تراجع أسعار العملات العربية في ختام تعاملات اليوم 30 أكتوبر 2025    رسوم السحب النقدي من ماكينات الATM والحد الأقصى لعمليات السحب لجميع البنوك    مصر تحقق نجاحا إفريقيا في اتفاقية التجارة الحرة القارية بعد أربع سنوات    موسكو: الانسحاب من اتفاقية "البلوتونيوم" مع واشنطن رد على محاولات تقويض مصالحنا    السيسي وأحمد الصباح يبحثان تعزيز العلاقات وتطورات الأوضاع الإقليمية    مجلس الأمن يدين هجمات الدعم السريع على الفاشر ويدعو لتنفيذ القرار 2736    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل لجنة مؤقتة لإدارة النادى الإسماعيلي    تداول صورة ل توروب مدرب الأهلي خلال زيارة سفارة الدنمارك بالقاهرة    جماهير الزمالك تنفجر غضبًا بسبب مجلة الأهلي.. ما القصة؟    ضبط لحوم غير صالحة للاستهلاك في حملة بالإسكندرية    جهز ساعتك الخميس اليوم.. خطوات تغيير الساعة مع بدء التوقيت الشتوي    براءة الشاب المتهم بالتعدى بالضرب على طفل العسلية فى المحلة    سهام فودة تكتب: ملوك الفراعنة يستقبلون ملوك العصر الحديث    هنا الزاهد أمام الأهرامات قبل افتتاح المتحف المصرى الكبير: مصرية وأفتخر    انطلاقة جديدة وتوسُّع لمدرسة الإمام الطيب للقرآن للطلاب الوافدين    الصحة تشارك في احتفالية اليوم العالمي للسكتة الدماغية لرفع الوعي وتطوير مهارات الكوادر الطبية    بدء تطبيق التأمين الصحي الشامل بالإسكندرية من العام المالي المقبل    حافلة الزمالك تصل إلى ستاد القاهرة استعدادًا لمواجهة البنك الأهلي    خالد الجندي: افتتاح المتحف الكبير إنجاز عظيم للرئيس السيسي    بدء التوقيت الشتوى الليلة.. نصائح فعالة لضبط دورة نومك مع تغيير الساعة    ارتفاع أسعار الفول وتباين العدس في الأسواق    بالأسماء.. إصابة طبيبة و4 ممرضين إثر سقوط سيارة في ترعة بالبحيرة    مصر تطرح رؤيتها حول استخدام الذكاء الاصطناعي في أعمال المراجعة    محافظ الغربية يرفع يوجه بسرعة تجهيز الشاشات في الميادين استعدادا لحفل افتتاح المتحف الكبير    دار الإفتاء: توقف خدمة استقبال الجمهور السبت القادم    وزير الرياضة يصدر قراراً بتشكيل اللجنة المؤقتة لإدارة شئون الإسماعيلي    اتحاد السلة يعلن جدول مباريات ربع نهائي دوري المرتبط «رجال»    300 شاحنة مساعدات تغادر معبر رفح البري لدعم الشعب الفلسطيني بقطاع غزة    سوريا وألمانيا تؤكدان أهمية الحوار الدبلوماسي والتواصل المباشر في دعم الاستقرار الإقليمي    كواليس هزيمة برشلونة أمام ريال مدريد.. الصحافة الكتالونية تتحدث    السيطرة على مشاجرة بين أشخاص داخل صيدلية بالشيخ زايد    محافظ القاهرة يصدر حركة تنقلات بين رؤساء الأحياء    قافلة بين سينمائيات تطلق ورشة الفيلم التسجيلي الإبداعي 2026 لتأهيل جيل جديد من المخرجات    مدمن مخدرات.. القبض علي مسجل اعتدى بالضرب علي شخص وزوجته بالعمرانية    تأجيل محاكمة البلوجر أم مكة بتهمة بث فيديوهات خادشة    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في محافظة الأقصر    تفاصيل قرار جديد للرئيس عبدالفتاح السيسي    مستقبل وطن يواصل مؤتمراته الجماهيرية لدعم مرشحيه وحث المواطنين على المشاركة في انتخابات النواب (فيديو)    «ابن أمه ميتعاشرش».. 