أبواب القاهرة الفاطمية، حصون تاريخية ظلت لسنوات طويلة تحمي العاصمة وتقف شامخة أمام الأعداء وتتصدي لكل من تسول له نفسه التعدي علي أرض المحروسة، شيدها القائد الفاطمي "جوهر الصقلي" لتحمي العاصمة من كل اتجاه بعد أن هزم الأخشيديين، وتعد الأبواب مثل الفتوح والنصر وزويلة وغيرها من أهم الآثار الباقية في مصر من العصور الوسطي. ظن "الصقلي" أن تلك الأبواب ستظل شامخة طول الدهر، إلا أنه لم يتخيل أن تلك الأبواب التاريخية ستنحني أمام إهمال الأحفاد، لتصرخ تلك الأبواب مطالبة بإنقاذها من حصار القمامة والباعة الجائلين ومخلفات المقاهي وغيرها من مظاهر الفوضي التي تشوه صورتها وتهدر قيمتها التاريخية والسياحية. "الأخبار" رصدت المأساة علي أرض الواقع وواجهت الخبراء والمسئولين في محاولة لإنقاذ الأبواب التاريخية. » باب زويلة «.. هنا التاريخ يتحدث عن نفسه من أمام بواباته الشامخة تنطلق في رحلة زمنية تعود بك إلي ما يقرب من ألف سنة في الحدث التاريخي المهم عندما أرسل هولاكو رسله لتهديد مصر فأعدمهم السلطان قطز وعلق رؤوسهم علي باب زويلة، ليشهد التاريخ أن مصر ستظل دائما وأبدا «مقبرة الغزاة». تقع تلك التحفة التاريخية بالضلع الجنوبي لسور القاهرة وسمي «زويلة» نسبة إلي قبيلة من البربر بشمال إفريقيا انضم جنودها إلي جيش جوهر الصقلي عند فتح مصر وكان الباب الأصلي الذي بناه وهو عبارة عن بابين متلاصقين يقعان عند مسجد ابن البناء الذي يعرف اليوم باسم زاوية العقادين بجوار سبيل العقادين بشارع المعز.. الرحلة الزمنية التي انطلقت بها لتشاهد عظمة هذا الباب، تفيق منها علي كابوس مزعج ليس له أي علاقة بالحضارات المصرية التي شهدت أسمي معاني الرقي والازدهار، والآن فقد أصابها فيروس الإهمال الذي ولد من رحم غياب القانون. الصدمة تفاجئك عند اعتاب «باب زويلة» فالبوابتان تآكلتا بفعل الزمن، معالمهما الذهبية اختفت، قطع العاج التي تزين الباب سُرق منها ما سرق والباقي ظل كما هو يشهد علي الإهمال.. السفينتان التي وضعهما الفاطميون علي الباب لتوضع فيها الحبوب لتأكل الطيور، سرقت إحداها وبقيت الأخري دون حماية تنتظر اليوم الذي سيأتي فيه لص آخر يسرق قطعة أثرية لا تقدر بثمن. وفي النهاية نصل إلي المشانق التي علق عليها أعداء مصر، فقد طالتها يد الإهمال وغطتها الأتربة وظلت كما هي معلقة علي حائط أثري أكل منه الزمن ما أكل.