رغم فارق السن بينهما، إلا أنهما كانتا صديقتين، فالحاجة «تهانى»، لم تفارق «آلاء»، 14 عامًا، حتى إنهما لقيتا مصرعهما بحادث سقوط «ميكروباص» معدية أبوغالب بمنشأة القناطر. عايشين اليوم بيومه «العجوز»، والفتاة اليافعة، خرجتا للعمل من قريتهما بأشمون في المنوفية، إلى مخزن تغليف فاكهة «العنب»، وغرقتا سويًا وعثرت أسرتاهما على جثتيهما ضمن 9 أخريات حتى الآن، بخلاف المفقودين. هنا عم فتحى محمد، زوج «تهانى» يستعيد ذكريات 30 سنة زواجا، حزينًا يروى أن تلك السنين ضاعت في غمضة عين، إثر استهتار شباب تشاجروا مع سائق «الميكروباص» أعلى المعدية قبل سقوطه في مياه نهر النيل. ظروف «فتحى» المعيشية البسطية اضطرت زوجته للعمل في سنها الكبيرة، يقول إنها طول عمرها «سندى وعكازى» ولا ينسى لها جمايلها، فهما أبوان ل4 أولاد منهم من على «وش جواز» ويحتاج إلى مصاريف وتكاليف باهظة، غير أنهم «عايشين اليوم بيومه»، لضيق ذات اليد. فوجئوا بالإطار الأمامى ينفجر قبل تسلم الرجل الستينى التصريح بدفن جثمان زوجته، أدلى بأقواله أمام النيابة العامة، وقال إن الحادث «قضاء وقدر»، ولم يتهم أحدًا بالتسبب في وفاة «أم العيال» جنائيًا، فحسب قوله «أنا ما شوفتش حاجة بعينى، الأهالى قالولى الميكروباص غرق، روحت مكان الحادث لقيتهم طلعوا مراتى ميتة». حرقة قلب عبدالمجيد عامر بدت على ملامحه بعدما فقد «آلاء»، طالبة المرحلة الإعدادية، التي قال عنها إنها كانت «مصدر الأمان للبيت كله»، فبعد انتهائها من الامتحانات طلبت منه العمل لمساعدته، رغم أن ترتيبها «الثانى» بين أشقائها. لم تشك «آلاء» من عملها طيلة أسبوع مضى، بل كانت تروى لوالدها عن شهامة «محمد» سائق «الميكروباص» الذي ركبت معه يوم الحادث، فيذكر الأب أنها حكت له أنها وزميلاتها كن في «ميكروباص» آخر للعودة إلى منزلهم وفوجئوا بالإطار الأمامى ينفجر، فما كان من «محمد» إلا أن توجه إليهن ونجدهن ووصلهن إلى منازلهن. سير المعدية دون ترخيص استبعد الأب اتهام سائق «الميكروباص المنكوب» بالتسبب في الحادث، وصدق ما قاله المتهم وشهود عيان أن شابا كان يتحرش بفتاة كانت تستقل السيارة، فتدخل السائق لإثنائه عن فعلته ولما تشاجر معه استعان المتحرش بآخرين وتعدوا عليه و«زقوا العربية في الميه»، وفق كلامه. والد «آلاء»، طالب بسرعة القبض على هؤلاء المتسببين في الحادث، رغم وقوع المسؤولية بعض الشىء على سائق «الميكروباص» لتركه السيارة ونزوله للتشاجر، وتحميله بالزيادة، وسير المعدية دون ترخيص وتهالكها.
