أحياناً، ولا غرابة في ذلك، فهي وريثة حركة وطنية سياسية تشكلت أفكارها وتكون وعيها في مرحلة النضال الوطني ضد الاستعمار وأعوانه في القصور والأحزاب. وتشابكت مساراتها مع حركة التحرر العالمية، و تكونت أدبياتها في تخوين السلطة ومعاداتها طلباً للاستقلال والحرية. و بديهي ألا تكون للنخبة في مثل هذه الظروف أجندة للمستقبل أو التحديث والنهضة، إذ يكفيها في ذلك الحرية والاستقلال ولا أفق أو حلم أكثر من ذلك اللهم إلا ستر الله و اللطف في قضائه. إنها حركة وطنية شريفة مخلصة لكنها محكومة بتراث صعب وأدبيات حاكمة لم تستطع بعد الفكاك من أثرها. وهي إذ تمارس نفس الدور بنفس الآليات في عصر غير العصر و ظرف غير الظرف، فقد غابت طواعية وربما بحكم عثرات الطريق.
5 وهنا فلنعترف أن في المشهد رفاق مسيرة عسيرة وصورة حشد ومواكب، سبقت فيها خطوات الجماهير و خياراتها بالفعل أو بالصمت خطوات القوي السياسية، ذلك إذا كانت لدينا قوي سياسية بالفعل، فما نراه في المشهد شخصيات سياسية وعلي الطرفين آثرت السلامة وركنت للقعود واستسلمت للوضع القائم والوصفات الجاهزة: مع أو ضد، تهليل ومبايعة أو رفض ومقاطعة أو ارتجال للسياسة والحياة وقضايا الوطن. واستجد علينا من مراهقة السياسة عنف مرفوض وغير مبرر، إجترأ علي المحرمات وتجاوز ما اعتبرناه مقدساً في حياتنا اليومية. وجاءت فعلته النكراء علامة علي إفلاس سياسات قديمة وأساليب قديمة وأنماط قديمة فقدت وجودها علي المسرح السياسي فراحت تهذي وترتجل وكأنها شخصيات تبحث عن مؤلف كما في مسرح بيرانديللو.
6 في المشهد عفوية وإخلاص وفي المشهد وطنية وتجرد وفي المشهد استغلال للدين وإنتهازية ودوافع غير وطنية أيضا. كما أن في المشهد بطء السلحفاة و تكاسل الديناصور و أخطر ما في المشهد جماهير غاضبة و حشود حائرة.
رهاننا علي وعي الجماهير وسلامة منطلقاتها وانحيازها لمصالح الوطن لا لمطالب فئوية إنتهازية أو مصالح طبقية ضيقة. رهاننا أن نحتوي كل هذه الاجتهادات و المشاركات لتصب جميعها في خانة المستقبل. رهاننا علي أهداف نبيلة تؤمن سلامة تداول السلطة وتفتح أفقاً للتغيير والإصلاح واستهداف الغد الأفضل، فنتوقف عن توجيه أسئلة الإهانة وأسئلة الإدانة ونحاول معاً بحث أسئلة التقدم وأسئلة المستقبل. ولا نساوم في ذلك علي هويتنا وأصالتنا واستقلال قرارنا.
وعلينا أن نفسح في المقدمة مكاناً لجيل جديد و فكر جديد ورؤية جديدة تعتمد آليات العصر وإبداعاته وتفتح لنا آفاقاً جديدة للتقدم والنهضة، وتعيد صياغة عقد اجتماعي جديد أولي مفرداته الشراكة في الوطن، عقد يحقق المساواة وتكافؤ الفرص وسيادة القانون واحترام حقوق الإنسان. فكر جديد يتحرك بنا من مجتمع الكفاف إلي مجتمع الكفاية والعدالة والوفرة. فكر يستعيد لمصر الدور والريادة بالفعل لا ببلاغة الصياغات وفارغ المضمون.ولن يكون ذلك إلا بالإحتكام لقانون العلم ومنهجه، بالخروج من القوالب الجامدة إلي رحابة العالم الواسع ومن الصراع إلي التضامن والمشاركة. فهذا الوطن نحن جميعا نملكه و نحن شركاء فيه. فلا ينبغي أن نضيع اللحظة في عناد السلطة وغياب النخبة والرهان علي صبر الجماهير.
ولتكن البداية محاسبة الذين حولوا وزاراتهم وهيئاتهم من مسئولية عامة إلي أبعديات خاصة يغترفون منها ويجعلونها مشاعاً لذوي القربي والمؤلفة قلوبهم، ولتكن الحرب علي الفساد ورد الإعتبار لأصحاب الكفاءات والقدرات واستبعاد خدم المكاتب وعبيد السلطة الذين استوظفوهم مطايا لأغراض لاتناسب إلا أصحاب النفوس الضعيفة والمنبت الرخيص والذين من أجل أن يتطاول بنيانهم يهدمون صروح الوطن ويخربون مناراته.
أما القصة القصيرة التي قرأتها فهي تحكي عن واحد من ذوي الطموح الذي لاتكافئه قدرات أو مؤهلات، دفعه شيطانه أن يتآمر علي معلمه وأستاذه ليتقرب إلي واحد من مماليك العصر وفاسديه من ذوي السلطة والتنفذ، والذي كان يوصيه بصلاة المغرب في المسجد، وكان يأمره بحضور درس الخطيب بعد الصلاة حتي يحين العشاء، ولما كرر المملوك ذلك الطلب، سأله صاحبنا عن السبب فأسر له بأنه علي علاقة بزوجة الإمام وأنه يطلب منه أن يشاغله بعد الصلاة فإذا ماهم الإمام بالعودة إلي البيت فليعطيه رنة حتي لايفاجأه في خيانته مع زوجته.
إستمر صاحبنا ينفذ خطة المملوك ولي نعمته حتي توطدت علاقته بالإمام الذي سأله ذات يوم: أليس لك أخت أو قريبة فقد نويت الزواج، دهش صاحبنا وسأله ألست متزوجاً يامولانا؟ فأجابه لم أتزوج بعد وها أنا أبحث عن بنت الحلال، تتوالي فصول القصة ليكتشف صاحبنا أنه هو ذلك المغفل الذي خدع نفسه وفقد شرفه.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.