من الطبيعي ان يحظي رئيس الوزراء التركي رجب طيب اردوغان بكل الترحاب والتقدير من الشعب المصري.. ان الاعجاب بهذا المسئول التركي الذي يتزعم حزب العدالة والتنمية الحاكم في الدولة التركية يعود إلي هذه العوامل: التعاطف مع تركيا كدولة اسلامية لها علاقات تاريخية قديمة بمصر حتي لو ارتبطت بفترة سيطرة وهيمنة العصر العثماني. عودة التقارب بين الشعب المصري والشعوب العربية وبين الدولة التركية نتيجة لمواقفها الأخيرة المناهضة لاسرائيل - الدولة الصديقة والحليفة سابقا - وهو ما يصب في صالح القضية.. قضية كل العرب. ترحيب عربي بعودة تركيا إلي التعامل الايجابي في علاقاتها مع العالم العربي بعد قطيعة استمرت سنوات طويلة نتيجة التحالف مع الكيان الصهيوني والتوجه الي اوربا وهو ما ادي إلي عزلة تركيا عن العالم العربي. تصاعدالاعتقاد لدي العالم العربي بأن تركيا قد تخلت عن العمل في فلك التحالف مع اسرائيل لصالح الشرق الاوسط الجديد. نجاح رجب طيب اردوغان بميوله الاسلامية بعد توليه مسئولية الحكم عقب سنوات من الانقلابات وعدم الاستقرار بارادة شعبية انتخابية في نقل تركيا من عداد الدول المنهارة اقتصاديا الي الدولة البازغة اقتصاديا وسياسيا الي درجة أنها اصبحت تحتل المركز ال 16 علي مستوي الاقتصاد العالمي وهو ما كان مدعاة لإعجاب وانبهار المصريين. يتطلع العالم العربي الذي ادت سلوكيات دولة ايران إلي اثارة شكوكه حول نواياها إلي ان تؤدي ايجابية الدور التركي إلي احداث التوازن المطلوب بالشرق الاوسط. تزايد الامل علي ضوء ما تم من اتفاقات وتعاون استراتيجي في دخول التعاون المصري التركي مرحلة ايجابية فعالة تؤدي الي خلق واقع جديد في الشرق الاوسط يمكن ان يساعد في الاستقرار وتقييد عربدة اسرائيل. وعندما ننظر إلي التجربة التركية والنجاح الذي حققته وجنوحها سياسيا ناحية التعاطف في اتجاه التعاون مع العالم العربي فان علينا ان نتدارسها في العمق وإلا يكون تعاملنا معها سطحيا ومظهريا. ان كلامي موجه بالذات وبصفة خاصة إلي تلك التيارات الاسلامية التي اتيحت لها الفرصة للظهور علي الساحة المصرية بعد الثورة. لا جدال ان هذه التيارات في حالة تشوق لركوب موجة هذه الثورة التي لم يكن لها يد في اندلاعها. انها تعمل باجتهاد للوصول الي سدة الحكم. علي هذه التيارات بكل اطيافها وما اكثرها ان تكون واعية تماما للتوجه الديمقراطي لحزب رجب اردوغان ذي الميول الاسلامية والذي اثبت وجوده سياسيا واقتصاديا. ان هذه الحكومة ملتزمة تماما باللعبة الديمقراطية الصحيحة بعيدا عن التسلط والهيمنة والارهاب وممارسة اي من ضغوط القوة غير المشروعة علي المجتمع والقوي السياسية الاخري. ان هذه التيارات الاسلامية تحتاج الي مذاكرة التجربة التركية بأمانة ومصداقية بما يحقق اماني ومصلحة الشعب ولا يتعارض مع توجهاته ووحدة نسيجه. مطلوب من رموز التيارات الاسلامية في مصر أن تتخلي عن توجيه سهام تطرفها البعيد كل البعد عن التسامح وأن تتجاوب مع الصالح العام. عليهم أن يعطوا لانفسهم الفرصة للاطلاع علي ما حققته تركيا ايدلوجيا واقتصاديا. عليهم أن يضعوا في اعتبارهم أيضا أن تقدمها السياحي الذي وصل بعدد السياح الذين زاروها إلي 82 مليون سائح يحققون ما يزيد علي 03 مليار دولار لخزينتها. ان هذا الدخل كان السند الذي ساهم في دعم تقدمها ونهضتها. اذن فان زيارة رجب طيب اردوغان لمصر لابد وان تدفعنا إلي ادراك أن تقدم تركيا تحت حكم حزب العدالة والتنمية لم يتحقق برفع الشعارات.. وانما جاء نتيجة فكر حقيقي وانجازات حقيقية من خلال التعامل القائم علي الواقع دون اي تنازل عن القيم والمباديء الاساسية للاسلام.