4 أبراج رجالهم لا يتخلون عن والدتهم رغم كبرهم    تأجيل النسخة الثالثة من المؤتمر العالمي للسكان والصحة والتنمية البشرية 48 ساعة    جيل بعد جيل على كرسى رئيس التحرير    عاجل الأحد المقبل بدء تسليم أراضي "بيت الوطن" للمصريين بالخارج بالقاهرة الجديدة    رئيس مجلس إدارة جهاز تنمية التجارة الداخلية الجديد يبدأ مهام عمله    أحمد موسى يتقدم ببلاغات للنائب العام ضد صفحات نشرت تصريحات مفبركة باسمه    المشدد من 3 إلى 15 سنة ل4 متهمين بحيازة أسلحة نارية وذخائر بشبرا الخيمة    وزير الصحة: أصدرنا حتى الآن أكثر من 115 دليلًا إرشاديًا فى مختلف التخصصات الطبية    وزيرة التضامن تشهد احتفالية الأب القدوة.. وتكرم شخصيات ملهمة    مدحت شلبي: محمد عبد المنعم يرفض العودة إلى الأهلي ويفضل الاستمرار في أوروبا    «نفسي أشتمنا».. يسري نصرالله ينعى المصورين ماجد هلال وكيرلس صلاح    الرئاسة تكشف تفاصيل لقاء السيسي ب رئيس مجلس الوزراء الكويتي    «بالزي الفرعوني وأعلام مصر» .. مدارس الإسكندرية تحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير في طابور الصباح (صور)    هل يحق للزوج منع زوجته من العمل بعد الزواج؟.. أمين الفتوى يجيب    أسعار النفط تسجل 64.52 دولار لخام برنت و60.11 دولار للخام الأمريكى    توفيق عكاشة: السادات أفشل كل محاولات إشعال الحرب في السودان    طابور الصباح فى الشرقية يحتفل بافتتاح المتحف المصرى الكبير.. فيديو    وزيرا خارجية اليابان وكوريا الجنوبية يتفقان على تطوير العلاقات    مواقيت الصلاة اليوم الخميس 30-10-2025 في الشرقية    طريقة استخراج جواز سفر مصري 2025.. التفاصيل كاملة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د.إبراهيم الشربيني »صائد الجوائز« في مدينة زويل:قريبا بالأسواق أول ضمادة لتسريع التئام جروح مرضي السكر
نشر في الأخبار يوم 27 - 05 - 2018

ما إن تطأ قدمك مكتب د.إبراهيم الشربيني، مدير مركز علوم المواد بمدينة زويل، قد ينتابك شعوران متناقضان، بحيث تسأل نفسك.. هل هو ذلك العالم »المتواضع»‬ الذي يذكر طلابه بأهمية الأخلاق، كما تكشف العبارات التي وضعها باللغتين العربية والإنجليزية علي »‬السبورة» التي يشرح عليها لطلابه، أم أنه ذلك الرجل الذي يبدو متباهيا بجوائزه، بحيث لا يخلو حائط أو منضدة بالمكتب من شهادة تكريم أو درع حصل عليه.. مشهد الجوائز الذي يفرض نفسه علي المكان تسلل إلي الحوار ليشعر الرجل برغبتي في السؤال عنه، ويفاجئني بقوله وقد ارتسمت علي وجهه الابتسامة: »‬ ليس تكبرا أن أعتز بهذه الجوائز، فعندما تصافحها عيني كل يوم تمنحني الطاقة لمزيد من العمل، وتشعرني بأن هناك من يقدر ما أفعله».. وخلف كل جائزة من هذه الجوائز إنجاز حفر به د.الشربيني اسمه واسم المدينة العلمية التي ينتمي إليها في سجلات التميز العلمي، ليبشرنا خلال حواره مع الأخبار بأن هذه الإنجازات ستتجاوز قريبا حائط مكتبه لتصبح منتجات يشعر معها المواطن المصري بقيمة البحث العلمي.
