انتظرتهم سوق السياحة منذ بداية رمضان ولم يصلوا حتي الآن.. ربما لأن الخوف من شئ ما يسيطر عليهم.. واحتمال ان البلاد المنافسة قدمت لهم عروضا مغرية.. لكن المؤ كد ان مصر فقدت حصتها من السياحة العربية في شهر رمضان.. بسبب الفراغ الأمني الذي يضخم فيه المنافسون.. وعدم مبادرة شركات السياحة بتقديم العروض الجاذبة للسياح.. كذلك فشل حملات الترويج الرسمية في تحقيق الجذب المطلوب للسائح العربي.. و لكن هل يعود الينا هذا السائح بعد العيد.. أم في رمضان القادم؟! عقارب الساعة تتجه الي التاسعة مساء.. صلاة التراويح قاربت علي الانتهاء.. مجموعات من العائلات والاسر والاصدقاء تحل ضيفا علي المكان.. اتوبيسات تقل سائحين اجانب تدخل الي المنطقة.. اصحاب المطاعم والمقاهي والبازارات يستعدون لاستقبال الرزق.. الباعة الجائلون احتلوا اماكن بارزة.. المتسولون بدأوا اظهار ملامح المسكنة والحاجة.. تقريبا هذا هو المشهد العام في منطقة الحسين السياحية في ليالي رمضان من كل عام ولكن هذا العام يختلف تماما عن الاعوام السابقة، فالسياح العرب اختفوا من المشهد الحسيني ومنطقة الحسين التي كانت القبلة الاولي للسياح العرب في شهر رمضان لما تتميز به من روحانيات رمضانية ومقدسات دينية وفرص تسويقية هائلة لم تعد كذلك. " الاخبار " كشفت في جولتها بمنطقة الحسين اختفاء السائح العربي، فالجلباب الاسود المميز للمراة العربية لم يكن موجودا، و" العقال " والزي الابيض المميز للرجل العربي اختفي نهائيا، وطيلة 180 دقيقة قضيناها في الحسين لم نعثر علي اي سائح عربي باستثناء جزائري واردني تواجدا بالصدفة في المنطقة السياحية لاغراض بعيدة تماما عن السياحة .. ويبقي السؤال، أين السياحة العربية ؟!!.. لماذ اختفت هذا الموسم في شهر رمضان الذي كان يعد الموسم الاول لاستقبال السياح العرب ؟..اين جهود وزارة السياحة والقائمين عليها لتنشيط حركة السياحة وجذب المزيد من السياح العرب ؟.. الاجابة لا تحتاج الي وقت طويل عند ماجد الطاوي صاحب احد البازارات السياحية بشارع خان الخليلي، والذي اكد ان مؤشر السياحة العربية هذا العام شهد تراجعا خطيرا، وتعد الاحداث التي تمر بها مصر حاليا سببا رئيسيا في هذا التراجع الذي ادي الي شلل تام في مختلف قطاعات السياحة. ويسوق السيد حسن صاحب محل أنتيكات الادلة علي اختفاء السياحة العربية هذا الموسم في مصر قائلا : ان مكسبي في اليوم الواحد في مثل هذا التوقيت من العام السابق كان يصل الي 2000 جنيه في اليوم الواحد، أما مكسبي في الاسبوع الاول من شهر رمضان من العام الحالي وصل الي 250 جنيها، ويضيف : أن الخسارة اصبحت السمة السائدة . ويشن صلاح حسن صاحب ورشة تصنيع تحف وانتيكات هجوما حادا علي وزارة السياحة، متهما اياها بالتقصير في اداء مهامها بالعمل علي تنشيط حركة السياحة والرواج لها، مشيرا الي ان وزارة السياحة حتي وقتنا هذا ومنذ توليها المسؤلية ابان ثورة 25 يناير لم تقم بحملة ترويجية واحدة للسياحة العربية تحت عنوان حملة الفانوس المصري، وقد اثبتت الايام فشل هذه الحملة، فحتي الان لم تأت اي مجموعات من السياح العرب الي مصر الا قليلا . ويضيف صلاح : ان وزارة السياحة أهملت قطاع السياحة العربية لصالح السياحة الاوروبية، علي الرغم من ان السياحة العربية كما هو متعارف عليه هي الانشط في شهر رمضان، موضحا ان شركات السياحة ايضا تشارك وزارة السياحة المسؤلية عن تراجع السياحة العربية، فالشركات لم تقدم أي عروض فعالة وواضحة لجذب السياح ولم تقدم أي تخفيضات في اسعار الحجز والاقامة والتنقلات .