قد تكون الهدنة التي ترعاها مصر والأمم المتحدة بين حماس واسرائيل، دخلت حيز التنفيذ يوم الأربعاء الماضي انجازاً محدودا بالنسبة للتطلعات الإسرائيلية لكنها بالنسبة لرئيس الوزراء نتانياهو تعد بلا شك انجازا مصيرياً يحتاجه في هذه المرحلة المهمة من مسيرته السياسية. هدنة الأربعاء الماضي مجرد مرحلة اولي من اتفاق أشمل يمضي علي ستة مراحل، الا ان تثبيت هذه المرحلة الأولي بما يحتويه من وقف كامل لأعمال العنف المتبادل مقابل تيسير معيشة قطاع غزة بفتح المعابر يشكل عنصر أمان لحكومة نتانياهو لأنه يجنبها صداع توفير الأمن لسكان المناطق المجاورة لقطاع غزة ويضمن لهم الهدوء، ويتيح للحكومة التفرغ لمناقشة وحل أمور جوهرية أخري من بينها موضوع قانون الخدمة العسكرية لليهود المتشددين الذي يضعها في مأزق وقد يضطرها لإجراء انتخابات مبكرة. من ثم فإن الهدنة الطويلة نسبيا تسمح لنتانياهو بإدارة حملته الانتخابية القادمة من موقع مستقر.. بنود الاتفاق تتطابق مع البنود التي تم التوصل اليها بعد حرب غزة 2014 ومماثلة للبنود التي تم الاتفاق عليها بعد الحملة العسكرية الإسرائيلية في 2012. بحيث يعود الوضع في القطاع إلي ما كان عليه قبل التصعيد الأخير وهي تشمل التزاما بإعادة بناء البنية التحتية لقطاع غزة وتبادل الأسري لضمان الإفراج عن رفات المدنيين والعسكريين الذي تحتفظ به حركة حماس. ثلاثة من كبار المسؤولين الإسرائيليين صرحوا لجريدة هاآرتس بأن التفاهمات التي تم التوصل اليها تمضي علي مدار ستة مراحل يتم تنفيذها تدريجيا بشرط ان يتم تثبيت السلام. وهي وقف شامل لإطلاق النار، إعادة فتح المعابر الحدودية وتوسيع منطقة الصيد المسموح بها، والسماح بدخول مساعدات انسانية وطبية، حل قضية الجنود الإسرائيليين الأسري لدي حماس،والمسجونين والمدنيين المفقودين، بناء واسع للبنية التحتية لغزة مع تمويل اجنبي ومناقشة موضوع المطارات والمواني الفلسطينية في قطاع غزة. كانت شبكة "الميادين" اللبنانية المحسوبة علي حزب الله قد اذاعت ان الحديث يدور حول هدنة تستمر لمدة عام علي الأقل، وعلي فتح مسار ملاحي بين قبرص وقطاع غزة يخضع للإشراف الإسرائيلي مع تمويل قطري لإمداد قطاع غزة المنكوب بالوقود. وتشمل الصفقة التي تحدثت عنها "الميادين" قيام الدوحة بدفع رواتب مسؤولي حركة حماس حسب احد المسؤولين الإسرائيليين فإن الدولة العبرية توقف قبولها تقديم المشروعات الإنسانية المعتمدة علي اسرائيل علي مدي تثبيت الهدنة لفترة زمنية طويلة، وبشرط اجراء مفاوضات حول اعادة جثامين الجنود الإسرائيليين الذين تحتفظ بهم حماس. كان مجلس الوزراء الإسرائيلي قد أجاز تفاهمات الهدنة برغم معارضة وزيري التعليم نفتالي بينيت والعدل أييليت شاكيد وكلاهما من أعضاء حزب البيت اليهودي شريك نتانياهو في الائتلاف الحاكم. رغم الشراكة يمثل الحزب بتوجهاته المتشددة عنصر ضغط هائل علي رئيس الحكومة فيرفض تفاهمات الهدنة لأنها لم تشمل الاتفاق علي تسليم الأسري ورفات الجنود الإسرائيليين في المرحلة الأولي، كما ان الحزب من أشد المتمسكين بقانون القومية اليهودية. مع أن المناقشات الإسرائيلية للمرحلة الأولي من الهدنة مقابل فتح المعابر الحدودية وتوسيع منطقة الصيد خضعت لإشراف وتوجيه وزير الدفاع اڤيجدور ليبرمان، إلا أن الرجل أنكرفي مقابلاته الإعلامية التوصل إلي اي اتفاق، وعلي نفس المنوال رفض مكتب رئيس الوزراء الاعلان عن اي مسؤولية حول التفاهمات واختار عدم اصدار اي بيان رسمي حولها. علي الجانب الفلسطيني أيضا توالت الانكارات من جانب مسؤولي حماس مؤكدين علي ان المباحثات التي تمت في القاهرة تناولت الشأن الفلسطيني وحسب، وانها ناقشت البحث عن سبل تيسير المعيشة في قطاع غزة. لكن علي الرغم من هذا اثبت المناخ السائد في القطاع منذ الأربعاء الماضي ان ثمة تهدئة تلوح في الأفق حتي لو كانت مؤقتة ومرهونة بالتفاوض علي مصير الأسري الإسرائيليين لدي حماس، فقد تم فتح معبر كرم ابو سالم وهو المعبر الوحيد المؤدي إلي دخول البضائع إلي غزة بالإضافة إلي معبر ايريز المخصص لحركة المواطنين، هذا بخلاف معبر رفح علي الحدود المصرية المخصص لحركة الناس والبضائع ومواد البناء. علي الرغم من انكار الجانبين الإسرائيلي والحمساوي لتفاهمات الهدنة، إلا أن كليهما ادعي ان قوته العسكرية هي التي أدت إلي رضوخ الطرف الآخر وقبوله بالهدنة. • هالة العيسوي