ويعتبر مدير مركز علوم المواد بمدينة زويل، هذه الجوائز حجة علي من يشتكي أن المناخ العلمي في مصر غير ملائم للإنجاز، مؤكدا أن الوضع ليس مثاليا، ولكنه ليس مبررا نركن إليه، ليكون عائقا أمام التقدم خطوات للأمام.. وحرص علي تقديم بعض من ملامح تجربته البحثية في الخارج، التي جاب خلالها أغلب دول العالم، ليخرج من خلالها بخارطة طريق تساعدنا علي إزالة أي شوائب تجعل المناخ غير مثالي.. وإلي نص الحوار.
الإحباطات كثيرة ونسعي لتحويل البحث العلمي إلي قوة مصر الناعمة
• بداية، عرفت أن سبب تأخرك اليوم عن الموعد المحدد للحوار هو انشغالك بصيانة سيارتك، ليعيدني ذلك إلي حوار تلفزيوني للدكتور زويل رحمة الله عليه، كان يقول فيه أن هناك بالخارج من يقوم بتلك الأعباء التقليدية نيابة عن الباحث ليتفرغ لبحثه، فهل يمكن أن نري ذلك في مصر قريبا؟
ترتسم علي وجهه ابتسامة عريضة أعقبها بقوله: سيحدث ذلك عندما يكتمل تقدير البحث العلمي في مصر، فهناك اهتمام حالي من القائمين علي البحث العلمي بالقضية، وهناك أفكار خارج الصندوق بدأت تطرح في أكاديمية البحث العلمي وغيرها من المؤسسات البحثية، ولكن متي نستطيع أن نقول أن آثار ذلك بدت واضحة ويشعر بها المواطن العادي، أظن أن ذلك يحتاج بعض الوقت.
هل نطمح أن تساعد مدينة زويل في اختصار هذا الوقت؟
تكتسي ملامح وجهه بالجدية قبل أن يقول: مدينة زويل نموذج فريد من نوعه بمصر، فنحن لا نتكلم عن مجرد جامعة تضاف كرقم للجامعات الموجودة، فهي مشروع متكامل يبدأ قصة البحث العلمي من البداية إلي النهاية، أي من الفكرة وصولا إلي المنتج.. ونطمح أن نساعد من خلال المدينة في تحويل البحث العلمي إلي قوة مصر الناعمة، ونحن بدون تحيز قادرون علي ذلك.
شهادات التقدير ودروع التكريم التي تملأ مكتبك تعطيني إحساسا بأننا ان شاء الله قادرون علي ذلك...
تكسو وجهه ابتسامة خجولة، أعقبها بقوله: هناك جهد كبير يبذل في مركز علوم المواد والمراكز الأخري في المدينة، ولكننا في مركز علوم المواد نعمل باتجاهين، هما تقنية النانو، وهي المواد الصغيرة جدا في حجم النانو، و المواد الذكية، والمقصود بها مواد حديثة جدا تستشف اي تغيرات تحدث حولها في البيئة المحيطة من حرارة ورطوبة وضغط وخلافه، وتقوم بتغيير صفاتها وفقا لهذا المؤثر، أي أنها من الذكاء بحيث تدرك ما يحدث حولها، وما نقوم به هو أننا نحاول المزج بين الاثنين لحل مشكلات مصر، في الصحة والطاقة والبيئة والصناعة.
سماد اليوريا
اختر لنا من حائط مكتبك الإنجاز الذي تحب أن تبدأ في الحديث عنه؟
يصمت لوهلة قبل أن يقول: سأبدأ معك من مشكلة صناعية كبيرة تتعلق بانتاج سماد اليوريا، و استطعنا تجاوز تلك المشكلة وتقديم حل لها يوفر 5 مليارات جنيه سنويا.
كيف وفرتم هذا المبلغ الضخم؟
علامات الدهشة التي ارتسمت علي وجهي وأنا أسأله هذا السؤال، كانت محفزة له علي حديث مستفيض بدأه بتحديد المشكلة، قائلا: اليوريا بها مشكلتان، الأولي أنها سريعة الذوبان في المياه، ويتسبب ذلك في أن السماد يبتعد عن الجذور ويضطر الفلاح للتسميد مرة أخري، ويسبب ذلك هدرا سنويا في السماد تقدر قيمته ب 5 مليارات جنيه سنويا، وإضافة لذلك فهو سماد سريع التطاير في الاجواء الحارة ويسبب ذلك تلوثا للهواء.
