من الحقائق المؤلمة ان الموقف الرسمي والشعبي من انتشار »القمامة« في الشوارع والميادين لا يوصف الا بأنه زبالة!! وأكثر من »الزبالة الحقيقية«، والا كيف تمر وتنقضي كل هذه الشهور، وجبال القمامة ترتفع في كل مكان امام اعيننا، وتكاد تغلق الشوارع والحارات حاملة في احشائها القذرة مختلف الحشرات والامراض؟! ناهيك عن سوء المنظر وبشاعته وما تتعرض له صورة القاهرة وبعض المحافظات من تشويه وتلطيخ؟! يحدث ذلك في الوقت الذي بهرنا فيه العالم عندما نقلت الفضائيات ووكالات الانباء صور ابناء الشعب المصري وهم ينظفون ويجملون ميدان التحرير وغيره من الميادين عقب سقوط رأس النظام ايذانا ومؤشرا الي بداية تحقيق افضل ثورة شعبية لاهدافها، واذا كان بعض الافراد يساهمون في هذه المأساة وهم - بالتأكيد - قلة قليلة، الا ان الحكومات المتعاقبة تتحمل الوزر الأكبر وبالمناسبة كانت »حكومة عاطف عبيد« هي التي وضعت اللبنة الأولي في هذه الكارثة البيئية والاجتماعية والانسانية فهي المسئولة عن اختراع منح شركات اجنبية امتياز »النظافة«، ومن ثم اختفي تقريبا الزبالون التقليديون، وقلنا لانفسنا انها علي اي حال تجربة سوف نري نتائجها، وقبلنا دفع رسوم علي فواتير الكهرباء لتحصل هذه الشركات علي اكثر من 654 مليون جنيه سنويا الي جانب ما تحققه من القمامة ذاتها وقد يصل الي 006 مليون جنيه، يعني ببساطة يصل ما يدخل جيوب اصحاب هذه الشركات اكثر من مليار جنيه سنويا، ويقال - والله اعلم - وقد تكشف تحقيقات الثورة ان بعض اباطرة النظام السابق لهم صلة ما بتلك الشركات التي تواصل فشلها في تنفيذ مهمتها دون ان يحاسبها احد، ربما لان التعاقدات المريبة معها تحميها من المحاسبة والمساءلة!! ولكن اذا كانت حكومات النظام السابق قد فشلت وتواطأت حتي بدأت جبال القمامة ترتفع كل يوم فماذا عن »حكومات الثورة«. وان كانت فترة كل منها محدودة للغاية الا ان الحكومة الحالية للدكتور »عصام شرف« مطالبة بالتحرك فورا وبالفكر والمنهج الثوري لانقاذ القاهرة وبقية المحافظات من هذه المأساة، ولنا في دول العالم المحترمة اسوة وقدوة، خاصة بعد استخدام التكنولوجيا بما يحول »القمامة« الي مكاسب وفوائد عديدة، فمصانع »التدوير« تحول مخلفات الزجاج والورق والبلاستيك وغيرها الي منتجات تحقق ارباحا ويحتاجها المواطن، وحتي ما يتبقي من القمامة يستخدم في »توليد الطاقة«، مثلما فعلت »النمسا« حيث يزور السياح »محرقة القمامة« (في فيينا) التي حولوا اسوارها الي متاحف فنية بأجمل الصور والرسوم، بينما يتم داخلها حرق القمامة التي توفر الطاقة المتولدة منها ما يكفي لتدفئة جميع مساكن وشوارع المدينة. تري هل يمكن ان تستعيد القاهرة وغيرها من المدن والمحافظات جمالها وبهاءها، وتختفي من حياتنا جبال وتلال القمامة بعد ان تكون الحكومة قد اتخذت الاجراءات العاجلة والحاسمة مع تلك الشركات؟ في الوقت الذي يتم فيه التوسع في انشاء »مصانع التدوير« واقامة »المحارق«، لتتحول القمامة من مصدر للتلوث البشع والامراض الخطيرة الي مصدر كبير للدخل القومي؟! المشكلة ليست مستعصية علي الحل. المطلوب فقط توفر »الارادة« و»الروح الثورية«! مجرد اسئلة هل ينجح المحامون الكويتيون الذين قرروا الحضور الي القاهرة للدفاع عن شهداء الثورة في إزالة ما فعله زملاؤهم الذين رفعوا شعار الوفاء لمبارك وجاءوا للدفاع عنه في مغالطة استفزازية للحقائق وكأنهم لا يعلمون ان الشعب هو الذي يستحق الوفاء لأن ابناءه من قواتنا المسلحة هم الذين ساهموا في تحرير الكويت، وان بيوت المصريين »الشعب« هي التي استضافت المهاجرين من اشقائهم الكويتيين. شهود الاثبات الذين تحولوا - بفعل فاعل - الي شهود نفي لتبرئة المسئولين عن جرائم قتل واصابة الثوار، هل يستطيعون ان يواجهوا زملاءهم الذين كشفوا كذبهم وخداعهم؟! بل هل يستطيعون مواجهة »ضمائرهم« اذا كانت مازالت حية؟!