طرح المركز المصري للفكر والدراسات الاستراتيجية، ورقة بحثية تتضمن 3 محاور يمكن من خلالها تعزيز مكانة مصر وعوائدها من عضويتها في تجمع السوق المشتركة لدول شرق وجنوب افريقيا "كوميسا" من خلال الاستفادة مما تقدمه المنطقة الاقتصادية لقناة السويس. ويركز المحور الأول علي تعزيز التجارة بين مصر ودول الكوميسا عبر الطريق البري الدولي، وهو مايؤكد الأهمية لتطوير شبكة الطرق البرية السريعة بين دول كوميسا في ظل الطفرة التي شهدتها البنية التحتية للنقل البري في مصر في السنوات الأخيرة والتي تجعل من الممكن الربط بين مصر والسودان وإثيوبيا برياً في المستقبل القريب. ويمكن استغلال القيمة الكبيرة للمنطقة الاقتصادية لقناة السويس في مجال نقل وتفريغ الحاويات وتقديم الخدمات اللوجستية للربط التجاري بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) خاصة إذا تم استكمال الطريق البري المعبد بين الدول الثلاث، مع تأهيل المعابر الحدودية البرية لاستيعاب التطور الكمي والنوعي في التجارة البينية. ويحقق هذا النوع من الربط الاقتصادي العديد من العوائد لمصر خاصة في ظل كون الاقتصاد الإثيوبي الاقتصاد الأسرع نمواً في القارة الأفريقيا خلال السنوات الماضية كما يحقق العديد من المزايا السياسية بجعل إثيوبيا أكثر "اعتمادية" علي مصر في تأمين مصالحها الأساسية بما يمكن توظيفه في العديد من الملفات ذات الأهمية في العلاقات الثنائية. أما المحور الثاني فيركز علي جذب الاستثمارات عبر تأسيس شركات جديدة وتعزيز ريادة الأعمال وفقاً لمؤشرات البنك الدولي يحتل تجمع الكوميسا المرتبة الأدني بين مختلف التجمعات الاقتصادية الفرعية الأفريقية من حيث سهولة تأسيس الأعمال الجديدة، وتمنح العقبات التي تواجه إطلاق الأعمال الجديدة في دول تجمع الكوميسا المنطقة الاقتصادية لقناة السويس ميزة نسبية كبري تجعل منها مقصداً محتملاً للمستثمرين ورجال الأعمال من دول التجمع. ويمكن الترويج للمزايا الكبيرة لتأسيس الأعمال في المنطقة الاقتصادية لقناة السويس علي هامش فاعليتين تستضيفهما مصر خلال العام الجاري وتشارك فيهما الكوميسا بقوة وهما معرض Destination Africa المقام في القاهرة بين 17 و19 من نوفمبر المقبل، ومنتدي الأعمال في أفريقيا المقام في شرم شيخ يومي 8 و9 ديسمبر المقبل. أما المحور الثالث فهو الشراكة في مجال الطاقة، حيث أحرزت دول الكوميسا تقدماً محدوداً في مجال توليد ونقل الطاقة الكهربائية بما لا يتناسب مع خطط التنمية والتكامل الاقتصادي لدول التجمع في المستقبل، ما يعزز من قيمة أي مساهمة إيجابية في هذا المجال والذي تعد مصر فيه الدولة الرائدة بين جميع الدول الأعضاء. وهنا يمكن لمصر أن تنشط مشاركتها في مجال صياغة تنفيذ سياسات الطاقة مع دول تجمع الكوميسا من خلال الاستفادة من الأطر الجماعية التي يتيحها التجمع لصياغة تفاهمات جديدة ذات طبيعة مستدامة تنظم استغلال المياه في توليد الطاقة الكهربائية في حوض النيل، خاصة أن تجمع كوميسا يضم في عضويته كافة دول الحوض باستثناء جنوب السودان وتنزانيا. ويمثل اهتمام المنطقة الاقتصادية لقناة السويس بالطاقة المتجددة كأحد المحاور المستهدفة تجربة رائدة لدول الكوميسا يمكن الاستفادة منها بعدة طرق من بينها إتاحة فرص للبحث والتطوير في هذا المجال، وتأسيس شراكات مع الدول المتقدمة ذات التجارب القيمة في مجال الطاقة المتجددة، وتطوير مشروعات الربط الكهربائي بين دول الكوميسا.