وبعد تحديد المشكلة، انتقل إلي الحديث عن الحلول السابقة لها، مضيفا: خلال الأربعين عاما الماضية ظهرت محاولات لتغليف اليوريا بمواد تبطيء من تحرره في الأرض، ولكن المشكلة أن هذه المواد ثبت أنها مواد خطرة من اتجاهين، فهي مواد صعبة التحلل في التربة، إضافة إلي أنها مسرطنة، وترتب علي ذلك قرارات من الاتحاد الأوربي تحظر استخدام هذه اليوريا المغلفة مع المحاصيل الغذائية.
وتابع: بعد ذلك ظهرت محاولات تستخدم مواد من أصل طبيعي في تغليف اليوريا، ولكن ثبت أن هذه المواد محبة للماء، وبالتالي لم يحدث حل للمشكلة، بل بالعكس زادت تلك المواد من المشكلة.
شوقتني يا دكتور لمعرفة ماذا فعلتم؟
كما الساحر الذي ينتشي بتجاوب الجمهور معه، كانت علامات الدهشة التي لا تغادر وجهي محفزة له علي الإجابة علي هذا السؤال بحماس شديد تستطيع أن تشاهده علي وجهه، إذ قال: ما فعلناه هو إجراء معاملات كيميائية بشكل صديق للبيئة علي مواد طبيعية مستخلصة من مخلفات زراعية وطحالب خضراء ، بحيث أعطيناها خاصية التحلل البطيء، بما يمكن التربة من الاستفادة من السماد، وفوق ذلك فإن هذه المواد نفسها قابلة للتحلل و يكون تحللها في التربة مفيدا للنبات، أي اننا قدمنا الحل وأعطينا ميزة إضافية للنبات.
التطبيق العملي
هذه النتيجة قد تكون رائعة من الناحية البحثية، ولكن تطبيقها يبدو لي صعبا، إذ كيف ستقوم بتغليف اليوريا بكميات كبيرة لتوزيعها علي الفلاحين؟
أشار د.الشربيني بما يفهم منه أني قطعت تسلل حديثه الذي يحمل الإجابة علي السؤال، ثم قال: لو صبرت كنت أجبتك دون أن تطرح السؤال.
وأضاف: طبعا هذه نقطة مهمة جدا، فبدون إيجاد آلية التغليف، لن يخرج الجهد إلي نطاق التطبيق، وقد بحثنا عن الماكينات التي يمكن استخدامها في التغليف، فوجدنا أن أفضلها ماكينة ألمانية كان ثمنها عام 2015 قبل التعويم حوالي 3 ملايين و800 ألف، بينما كانت ميزانية هذا المشروع الممول من أكاديمية البحث العلمي 3 ملايين جنيه.
وماذا فعلتم لحل هذه المشكلة؟
يصمت لوهلة تثير الشهية لمعرفة المزيد، قبل أن يقول: الحل السهل هو أن نطلب من الأكاديمية زيادة الميزانية، وقد عرضت الأكاديمية ذلك بالفعل، ولكن الفريق البحثي قرر عمل الصعب، وهو انتاج ماكينة مصرية، وهو ما حدث بالفعل، فقد نجحنا في انتاج ماكينة للتغليف كلفتنا 120 ألف جنيه.
وتكسو وجهه ابتسامة عريضة تكشف عن مفاجآت أخري يحملها في جعبته، ويضيف: الماكينة التي أنتجناها تستطيع تغليف من 5 إلي 7 كيلو في المرة الواحدة، بينما الماكينة الألمانية تقوم بتغليف 1 كيلو فقط، ولم ينته بنا الأمر عند ذلك، فقد انتجنا ماكينة أخري يمكنها تغليف طن في اليوم، وتكلفت 520 ألف جنيه، ونسعي حاليا لانتاج ماكينة ثالثة تنتج 20 طن في اليوم.
