لم تصدق زوجته أنه غافلها ومات، ذهبت لتحضر له كوب اللبن،وحين عادت وجدته صامتا ، ظنت أنه يمازحها كعادته، أو هي حكاية أخري من حكاياته، لكن العم خيري كان قد مات بالفعل ..مات هادئا وصافيا، مات بدون وجع أو كدر أو ضيق ،مات وهو يكلم صديقه الروائي ابراهيم آصلان ، مات وهو يواصل الحكاية، هو الحكاء الكبير الذي أدمن الحكاية ، للدرجة التي لا نعرف فيها إن كانت رواياته تشبه الواقع ،ام أن الواقع هو الذي يشبهها ..كل رواياته تسقط الفارق بين الأدب والواقع ،بين اللغة والحكي ، لغته لا تتعمد الزخرفة والتنميق، لغة تنتمي الي لغة الشارع بكل حيويتها وبساطتها وفجاجتها أيضا ، شخصياته ليست من وحي الخيال ، كلها عايشها وعرفها وخبرها ، كل ما فعله أنه مد يده وكتبها كما هي .. تلك اللغة الشعبية بخصوصيتها المصرية جدا،والمفردات التي تسكن الواقع الذي ينقله ويعبر عنه، كانت سببا في حجب جائزة الجامعة الامريكية عنه حين عجز المترجم عن ترجمة روايته (صالح هيصه) بمفرداتها الغارقة في الشعبية أو الشعبوية، وأعطيت الجائزة له عن رواية أخري اقدم هي (وكالة عطية).. كتب خيري شلبي 70 رواية وقصه ومسرحية (رحلات الطرشجي الحلوجي ، الشطار ،موال البيات والنوم، أحلام عم احمد السماك، الوتد، أسطاسية) وقبل أسابيع صدر له الجزء الاول من سيرته الذاتية (أنس الحبايب).. كتابات أقرب الي الحكي الشفاهي منها الي السرد الروائي المتخيل، وهي اقرب الي رجل الشارع المصري البسيط والي تفاصيل الحياة اليومية، ولهذا كان من أكثر أدباء جيله ارتباطا بالشباب من الكتاب، وأقربهم، وهكذا أطلقوا عليه العم خيري.