قالت المندوبة الأمريكية لدي حلف الأطلنطي »كاي بايلي هاتشيسون» ان الولاياتالمتحدة مستعدة لضرب منظومة الصواريخ الروسية المجنحة متوسطة المدي إذا لم تتخل موسكو عن برنامج تطوير هذه الصواريخ! جاء ذلك في مؤتمر صحفي وجهت فيه هاتشيسون إلي روسيا تهمة انتهاك معاهدة حظر الصواريخ متوسطة وقصيرة المدي. ولم يصدق الصحفيون آذانهم عندما سمعوا تصريح السيدة هاتشيسون، وسألوها: أريد ايضاحا لتصريحك نحن نشعر بالاضطراب والانزعاج. هل تقصدين مطالبة روسيا بسحب هذه الصواريخ؟ نحن نعتقد انك لا تريدين القول بان أمريكا تضرب هذه الصواريخ الروسية؟!! وردت هاتشيسون بقولها: »ماذا نفعل إذا استمر وجود هذه الصواريخ؟ في هذه الحالة.. لا مفر من ضربها»!! إذن.. فإن هذه السيدة تتجاوز حدود سلطتها وتتصرف كما لو كانت تملك تفويضا بإعلان الحرب العالمية الثالثة، وكما لو كانت هي الدولة، وليست مجرد سفيرة في حلف الاطلنطي، وتعطي لنفسها الحق في التهديد بشن حرب وقائية ضد روسيا وتعريض العالم كله للخطر ومعلوم ان صدور إشارات خاطئة من أحد طرفي دولتين نوويتين يفتح الباب أمام كارثة تهدد البشرية كلها. وجاء هذا اللا معقول عقب الهراء الذي صرح به وزير الداخلية الأمريكي »رايان زنكي» عندما اقترح قيام البحرية الأمريكية بفرض حصار علي روسيا بسبب صادراتها من الطاقة! كلها تصريحات طائشة ومتهورة وتفتقد إلي الشعور بالمسئولية. وكان كل من الزعيم السوفيتي جوروباتشوف والرئيس الأمريكي رونالد ريجان قد وقعا علي معاهدة الصواريخ متوسطة وقصيرة المدي، التي تحظر منظومة الصواريخ القادرة علي حمل رؤوس نووية في البر ويصل مداها إلي أكثر من خمسمائة كيلومتر. وعلي مدي سنوات ظلت روسيا تعلن ان الولاياتالمتحدة انتهكت هذه المعاهدة عندما أقامت منظومات صاروخية قادرة علي حمل رؤوس نووية في شرقي أوروبا علي الحدود الروسية. والمعروف انه عندما تم توقيع هذه المعاهدة، كان حلف الاطلنطي بعيدا عن حدود روسيا، فقد كان الاتحاد السوفيتي لا يزال قائما وتمتد حدود حلفائه إلي الحدود الغربية لألمانيا الشرقية. أما الآن، فإن حلف الاطلنطي يواصل التوسع - رغم حل حلف وارسو المضاد له مع نهاية الحرب الباردة- ويضع صواريخه علي حدود روسيا، وتأخذ موسكو تهديدات هذا الحلف علي محمل الجد. الأكثر من ذلك، أن الولاياتالمتحدة تستعد لإقامة قاعدة عسكرية في بولندا، علي أبواب بيلاروسيا، كجزء من خطة توسيع الحلف بعد ضم مونتينيجرو »الجبل الأسود» إلي هذا الحلف، إلي جانب الزيادة الكبيرة في الوجود العسكري الأمريكي - الأطلنطي في دول بحر البلطيق (استونيا ولاتفيا وليتوانيا) وفي البحر الأسود، والطريق ممهد العضوية مقدونيا في حلف الأطلنطي، أي أن روسيا تواجه حصارا عسكريا أمريكيا- اطلنطيا. فهل هذا الحصار مسموح به لحلف الاطلنطي ويشكل ضرورة حتمية بالنسبة للغرب، بينما غير مسموح للدولة التي تتعرض لهذا الحصار، الذي يهدد أمنها القومي، بأن تدافع عن نفسها؟ كانت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا علي حق عندما علقت علي تصريح السيدة هاتشيسون بقولها »علي الدبلوماسية الأمريكية أن تبذل جهودا كبيرة من أجل محو آثار أخطائها».