تجارب عملية
قد يسأل سائل من باب عدم الثقة في مخرجات البحث العلمي المصري، ويقول ما الذي يضمن لي صحة ما ذهبتم إليه؟
تشعر بغيرته علي البحث العلمي المصري من تغير ملامح وجهه، قبل أن يجيب قائلا: البحث العلمي في مصر بخير، وما قلته لك سابقا من إنجازات في مجال تغليف سماد اليوريا، لم أكن أقوله إلا بعد أن أثبتت التجارب نجاحنا علي المستوي التطبيقي.
وأضاف: أجرينا تجارب علي محصول الأرز بالتعاون مع وزارة الزراعة التي أبدي وزيرها د.عبد المنعم البنا حماسا للموضوع، وأثبتنا نجاح السماد الجديد في زيادة الإنتاجية عن طريق وضعه مرة واحدة في الموسم، وليس ثلاث مرات كما كان معتادا، ونقوم حاليا بإجراء تجارب أوسع تشمل بقاع كثيرة من الأرض المصرية بدءا من توشكي وحتي وجه بحري، وأتوقع ان شاء الله خلال عام ونصف من الآن يكون هذا المنتج الجديد في الأسواق، حيث بدأنا بالتعاون مع الأكاديمية في مخاطبة الجهات المعنية بهذا الأمر.
وهل حصلتم علي ردود فعل إيجابية من هذه الجهات؟
بكل ثقة يقول: ليس لدي شك أن هذا المنتج سيري النور قريبا ان شاء الله، وإذا تحقق ذلك، يمكن أن تكون الاستفادة المادية التي نحصل عليها من هذا المنتج وحده كافية للإنفاق علي مدينة زويل، فنحن نتحدث عن منتج سيفتح أسواق الاتحاد الأوربي المغلقة أمام بعض المنتجات الزراعية، ويمكن تسويقه في الدول الإفريقية التي كانت لا تقبل علي اليوريا بسبب مشكلة التبخر الحراري.
ضمادة ذكية
انجاز كبير كما يبدو من كلامك، ولكننا نطمع في الحديث عن إنجازات أخري، فماذا ستختار لنا من حائط الجوائز؟
لم ينتظر فترة طويلة وكانت الإجابة الجاهزة لديه، هي: سأختار لكم مجموعة من المنتجات تم إعدادها خصيصا لمرضي السكر، فلدينا في مصر 11 مليون مريض، وكان من الطبيعي أن نولي هذا المرض اهتماما من عده اتجاهات.
الحملة الإعلانية لمدينة زويل تتحدث عن ضمادة خاصة بجروح مريض السكر، هل هذه أحد الإتجاهات التي عملتم عليها؟
تشعر بسعادة علي وجه د.الشربيني ترجمتها كلماته التي أشاد فيها باختياري لهذا الإنجاز ليكون بداية حديثه عن أبحاثهم المتعلقة بمرض السكر، حيث قال: من الجيد أنك اخترت هذه البداية، فهذا بالفعل من أهم الإنجازات، ومنحنا عليه مؤخرا الميدالية الذهبية من معرض جنيف للابتكارات... وهذه الضمادة ستقضي ان شاء الله علي مشكلة جروح مرضي السكر والتي تندمل بصعوبة ويتعرض بعضهم لبتر أعضائه، حيث تقدر الدراسات في مصر أن 25% من مرضي السكر عرضة للبتر.
وكيف ستحل الضمادة هذه المشكلة؟
يلتقط من المنضدة المجاورة لمكتبة مجسما يجسد فكرة هذا المنتج، ليبدأ الشرح عليه قائلا: كل علاجات جروح مرضي السكر موضوعية، ولا تخرج عن كونها »‬اسبراي» يتم معالجة الجرح به، أو نوع معين من الزيوت يتم وضعه علي الجرح، وهذه الطريقة لا تضمن التوزيع الجيد للدواء في الجرح كله، ولكن الضمادة الذكية التي أنتجناها بها عدة مزايا، فهي تخرج الجرعة الدوائية حسب حالة الجرح، وتم انتاجها اعتمادا علي تكنولوجيا هندسة الانسجة، فتوجد بها مواد تحاكي البيئة الطبيعية للجرح، بما يحفز خلايا الجلد علي النمو بشكل طبيعي، وتشير التجارب التي أجريت عليها أن إندمال الجرح يكون خلال فترة لا تتجاوز ال 20 يوما.
