فقدت خلال أيام قليلة اثنين من الزملاء الأعزاء ورفقاء رحلة البحث عن المتاعب ووجع القلب والدماغ والأعصاب. عماد عبدالرحمن وهشام العجمي.. كان الاثنان صحفيين لامعين.. الأول كان محرراً فنياً أصبح مشرفاً علي صفحة الإذاعة والتليفزيون اليومية بالأخبار وكان ينفرد في كل يوم بخبر جديد.. وصورة وتعليق حتي أصبحت الصفحة هي الأكثر تميزاً بين الصفحات المماثلة في الصحف المصرية، عاني عماد من المرض طويلاً لكنه كان يخفيه عنا.. وعندما ساءت حالته أخفي الأطباء عنه الحقيقة الكاملة حتي لقي ربه راضياً مرضياً منذ نحو شهر. أما هشام فقد لقي ربه بالنسبة لنا فجأة.. وإن كان الأمر محسوماً لدي الخالق.. فلكل منا أجل محتوم.. لا نستأخره ساعة ولا حتي ثانية. المفاجأة هذه أن تكون مع شخص عشر ساعات وتتركه في العاشرة مساء وهو في كامل صحته ولياقته ثم تتلقي بعد ساعتين خبر وفاته. مفاجأة تصل إلي حد الفاجعة.. لدرجة أنك لا تستطيع أن تفكر أو حتي تحزن أو تبكي.. المفاجأة أذهلتنا جميعاً خاصة أن معظمنا كان يعتقد أن هشام هو الذي كان سيقف ليأخذ عزاءنا.. ولكننا فوجئنا بأننا الذين نأخذ عزاءه. كان عماد وهشام من أطيب القلوب التي عرفتها وأطهرها وأنقاها، كلاهما كان يحظي بحب زملائه.. ولطيبة قلبيهما كانا دائماً يتعرضان لمقالب بعض الزملاء الظرفاء.. كانا يتقبلان الأمر بروح سمحة.. وكنا نري الأمر تخفيفاً لعناء مهنة تصيب أصحابها بكل أمراض الدنيا. رحل عماد.. ثم من بعده هشام.. الموت يأخذ أطيب من فينا.. لا اعتراض علي قضاء الله.. لكنه يعلمنا أن هناك من يموت ويبقي في الوجدان حياً.. وهناك من لايزال يعيش وكأنه غير موجود. رحمك الله يا عماد.. رحمك الله يا هشام.. صبر الله أهليكما.. وصبرنا علي فراقكما.. وعوضنا عنكما بجيل جديد من أبنائكما يواصل ما قمتما به من جهد.. ويحمل الراية التي حملتماها من أساتذتنا.. ووداعاً حتي ألقاكما.