منذ أيام رحلت عن عالمنا الدكتورة حكمت أبوزيد التي دخلت تاريخ مصر حين اختارها الرئيس الراحل جمال عبدالناصر لتكون أول وزيرة مصرية بعد سنوات قليلة من ثورة يوليو. والحديث يطول عن جهود حكمت أبوزيد وهي تتولي مسئوليات موقعها الوزاري، ثم وهي تدفع بعد ذلك ثمن معارضتها للرئيس السابق أنور السادات، وتعيش في المنفي وتعاني الاضطهاد لسنوات طويلة دون أن تتخلي عن مبادئها التي آمنت بها. لكن رحيل حكمت أبوزيد يضع أمامنا قضية أكثر عمومية، وهي قضية المرأة المصرية وكيف دار بها الزمن لتجد نفسها بعد نصف قرن من حصولها علي حقوقها السياسية ودخولها الي البرلمان واحتلالها لمواقع وزارية ومناصب مهمة في الدولة.. تجد نفسها الآن وكل حقوقها مهددة، وأوضاعها تسير من سييء إلي أسوأ!! عندما حصلت المرأة المصرية علي حقوقها السياسية في منتصف الخمسينيات من القرن الماضي، كان ذلك عنوانا علي مجتمع ينهض ودولة تعيد بناء نفسها لتلحق بالعصر، وفكر يتجدد، وثورة تنشر في كل خلايا المجتمع قيم الكرامة والمساواة، وثقافة تنفتح علي العصر وتؤكد علي القيم النبيلة لدين الله الحنيف، وتعرف مكانة المرأة المصرية منذ أقدم العصور. لم يكن هناك من يتنطع بأن المرأة مكانها البيت فقط، ولا كان هناك من يستورد افكارا من مجتمعات يقهر فيها الرجال فينتقمون بقهر النساء، ولم يكن هناك من يبشرنا - كما نري الآن - بعودة عصر الجواري وحكم هارون الرشيد!! مصيبتنا في مصر اننا نسير في طريق دائري. وكلما حسمنا قضية اساسية من قضايا المجتمع نفاجأ بعد سنوات بمن يعيدنا إلي نقطة البداية. وقد تراجعت أوضاع المرأة كثيرا، وأصبح الأمر الان معلقا علي مصير ثورة يناير، وهل تنتصر للقيم النبيلة التي قامت من أجلها أم تختطفها خفافيش الظلام؟ رحم الله حكمت أبوزيد