كما ان المريض يضعها مرة واحدة ولا يحتاج لاستبدالها كل فترة، وهي مزودة بمستشعر كيميائي يعطي للمريض إشارة لونية بحالة الجرح، بحيث عندما يندمل الجرح يستطيع أن ينزع الضمادة.
ومتي سيخرج هذا المنتج للنور؟
بكل ثقة يقول: ليست لدينا مشكلة في تسويقه، فالعشرات من المستثمرين يطلبون التعاون معنا في انتاجه، ولكننا في مرحلة اختيار الأفضل منهم، ونتمني أن يكون متاحا خلال عام ونصف علي الأكثر.
أنسولين بدون ألم
كان البدء بالضمادة من اختياري الذي وافق هوي في نفسك، فماذا عن الإنجازات الأخري الخاصة بمرض السكر التي يحملها حائط مكتبك؟
ترتسم علي وجهه ابتسامة عريضة وهو يشير إلي أحد حوائط مكتبه، قائلا: الإنجازات الأخري علي هذا الحائط، الذي يحمل نسخا من الأبحاث التي أجريتها، والتي لا يزال بعضها يحتاج لمزيد من الاستكمالات قبل أن أقول أنه يمكن أن تتحول لمنتج.
وماذا ستختار لنا من هذا الحائط؟
يصمت لوهلة قبل أن يقول: مرضي السكر يعانون من مشكلة الحقن المستمر لتناول الأنسولين، ولأن الأنسولين بروتين، فالحقن هو الوسيلة الوحيدة لتناوله، لأنه لو تم تناوله عن طريق الفم سيصل للمعده التي ستقوم بهضمه.
وكيف ستتعاملون مع هذه الإشكالية، هل ستلبسون الإنسولين طاقية الإخفاء؟!
يطلق ضحكة عالية، قبل أن يقول: حاجة زي كده، حيث تم وضع الإنسولين داخل مواد ذكية لديها حساسية تجاه الوسط الذي سيمر عليه الدواء، فإن كان وسط حامضي مثل المعدة، تنكمش لحماية الإنسولين ومنعه من الخروج، وعندما تصل إلي الأمعاء وهي المنطقة المطلوب أن يخرج فيها الإنسولين، ستجد الوسط قلوي ضعيف، فتتمدد وتسمح بخروج الدواء ببطء، وهذه ميزه إضافية، حيث أن خروج الدواء ببطء يساعد علي استمرارية تأثيره، ولا يحتاج المريض حينها إلا لتناول أقراص الأنسولين مرتين في اليوم، بينما كان يضطر للحقن 4 مرات وربما أكثر.
ومتي يتحول هذا البحث إلي منتج لينتقل من حائط الأبحاث إلي حائط الجوائز؟
يصمت لوهلة، قبل أن يقول: التجارب علي الحيوانات تعطينا نتائج مبشرة، وقريبا جدا سنقترب ان شاء الله من تحقيق هذا الإنجاز.
وداعا لقطرات العين
أتفهم اختيارك لمرض السكر وسماد اليوريا كانجازات تتحدث عنها، ولكن عيني تلتقط مجسما للعين علي المنضدة المجاورة لمكتبكم، فهل كان للعين نصيب من انجازاتكم؟
يشير إلي شهادة تقدير حصل عليها من معرض جنيف للابتكارات قائلا: هذه الشهادة تتعلق بهذا العمل، وهو عبارة عن ألياف نانوية تحتوي علي المادة الدوائية المراد توصيلها للعين، ويتم لصقها علي الجفن السفلي للعين، حيث أن أول طبقة بها لها قابلية للالتصاق مع مخاط العين، وتقوم تلك الالياف باطلاق الدواء في العين، وهي مصنعة من مواد لا تضر العين.
وما الذي دفعكم للتفكير في هذا الإتجاه، فهناك قطرات للعين متداولة وتستخدم من زمن بعيد؟
يخرج من مكتبه أوراقاً تتضمن نتائج أبحاث أجريت علي مدي استفادة العين من القطرات التي توضع بها، ليقول وهو يشير إلي إحداها: كما تري فإن العين لا تستفيد إلا من نسبة ضئية جدا من القطرة، قدرتها هذه الدراسة ب 5%، والباقي يضيع ولا يتم استغلاله، ومن ثم فإن هذا الاختراع سيضمن استغلال أمثل للمادة الدوائية ومن ثم شفاء أسرع.
