حب الأوطان لا يتعارض مع الأديان، ومن يحيَّي العلم ويهتف بالنشيد، لا يرتكب معصية ولا خطيئة ولا رجساً من عمل الشيطان، والدول التي انهارت حولنا، هي التي نجح الإرهابيون في أن يجعلوا جزءاً من أبنائها يكره بلدهم، ويتنكر لفضله وخيراته وأرضه وهوائه، فحملوا السلاح ضد بعضهم البعض، ولا تستطيع أن تفرق بين من هو القاتل ومن الضحية. الطريق إلي الإرهاب يبدأ بضرب الهوية الوطنية، وإقناع غلمان الإرهاب، بأن أرض المسلمين لكل المسلمين، ومقصدهم من ذلك أن يقتلوا في النفوس حمية الدفاع عن الأرض، وجعلها مستباحة تحت شعارات دينية، صنعوها من الأكاذيب، لأن الأديان لا تفرط في الأوطان، ومن يموتون دفاعاً عنها، هم في أعلي درجات الشهادة. قالوا لغلمان الإرهاب إن الأوطان بدعة وضلالة، وأن الجهاد لا يستقيم إلا إذا قتلوا من يهتف بحياة بلاده وذبحوا من يرفع علمها، فمر علي أرض مصر من يقول »طظ في مصر» ، »وإيه يعني لما يحكمها ماليزي ولا سريلانكي»، ورسالته كانت ضلالاً وقوله كان زوراً وبهتاناً، لأن مصر لن يحكمها إلا مصري، شرب من ماء النيل، ورسم في قلبه وجه الوطن. ومنذ متي كانت كراهية الأوطان درجة من الإيمان؟، ومنذ متي كان قتل أبناء الوطن وهم في المساجد جهادا في سبيل الله وهم ساجدون ويرفعون أيديهم بالدعاء لرب الكون؟.. ومنذ متي ومواكب الشهداء تزلزل الغضب في القلوب، وتدفع الثأر في العروق، أبناؤنا الشهداء إلي جنات الخلد، وقتلتهم إلي جهنم وبئس المصير؟، فشتان بين من يدافع عن بيته وأرضه ووطنه وأهله وذويه.. وبين من يقتل من أجل القتل، ويتحول إلي دمية كريهة يحركها الشياطين الأشرار. حب الوطن درجة من درجات الإيمان، وقد يكون أعلاها وأفضلها منزلة، والشهداء يورثون أبناءهم الفخر والعزة والكبرياء، »بابا شهيد» ما أروعها حين ينطقها طفل، قد لا يدرك معناها، ولكن حين يكبر ويشد، يزهو ببطولة أب غاب عن الدنيا، لكن يبقي اسمه محفوراً بحروف من نور.. أولاد الشهداء فخر للوطن، وأوسمة عزة وخلود تبقي معلقة علي الصدور. الإرهابيون لهم الخزي والعار، عاشوا كالجرذان الخائفة في الصحراء، من جحر إلي جحر أسلحتهم الخسة والتآمر، وحين يصل إليهم سيف القانون والعدالة والثأر، لن يجدوا من يبكي عليهم، أو يسير خلفهم في الجنازات، فليس لهم وطن يدافعون عنه، ولا قضية يؤمنون بها، ولا علم ولا نشيد ولا نداء، إلا صوت الشيطان. من قال لكم إن مصر لكم؟، وإن خلافتكم لن تخرج للنور إلا إذا أطبقتم أظافركم في رقبتها، مصر لشعب طيب منذ أن نزل في كتابه العزيز »ادخلوها بسلام آمنين»، وكتب الأمن والسلام لشعبها، والموت والفناء لأعدائها.. فابحثوا لخلافتكم عن قطعة أرض أخري، ارفعوا فيها أعلامكم السوداء، علي أسنة رماح وسيوف الجاهلية التي تنهك حرمة الأرواح. الإرهابيون لصوص الأديان، ليس لهم دين إلا القتل، واختاروا علماً أسود بلون الظلام، فإذا خرجوا للنور صرعتهم ألسنة الضوء وأشعة الشمس، وفي الظلمة تتكاثر الأوبئة والأمراض وأحلام الشيطان، وتصبح صوبة تنمو فيها أفكار كراهية الأوطان، وكأن القتلة شربوا ماء بلادهم سماً وأكلوا من خيراتها طعاماً يسري في عروقهم ناراً وسعيراً.