مثلما الفضائيات مفتوحة سداح مداح لفتاوي الدين، كذلك الحال لفتاوي السياسة.. وياسلام لو كان الهدف توجيه السموم لمصر ومواقفها من بعض الفضائيات إياها وعلي رأسها بالطبع الجزيرة. خلال انعقاد مؤتمر الأمان النووي الشهر الماضي في واشنطن.. خصصت الجزيرة وبعض القنوات الأخري البرامج والنشرات لاستضافة أمثال هؤلاء الجهلة أو المتعمدين لقلب الحقائق، لإدانة مصر وكيف انها لم تتطرق إلي موضوع السلاح النووي الاسرائيلي.. رغم ان المؤتمر لم يكن له علاقة من بعيد أو قريب بهذا الموضوع.. ورغم ان احمد أبوالغيط وزير الخارجية انتقد البرنامج النووي الاسرائيلي في كل أحاديثه ومؤتمراته الصحفية علي هامش المؤتمر، بل وتناسوا الجهد المصري الكبير الذي حشدته مصر علي مدي العامين الماضيين للتركيز في مؤتمر معاهدة منع الانتشار علي الملف النووي الإسرائيلي. ذهبت مصر لمؤتمر مراجعة معاهدة منع الانتشار النووي بنيويورك بجهد دبلوماسي قوي يركز علي هذا الموضوع وغيره من القضايا التي تحاول الدول النووية فرضها ، وكان بيان مصر أمام المؤتمر قويا حاسما في التأكيد علي هذه الموضوعات وأهمها ضرورة انضمام اسرائيل إلي معاهدة منع الانتشار واخضاع منشآتها النووية لضمانات تفتيش الوكالة الدولية للطاقة الذرية.. وان يتخذ المؤتمر قرارا واضحا وحاسما بالبدء الفعلي في تنفيذ القرار الذي تم اتخاذه منذ 51 عاما بإخلاء منطقة الشرق الاوسط من الاسلحة النووية واقترحت مصر عقد مؤتمر دولي العام القادم- من الممكن ان تستضيفه- لاتخاذ الخطوات العملية والفعلية لتنفيذ هذا القرار خلال فترة زمنية محددة.. أما القضية الثالثة التي تركز عليها مصر فهي رفض القيود التي تضعها الدول النووية، وأمريكا، والدول الغربية علي حق الدول أعضاء المعاهدة في الاستخدام السلمي للطاقة النووية، وحيث تحاول امريكا وغيرها تقييد نقل التكنولوجيا والمواد النووية، واشتراط التوقيع علي البروتوكول الاضافي للمعاهدة للتمتع بمزايا التعاون في استخدام الطاقة النووية السلمية ومجالات التنمية واعتبرت مصر ذلك قرارا سياديا لكل دولة لا يتدخل فيه أحد. بوادر نجاح الجهود المصرية في مواجهة التحديات بالمؤتمر لاحت في الأفق مع الأيام الاولي من المؤتمر، بالاستجابة الدولية الكبيرة للمبادرة المصرية، بتبني الدول الخمس الكبار في بيان صادر عنها بانضمام جميع دول الشرق الاوسط كمنطقة خالية من الاسلحة النووية، كدول غير نووية بما فيها اسرائيل، واخضاع جميع منشآتها النووية لاجراءات التفتيش ونظام الضمانات المعمول بها في الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وبالطبع لن تترك مصر الفرصة لمجرد بيان، قد يكون الهدف منه مراوغات دبلوماسية، دون تنفيذ، ولذلك كان بيان مصر للوزير احمد ابوالغيط حاسما في أن الازدواجية في المعايير في معالجة هذه القضايا لن تحقق الغرض المنشود من المعاهدة وضم جميع الدول لتحقيق عالميتها. ورفض مصر لتصنيف الدول حسب اعتبارات سياسية مصطنعة في الاستفادة من مساعدات الاستخدامات السلمية للطاقة النووية. هذه المواقف المصرية الحاسمة في المؤتمر، والجهود المضنية الحثيثة التي تبذلها الدبلوماسية المصرية، لم تأت دفاعا عن مصر فقط، ولكنها عن جميع الدول العربية، ودول حركة عدم الانحياز.. أين ذلك من التغطية الاعلامية لهذه الفضائيات..ألم يسمع أو يقرأ أصحاب فتاوي السياسة من ضيوف الجزيرة أم أصابهم عمي البصر والبصيرة؟