أصابني الألم الشديد صباح السبت الماضي عندما علمت خبر رحيل الناقد الفني والإعلامي الشاب عماد عبد الرحمن مساعد رئيس تحرير زميلتنا الغراء جريدة »الأخبار« حيث كان يتولي أيضا رئاسة قسم الاذاعة والتليفزيون عقب رحيل أستاذه القدير عصام بصيله أحد أهم فرسان النقد الفني في مصر. وعماد عبد الرحمن تربطني به ذكريات كثيرة علي المستويين العام والشخصي منذ ان تعرفت عليه في بداية التسعينيات عندما جاء الي دار »أخبار اليوم« للعمل محررا إعلاميا بالشقيقه العزيزة »الأخبار« وكان يتميز بعده صفات تخطف العين والقلب فقد اتسمت تصرفاته مع مصادر أخباره بالجرأة والشجاعه ولم يكن ممن يمسكون العصا من المنتصف فالأمور الخاصة بعمله لا تحتمل أيه مزايدات وبالتالي كان كل ما ينشره ويحمل توقيعه غير قابل للتشكيك في مصداقيته أو أمانته الصحفية وربما كان هذا سببا في إختيارنا له ونحن نعد لإصدار مجلة »أخبار النجوم« ليكون المحرر المسئول عن أخبار مبني الإذاعة والتليفزيون في ماسبيرو مع مجموعة أخري من الزملاء في بقية الإصدارات الأخري. وأذكر ان أستاذنا إبراهيم سعده رئيس مجلس إدارة ورئيس تحرير »أخبار اليوم« الذي صدرت في عهده مجلة »أخبار النجوم« كان يتوقف دائما امام كل الأخبار أو الموضوعات التي كان يقدمها عماد عبد الرحمن من داخل ماسبيرو أو من خارجه فقد كان محررا فنيا شاملا واستطاع خلال فتره زمنية قصيرة ان يكون صداقات متعدده مع كبار مشاهير النجوم وهو الامر الذي دفعني الي الاتفاق مع الكاتبين الكبيرين محمد تبارك رئيس التحرير وأحمد صالح مدير التحرير ان نخصص صفحة خاصة لأسرار النجوم أطلقت عليها عنوان »مخبر النجوم« وكان عماد عبد الرحمن هو العمود الفقري لهذه الصفحة التي أثارت علي مدي عدة سنوات جدلا واسعا في الوسط الفني نتيجة لتميزها الشديد في نوعية ما تنفرد به من أخبار فنيه مثيره ولا أذكر انني قد تلقيت تكذيبا أو نفيا لأيه أخبار كان يأتي بها إلينا هذا الشاب الصحفي المجتهد فاستحق منا كل التقدير والاحترام. وبعد ذلك تتابعت خطوات عماد عبد الرحمن وصال وجال داخل أروقه مبني ماسبيرو وقام بإعداد مجموعة من البرامج الجيده للراديو والتليفزيون وازدادت صداقتنا بمرور السنوات علي الرغم من فارق السن بيننا وكان حريصا علي الاتصال بي في »أخبار اليوم« لتبادل الرأي والمشورة وكنت أنا بدوري ألجأ إليه في أحيان كثيره للاستفسار عن بعض الأمور المتعلقة بعملنا المشترك في الوسط الفني فالأخبار وأخبار اليوم وجهان لعمله واحده فنحن أسره صحفيه متماسكه ويربط الحب بيننا جميعا مهما اشتدت درجة التنافس المهني فالكيان متناغم ويسوده الانسجام الأخلاقي. ويشاء قدري ان أسافر مع صديقي العمده - عماد عبد الرحمن - في العام الماضي الي منطقة »بورت غالب« بدعوه من زميلنا الكاتب الكبير الصديق حامد عز الدين مدير الوكاله العربية للأخبار لحضور فعاليات المهرجان الذي تقيمه سنويا اتحاد الاذاعات العربية في إحدي الدول التي يضمها هذا الاتحاد المحترم وكانت مصر هي الدوله التي استضافت هذا الحدث ممثله في اتحاد الإذاعة والتليفزيون حيث فازت مطربتنا الجميلة ريهام عبد الحكيم بالجائزة الأولي الذهبية عن عمل غنائي أنتجته الاذاعة المصرية. وأذكر أن عماد كان قد بدأت متاعبه الصحية تهاجمه ولكنه لم يهدأ طوال المهرجان حيث أخذ يطارد الموسيقار الكبير حلمي بكر ليل نهار بصفته رئيسا للجنه تحكيم المسابقة لمعرفة من سيفوز بجائزة الميكروفون الذهبي حتي تمكن بطريقته الخاصة ان ينفرد قبل اي زميل أخر بخبر فوز مصر بالجائزة الأولي وكان ذلك قبل ختام فعاليات هذا الحدث ب 42 ساعه ونتيجه لما بذله من جهد مضن تعرض لأزمة سكر حاده استدعت بقائي الي جانبه ليله كامله حتي اجتاز الأزمة بسلام وقد أبلغني أن متاعبه الصحية قد أمتدت لتشمل أيضا منطقة الكبد وعلي الرغم من ذلك لم يفقد ابتسامته العريضه وقفشاته اللاذعه التي تعكس مدي ما كان يتمتع به من خفة ظل لإنسان يعمل في صمت وهو يحمل علي كتفيه آلاما تفوق قدرة البشر علي التحمل. رحم الله صديقي وزميلي العزيز وابني وأخي الأصغر عماد عبد الرحمن الذي مضي الي رحاب ربه وهو راضي النفس مرتاح الضمير عالي المكانه بين كل زملائه في بلاط صاحبة الجلاله.