وقال محمد جابر صاحب احد المحلات : ان تراجع اعداد السياح العرب اثر بشكل مباشر علي حركة البيع والشراء في المناطق السياحية وأصابها بالركود، وهو ما انعكس علي ايجار المحلات، وبحثنا داخل سوق الحسين عن العرب فلم نجد ولكن الصدفة جمعتنا فايز بو زيد وهو جزائري الجنسية، جاء الي مصر لتوريد أجهزة كهربائية،ويقول : انني متواجد في مصر بطبيعة عملي وليس للتسوق او للسياحة فالاحداث التي تمر بها مصر لا تشجع علي التواجد في مصر وقد حدث لصديق لي جزائري خرج عليه البلطجية واستولوا علي امواله، ويلتقط الحديث منه جابر سعيد من الاردن والذي أكد انه جاء الي مصر من اجل انهاء أوراق مرتبطة بعمله فيقول مصر نحبها من اجل معالمها الاسلامية وجوها الهاديء مشيرا، ان احداث العنف التي نشاهدها علي الشاشات الفضائية سببا في احجام اهل الاردن هذا العام عن الاحتفال بشهر رمضان في مصر . السياحة العربية في شهر رمضان كانت تمثل جزءا كبيرا من الدخل القومي..هذا ما يؤكده سيف العماوي عضو الاتحا د المصري للغرف السياحة، فالوفود العربية تتزايد في شهر رمضان بشكل ملحوظ وذلك لان الاجواء الرمضانية والندوات الثقافية والدينية والسياحية في مصر ليس لها مثيل في اي من دول العالم، فمصر لها نفحات تجذب الاخوة العرب ولكن كل ذلك يخضع الي معاير الامن والامان فوجودهما مرتبط بنمو السياحة وازدهار الاقتصاد المصري بصفة عامة وهذا العام تغير ملامح الاجواء الرمضانية . ويضيف العماوي : ان السبب الثاني لغياب السياحة العربية عن مصر ان العرب دائما يحبون قضاء اجازاتهم في الفنادق التي تقع علي ضفاف النيل والمر اكب العائمة لكي يتمتعوا بجو رمضان وسط الموسيقي العربية التي تعزف في الخيم الرمضانية ولكن هذا العام الوضع اختلف قليلا فهذه الفنادق تقع في ميدان التحرير مفجر الثورة والمعتصمون يسيطرون علي الميدان بين الحين والاخر، ويري العماوي ان هناك عاملا اخر اثر علي غياب الوافدين العرب الي مصر وهو قدوم شهر رمضان في شهر اغسطس شديد الحرارة مما لم يشجع الاخوة العرب من المجيء في هذا الشهر ويؤكد الهامي الزيات رئيس اتحاد الغرف السياحية ان مصر يتوافد عليها الوفود العربية من مختلف الدول ويقصدون الاسكندرية والقاهرة والاقصر واسوان وخاصة خلال شهر رمضان لكي يتمتعوا بالاجواء الرمضانية والندوات والمؤتمرات الدينية والتسوق في الاسواق والاحياء السياحية والشعبية ويقصدون المناطق الاثرية والدينية ويتمتعون بالمشروبات والجلوس علي المقاهي ويذهبون الي الخيم الرمضانية هذا ما يحدث كل عام ولكن هذا العام الوضع اختلف تماما فالاوضاع الامنية في مصر لم تشجع الوفود العربية حتي علي التفكيرعلي اختيار مصر من ضمن خطته السياحي ومن جانبه يؤكد هشام علي رئيس جمعية المستثمرين في شرم الشيخ ان السياحة العربية ستشهد انتعاشا قبيل العيد نظرا لرغبة الكثير من الاسر العربية قضاء اجازة العيد في مصر .. فهل سيحدث هذا الانتعاش؟ نأمل ذلك.