قامت الحياة الثقافية، لمجرد أن د. سيزا قاسم (أستاذة الأدب بالجامعة الأمريكية) قالت في ندوة مناقشة كتاب (أولاد حارتنا.. سيرة الرواية المحرمة) لمحمد شعير، إن نجيب محفوظ كان جبانا، وإن كثيرا من المثقفين كذلك!!.. كلام سيزا قاسم (وإن بدا صادما) ليس جديدا عليها، سبق أن قالته في سياق محاضراتها، وفي حياة محفوظ نفسه.. ربما أداؤها الانفعالي هو ما منح كلماتها حدة أثارت البعض، أو ربما الكلام المختلف عن السائد!.. لكن نجيب محفوظ ليس مقدسا، ولا معصوما من النقص ولا من الخطأ.. وما يعنينا، أو ما يشغلنا منه، هو فقط إبداعه ومنجزه الأدبي، الذي كان دائما شجاعا ومتمردا، تحمل تبعاته دائما دون تراجع ودون تنازل.. من اتهامه بالبذاءة والإباحية، إلي اتهامه بالكفر والإلحاد!!.. ومن محاولة القبض عليه بعد رواية "ثرثرة فوق النيل".. الي محاولة قتله بطعنة في الرقبة، بسبب رواية "أولاد حارتنا" أدت إلي إصابته بالعجز عن تحريك يده اليمني، وبالتالي العجز عن الكتابة!!.... كلام د. سيزا قاسم ليس انتقاصا من قيمة نجيب محفوظ ولا مكانته ولا إبداعه، لكنه صورة (من وجهة نظرها) لتناقضات المثقفين والمبدعين دائما!.. كان محمود درويش راديكاليا في شعره، متحفظا وربما محافظا في حياته!.. معظم رسامي الكاريكاتير الساخرين، هم أشخاص جادون تماما في حياتهم اليومية، بل والكثير منهم عاني من الاكتئاب (صلاح جاهين، بهجت عثمان، محيي اللباد)... في كتاب (المثقفون) تناول بول جونسون، نقائص نفسية حادة تصل إلي حد المرض والسقوط الأخلاقي لكثير من الكتاب والمفكرين والمبدعين الغربيين (هيمنجواي، روسو، ماركس، تولستوي، بريخت، أبسن، سارتر).. اتهمهم بالكذب والشذوذ والقسوة والعنف والكراهية والخداع... ولم تتزحزح مكانتهم العالية في الفكر الإنساني..