رمضان كريم.. شهر رمضان المعظم من أسمي المواسم الروحية للتقرب إلي الله.. نتجه فيه إلي رب العالمين بالاندماج الروحي في عبادته عبادة الصالحين. وإذا جاء رمضان كل عام فإن الله تبارك وتعالي يمنحنا فرصة عظيمة نجدد فيها إيماننا.. وتوبتنا.. وتقوانا بالدعاء والاستغفار والصيام والصلاة والركوع والسجود وقيام الليل وتلاوة القرآن والزكاة ويعطينا فرصة لنعيد تصحيح مسار حياتنا الدنيوية وإعدادنا علي الطريق إلي الجنة وحياتنا الأبدية فيها وتجديد الشوق إلي النظر إلي وجهه الكريم.. يا رب.. إن الصالحين يبدأون رمضان بتجديد عهدهم وميثاقهم مع الله عز وجل والتزامهم والتأسي برسول الله صلي الله عليه وسلم ولنا في رسول الله أسوة حسنة واتباعه بأمرين في رمضان أولهما: الإكثار من قراءة القرآن الكريم وقيام الليل بالتراويح والتهجد فإن قراءة القرآن دستور حياتنا عبادة وتدبره والتفكير في آياته عبادة وهو شافع لنا يوم القيامة.. وثانيهما: الزكاة فهي كفالة وعدالة اجتماعية بين الأغنياء والفقراء في المجتمع الإسلامي.. شهر رمضان فرصة عظيمة لتجديد قلوبنا وتغذية روحنا وتهذيب أنفسنا وإعدادها لتقوي الله وللعمل الصالح ولفعل الخير.. يقول الله عز وجل في محكم آياته وهو أصدق الحديث قيلا: »يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب علي الذين من قبلكم لعلكم تتقون« البقرة 381 تبين لنا هذه الآية الكريمة أن الصوم مشروع في الرسالات السماوية حتي الوثنية بالفطرة. فالله سبحانه وتعالي فرض علينا الصيام كما فرضه علي الأمم السابقة من أهل الكتاب ولكن فرضية صيامنا تختلف عن صيام الآخرين.. القدماء المصريون الفراعنة عرفوا الصوم أيام الوثنية وعبادة الملك الإله ثم انتقل إلي اليونانيين والرومانيين ولايزال الوثنيون والملحدون يصومون بالفطرة حتي اليوم.. ولكن صيامهم يختلف عن صيامنا فالصيام الذي فرضه الله عز وجل علينا وعلي الأمم السابقة إشعار لنا بأن الدين واحد في أصوله ومقاصده وغاياته في عبادة الله الواحد القهار وإن اختلفت الرسل والأنبياء فسيدنا موسي عليه السلام صام أربعين يوماً رغم أنه ليس في أسفار اليهود ما يثبت فرضية الصيام ولكن مدحه فاليهود كانوا يصومون أسبوعاً تذكار لخراب أورشليم »القدس« ويصومون يوماً في أغسطس وكان الأوائل منهم يصومون من منتصف الليل حتي منتصف النهار.. أما النصاري فليس في أناجيلهم نص فريضة الصوم بل مدحه فهم يصومون صومهم الكبير قبل عيد الفصح وهو الصيام الذي صامه موسي وعيسي عليهما السلام والحواريون من أنصار الله ثم وضع رؤساء الكنيسة المتعاقبين ضروباً من الصيام فيها خلافات بين المذاهب والطوائف المسيحية أما صيام سيدنا زكريا والسيدة العذراء مريم فكان الامتناع عن الكلام والطعام والشراب والشهوات. الصيام صبر وجُنة ينفرد بين أركان الإسلام بأنه خالص لله وحده والصائم لا يراقبه أحد إلا الله وهو الوحيد الذي يجزي به. يقول الحق تبارك وتعالي في حديثه القدسي: »كل عمل ابن آدم له إلا الصوم فإنه لي وأنا أجزي به« فهو عز وجل صاحب تقدير جزاء الصوم ويخرج هذا الجزاء عن دائرة حساب الملائكة الذين يسجلون ويكتبون جزاء كل العبادات إلا الصوم وهذه منزلة رفيعة عالية عند الله للصائم. رمضان أوله رحمة ووسطه مغفرة وآخره عتق من النار فأكِثر من الدعاء والاستغفار ورطب فمك الصائم بذكر الله واقبل علي التراويح والتهجد والركوع والسجود والاعتكاف لتنازل منزلة العتق من النار.. يا رب آمين. اللهم اجعل هذا البلد آمناً.. واحفظ مصر من كل سوء. آمين يا رب.