فكر جديد وآليات جديدة لمواجهة المشاكل وليس تجديدا للقرارات القديمة التي سبق واصدرتها حكومات سابقة بقيت حبرا علي ورق في ارشيف محاضر مجلس الوزراء، كنا نتمني ان يتم تفعيل هذه القرارات السابقة من الحكومة الحالية بدلا من تكرار اصدارها في صيغة جديدة. واذا بدأنا بالقرار الخاص بالامتناع عن توصيل الكهرباء إلي العشوائيات بعد سبتمبر فإن احصاء عدد المرات التي صدر فيها مثل هذا القرار من قبل سيكون مهمة شاقة جدا لانه من التصريحات الدورية لكل رئيس وزراء سابق ولم يكن يصمد عدة شهور، وفي كل مرة يتم التراجع عنه تحت ضغط الامر الواقع »المناسبات البرلمانية« ومع موعد اقتراب انتخابات مجلسي الشعب والشوري والانتخابات المحلية ايضا. ولا نعرف لماذا الكهرباء فقط؟! علما بان المناطق العشوائية تتمتع منذ البداية بتوافر مياه الشرب، واحيانا الصرف الصحي والتليفونات!! فهل كان من الضروري اضافة قرار جديد للمنع فوق عشرات القرارات السابقة؟! ان الحكومة الحالية في قرارها الجديد تسير علي نفس الطريق الذي سارت فيه الحكومات السابقة وهو الاعتماد علي العقوبة فقط. رغم اننا نعلم ان السبب الرئيسي لانتشار العشوائيات هو رخص سعر المتر المربع من الارض الزراعية عن متر الارض الصحراوية التي تتحكم الدولة في بيعه، واذا تغير الحال واصبح ثمن متر الارض الصحراوية اقل من الزراعي سيتوقف المواطنون مباشرة عن تبوير الارض الزراعية فمزايا البناء علي الارض الصحراوية كثيرة وهي افضل الف مرة من البناء علي الارض الطينية التي تتعرض للهبوط ولها العديد من المشاكل الفنية والصحية والاجتماعية حتي بعد سكنها. واذا ظلت الحكومة تنظر هذه النظرة الضيقة للارض الصحراوية باعتبارها مصدرا سريعا وسهلا ليحقق السيولة النقدية للحكومة فستظل المشكلة علي ما هي عليه وسيستمر الزحف علي الاراضي الزراعية، وفي كل مرة تتراجع الحكومة وتقدم المرافق تحت ضغط الامر الواقع. ومن يتأمل قرار الحكومة بشأن منع توصيل المرافق يكتشف انه علي العكس تماما، فهو قرار بالسماح وليس بالمنع لانه ينص علي السماح بتوصيل المرافق للمباني العشوائية المقامة قبل سبتمبر الماضي أي انه لم يستثن سوي عشوائيات الشهور الثلاثة الماضية فقط والذي يتوقع ان يصيبها الدور في الشهور الثلاثة القادمة!! قرار اضافة يوم اجازة اسبوعية للعاملين بالجهاز الاداري للدولة وهذا القرار ايضا ليس جديدا تماما ولكنه ليس كالقرارات السابقة في عدد مرات صدوره، فقد صدر من قبل مرة واحدة ومعمول به في معظم الوزارات ومنها علي سبيل المثال وزارة الكهرباء والطاقة والبترول والقوي العاملة والتخطيط والتنمية المحلية والخارجية والزراعة وكثير من قطاعات وزارة الثقافة والاستثمار والطيران والسياحة والتجارة والصناعة اي ان القرار صدر من اجل عدة هيئات واجهزة خدمية مثل التأمينات والتعليم علما بأن قطاع المدارس التجريبية يتمتع بهذه الاجازة ايضا وكذلك المدارس الخاصة. ان الجديد الذي كان يمكن لهذا القرار ان يضيفه هو النص علي اجازات القطاع الخاص وهو القطاع الاكبر بعد عمليات الخصخصة للعديد من شركات القطاع العام، حتي اصبح القطاع الخاص يمثل اكثر من 07٪ من النشاط الاقتصادي، وهذه الحكومة هي حكومة لكل المصريين وليس للعاملين في جهازها الاداري فقط ويجب ان تلتفت للعاملين في هذا القطاع ليس لتحديد يوم الاجازة فقط بل بتحديد ساعات العمل وكل ظروف وشروط التعاقد مع اصحاب الاعمال الذين يحددون كل ذلك من جانبهم في ظل وفرة الايدي العاملة وانتشار البطالة واجبار العمال علي عقود اذعان تتجاهل الكثير من الحقوق ويشترطون ذلك منذ بداية التعاقد حيث يوقع العامل عقد الاستقالة قبل عقد العمل! اجازة اليومين خطوة جيدة تعمل بها معظم دول العالم وتساهم في تجديد حقيقي لنشاط العاملين وربما تساهم في تحقيق الانضباط في ايام العمل الخمسة. كما ستحقق العديد من المكاسب الاقتصادية غير المنظورة للعامل ولأصحاب العمل وللدولة، فتوفر للعامل تكاليف الانتقال وما ينفقه في مكان العمل يوميا وستوفر ايضا لاصحاب العمل جزءا من الاستهلاك اليومي، كما ستوفر للدولة ما يضيع من استغلال المرافق من المياه والوقود وتقلل التلوث وميزانيات العلاج الناتجة عنه خاصة في المدن المزدحمة وعلي رأسها القاهرة التي اصبحت الحركة فيها مستحيلة وهذه مشكلة اخري يجب ان تحظي بحل سريع من الحكومة، وربما يكون اسرع الحلول هو اليوم الاضافي للاجازة علي ان يوزع بين الوزارات والهيئات علي مدار ايام الاسبوع وليس تحديده بيوم واحد فقط. فيمكن اعطاء المدارس مع بعض الوزارات يوم السبت اجازة والجامعات يوم الخميس علي سبيل المثال، وهكذا بحيث تتوازن الحركة في الشوارع خلال ايام الاسبوع. يبقي القرار الخاص بحظر استيراد السلع والمنتجات التي يوجد منها منتج محلي فان هذا القرار تم اتخاذه عدة مرات في حكومات الدكاترة عاطف صدقي والجنزوري وعبيد وكانت هناك قوائم بالسلع المحظور استيرادها للحكومة وسلع اخري لم نكن نعرفها من قبل وتم استيرادها لكي نتعرف عليها!! كما تم استيراد العديد من السلع ذات البديل المحلي وكان الرد هو السماح بالمنافسة لاجبار المنتجين المصريين علي تحسين وتجويد وتسعير منتجاتهم وكانت الجمعيات والهيئات الحكومية في مقدمة المستوردين واثارت الصحف قضايا عديدة حول اثاث مكاتب بعض كبار المسئولين التي تم استيرادها في فترة كانت مصر تعاني فيها ازمة نقد اجنبي! وتوافر منتج جديد! كما تسرب العديد من مكونات المشروعات العامة بحجة وجود منحة اجنبية تشترط الشراء من الدول المانحة. والسؤال هل كنا في حاجة لاصدار القرار مرة اخري ام دراسة اسباب عدم تنفيذه في المرات السابقة.. اصدار القرار اسهل وابسط ما يمكن ان تقوم به اي حكومة.. المهم ان تكون القرارات واقعية وان تكون هناك آلية لتنفيذها. نتمني ان تعتبر الحكومة قراراتها السابقة مجرد منطلق واعلان نوايا يحتاج الي دراسة عميقة تحقق النتائج المطلوبة منه وهذا هو المجهود الصعب والمطلوب.