واحد من أهم اللقاءات التي أجراها الرئيس عبد الفتاح السيسي علي هامش اجتماعات الجمعية العامة، لقاؤه مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. جاءت القمة قبل ساعات من إلقاء الرئيسين خطابين في اليوم الأول للاجتماعات أوضحا فيهما رؤيتي مصر وأمريكا للقضايا والتحديات التي تواجه العالم، فأمريكا باعتبارها القوة العظمي لديها تصور شامل لما يحدث في كل مكان، وهذا التصور لم يعد غامضا أو رماديا كما كان في عهد الإدارة الديمقراطية السابقة، بل شديد الوضوح لدرجة أنه يثير جدلا عالميا غير مسبوق. ومصر، باعتبارها قوة إقليمية لها دور كبير، كما وصفها ترامب نفسه خلال لقائه الرئيس السيسي، استعادت مكانتها وقدمت رؤية متكاملة لقضايا المنطقة والعالم، طرحها الرئيس علي الجمعية العامة. اللقاء كان وديا ومثمرا، أظهر مدي قوة العلاقة الاستراتيجية بين مصر والولاياتالمتحدة وهو ما أكده ترامب علي صفحته علي تويتر عندما كتب »كان شرفا عظيما ان التقي بالرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في الولاياتالمتحدة وقد كان اجتماعا عظيما». وقد أسهم اللقاء بما لا يدع مجالا للشك في زيادة أطر التعاون بين البلدين، بعد تأكيد الرئيس ترامب علي أن الإدارة الأمريكية تولي علاقاتها المشتركة مع مصر مزيدا من الاهتمام لتعزيز ودفع العلاقات الاستراتيجية بينهما، بما يشكل تحولا كبيرا في العلاقات بين البلدين، وإعادة تأسيس جديد للعلاقات المصرية - الأمريكية، للانطلاق بها نحو شراكة حقيقية لمصلحة الدولتين، في ظل عالم شديد التقلبات والتحولات، وذلك بعدما شهدت علاقات البلدين عديدا من التوترات وعدم اليقين قبيل 25 يناير 2011 وبعده، إلي أن استقرت خلال السنوات الأربع الأخيرة. فقد أكد الرئيس السيسي حرص مصر الدائم علي تعزيز وتدعيم علاقات الشراكة المتميزة مع الولاياتالمتحدة، مشيرا إلي أهمية دور تلك الشراكة في تعزيز السلام والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وتطلع مصر لمزيد من التنسيق والتشاور مع الولاياتالمتحدة بشأن مختلف قضايا المنطقة، خاصة مكافحة الإرهاب باعتباره الخطر الأكبر الذي يهدد استقرار المنطقة والعالم. كما ان ما أعلنه الرئيس الأمريكي، بشأن اهتمامه بزيادة التنسيق والتشاور مع الرئيس السيسي، حول قضايا الشرق الأوسط وسبل التوصل لتسوية الأزمات به، بالإضافة إلي قضية مكافحة الإرهاب، يؤكد حقيقة الدور المحوري الهام لمصر، وحجم تضحياتها لتحقيق الاستقرار والأمن لجميع شعوب المنطقة. كانت القضية الفلسطنية من أهم المحاور التي تحدث فيها الرئيسان للوصول إلي حل مثالي يرضي جميع الاطراف في تلك القضية التي اصبحت علي المحك، حيث كانت رسائل الرئيس السيسي واضحة، بضرورة ضمان حقوق الشعب الفلسطيني واقامة دولته المستقلة وفق المرجعيات الدولية. تناول اللقاء ايضا ملف مكافحة الارهاب، حيث أشاد الرئيس الأمريكي بالجهود المصرية الناجحة في التصدي بحزم وقوة لخطر الإرهاب، باعتبارها في طليعة الدول التي تواجه هذا الخطر، مؤكدا أن مصر تعد شريكا محوريا في الحرب علي الإرهاب، ومعرباً عن دعم بلاده الكامل للجهود المصرية في هذا الصدد. وفي المقابل، أشار الرئيس السيسي إلي أهمية مواصلة التعاون المصري الأمريكي المشترك للتصدي للتنظيمات الإرهابية بهدف تقويض الإرهاب ومنع وصول الدعم له سواء بالمال أو السلاح أو الأفراد، فضلا عن منع توفير ملاذات آمنة له، مستعرضا تطورات جهود مصر للتصدي للإرهاب عسكريا وأمنيا وفكريا. هذا وقد احتل الاقتصاد جزءاً مهماً من جدول أعمال الرئيس المصري، حيث تم خلال اللقاء استعراض أوجه التعاون الثنائي بين مصر والولاياتالمتحدة، وسبل زيادة حجم الأنشطة الاستثمارية للشركات الأمريكية في مصر لاسيما في ضوء التقدم المحرز في تنفيذ برنامج الإصلاح الاقتصادي وتهيئة البنية التشريعية والإدارية لجذب مزيد من الاستثمارات إلي مصر، وأشاد الرئيس الأمريكي بالخطوات الناجحة التي تم اتخاذها لإصلاح الاقتصاد المصري وزيادة تنافسيته، مؤكداً رغبة الولاياتالمتحدة في زيادة حجم التبادل التجاري بين البلدين وتعزيز الاستثمارات المشتركة بينهما. وتضمن جدول أعمال الرئيس السيسي عددا من اللقاءات مع الشخصيات السياسية والفكرية ذات الثقل بالمجتمع الأمريكي، وقيادات كبريات الشركات الأمريكية، وصناديق الاستثمار وبيوت المال، وكبار مسئولي وأعضاء غرفة التجارة الأمريكية، وعدد من أعضاء الكونجرس، حيث ألقي الرئيس السيسي الضوء خلال هذه الاجتماعات علي تطورات الإصلاح الاقتصادي، وجهود تشجيع الاستثمار، ودور القطاع الخاص في تحقيق التنمية، وآخر التطورات فيما يتعلق بالمشروعات التنموية العملاقة التي تنفذها مصر. وفي ضوء ذلك، تم بحث سبل تعزيز الشراكة الاستراتيجية بين البلدين. وتسعي مصر من خلال الزيارة إلي جذب عدد من المستثمرين الأمريكيين، وتشجيعهم علي الاستثمار في مصر، عبر شرح الأوضاع الاقتصادية في البلاد، ومحفزات الاستثمار، فهذه ليست المرة الأولي التي يحتل فيها الجانب الاقتصادي جزءاً مهماً من زيارة السيسي للولايات المتحدةالأمريكية.. لكن الجديد هذه المرة هو أن الوفد المرافق للرئيس أعد ملفاً متكاملاً عن فرص الاستثمار في مصر، وخطوات الإصلاح الاقتصادي، وإجراءات تشجيع الاستثمار الأجنبي، مدعوماً بالأرقام والمعلومات والصور والفيديو، وتم توزيعه علي رجال الأعمال والمستثمرين الأمريكيين، حيث لم تقتصر اللقاءات علي الحديث والمناقشات فقط. كما تم خلال اللقاء بحث عدد من الملفات الاقليمية خاصة الوضع في كل من ليبيا وسوريا واليمن.