عراقته تغلف تجربته بسحر جذاب عجيب، كالعديد من الملامح الأصيلة البارزة فوق أرض النيل والهرم، فهو أول محفل ثقافي ضخم يتخذ من الكتاب مرتكزًا تطوف حوله فعالياته وأنشطته، ليس فقط علي مستوي عالمنا العربي، ولكن بالنسبة إلي منطقة الشرق الأوسط وقارة إفريقيا قاطبة، فقبل أن يهل علي الدنيا عقد السبعينيات، أطلقت مصر حدثها البارز في أفق الثقافة، وهو معرض القاهرة الدولي للكتاب، وشاءت الأقدار الحكيمة التي لا تعرف العبث، حينها أن يجيئ ذلك في وقت كانت هناك عالمة جليلة وسيدة مبجلة كريمة علي رأس المؤسسة الثقافية القومية التي أوكل إليها تنظيم الحدث الكبير والإعداد له، فخرجت النسخة الأولي من معرض الكتاب في عهد المفكرة الكبيرة الراحلة د. سهير القلماوي، وتتابعت دوراته في هيئة منتظمة تؤكد استقرار البلاد، وتدور دورة الزمن، وتجيئ النسخة الخمسون من السلسلة العريقة التي تثبت إلي جوار مئات الملامح والفعاليات الأخري للعالم أن وطننا أرض عراقة وحضارة تصنع دومًا الرقي، ولهذا بدا طبيعيًا أن يجيئ الاحتفال بالعيد الذهبي لمعرض الكتاب حدثًا استثنائيًا احتشدت له الجهود، وتشكلت من أجله اللجان، وحسنًا فعلت إدارة معرض الكتاب برئاسة الناقد د. هيثم الحاج علي، حين حرصت علي اختيار الوجوه الجديدة لتشكل عماد لجان الإعداد للأنشطة الفكرية والفنية، بعيدًا عن المرتزقة من أهل »السبوبة» في عالم الثقافة والأدب، وغير مبالية بالمبتزين من أشباه المثقفين وذوي الوجوه المحترقة المستهلكة التي لا تمتلك سوي »البلطجة» أسلوبًا وحيل التهديد والوعيد أداة للضغط لإرهاب المسئولين عن المؤسسات الثقافية القومية، وابتزازهم بغير وجه حق، وأدعو هؤلاء المسئولين إلي الوقوف في وجه أفراد عصابات »السبوبة»، وعدم الخضوع لوسائل التهديد والابتزاز قطعًا لدابرهم، ولكن في نفس الوقت أعاتب إدارة معرض الكتاب علي عدم توفيقها في اختيار إحدي الإعلاميات الحسناوات كعضو في إحدي لجان المعرض، فمع احترامي لها هناك من هم أقدر كثيرًا علي تقديم خبرات قيمة وجهودًا أكثر سدادًا ورؤي أعمق، وما جري بعد ذلك من اعتذار هذه الإعلامية الفنانة بارعة الجمال عن قبول عضوية اللجنة تسبب في هوان لحق »بوجه المعرض».. حدث مصر الثقافي الأعرق، كان في غني عنه، فهو أرقي كثيرًا من ذلك!