ومتي يمكن أن يخرج هذا الاختراع إلي الأسواق؟
بكل ثقة يقول: قمنا بحمايته كبراءة اختراع في أكثر من دولة، وخلال عامين علي الأكثر يمكن أن يخرج للأسواق.
طاقية الإخفاء
أراك تضع مدي زمنياً قريباً إلي حد كبير، مع أن المنتجات ذات الصلة بالصحة تأخذ وقتا أطول؟
تظهر الابتسامة علي وجهه قبل أن يقول: من الجيد أنك طرحت هذا السؤال لأوضح بعض الأمور، فأنا عندما تحدثت عن كبسولة الأنسولين لم أحدد مدي زمني قريب، لأن الأبحاث التي تتعلق بالمواد الدوائية التي تدخل عن طريق الفم تأخذ وقتا طويلا من البحث والتجارب السريرية، وكذلك عندما يتعلق الامر بأدوية الاستنشاق، وبالمناسبة نحن لدينا بحث مهم جدا في هذا النوع من الأدوية.
هل ألبستم الدواء طاقية الإخفاء، كما فعلتم مع الإنسولين؟
يطلق ضحكة عالية، قبل أن يقول: تستطيع أيضا أن تقول أننا فعلنا ما يشبه ذلك.
كيف؟
تظهر ملامح الجدية علي وجهه استعدادا لحديث طويل عن هذا الإنجاز، بدأه قائلا: الرئة تملك خصائص تجعلها موصلا جيدا للدواء، إلا أن بها ثلاثة أنظمة دفاعية تتعامل مع الدواء كجسم غريب، تحول دون الاستفادة منها في هذا المجال، أولها طبقة المخاط والأهداب التي تحمي المنطقة العليا منها ضد الأجسام الغريبة، بينما تتعامل »‬خلايا الماكروفاج» الموجودة في عمق الرئة مع الأجسام الغريبة التي تصل إلي تلك المنطقة، وما فعله الفريق البحثي هو تصميم حاملات دواء تتفادي الأنظمة الثلاثة.
ألم يفكر باحثون قبلكم في هذا الاتجاه؟
تبدو مشاعر الثقة واضحة علي وجهه قبل أن يقول: من سبقونا توصلوا إلي أنه حتي تتعامل مع النظامين الدفاعيين في أعلي الرئة فلا بد من ضبط حجم جسيمات الدواء بحيث تكون متناهية الصغر، لأنها إذا زاد حجمها سيتم لفظها والتعامل معها كجسم غريب، ولكن المشكلة أن هذا الحجم هو المثالي لتشعر به خلايا الماكروفاج.
وكيف تمكنتم من خداع خلايا الماكروفاج هي الأخري؟
يلتقط ورقة ليشرح عليها ما فعلوه، قائلا: صممنا حاملات دواء ذكية يكون حجمها مناسبا للتعامل مع النظامين الأول والثاني، وتتمتع بخاصية امتصاص الرطوبة، بحيث عندما تصل لعمق الرئة تمتص الرطوبة، فيزيد حجمها من 3 إلي 4 أمثال خلايا الماكروفاج، فلا تدركها تلك الخلايا.. وسيساعد ذلك في علاج بعض الأمراض المزمنة داخل الرئة، مثل الأورام، كما سيساعد ذلك في استخدام الرئة لتوصيل الدواء لأعضاء أخري داخل الجسم مثل الكبد.
سرعة الصاروخ
ما أعلمه أن مركز علوم المواد الذي ترأسه لم يكمل عامه الثالث، وهي مدة قصيرة جدا، أشعر أنها لا تتلائم مع حجم الإنجازات التي أشرتم إليها؟
ترتسم علي وجهه ابتسامة الرضا، ليقول: نحن نعمل بسرعة الصاروخ، فأنا كنت استاذا في كلية الصيدلة بجامعة تكساس الأمريكية، وأستطيع أن أقول بناء علي تجربة بالخارج، ان ما تحقق هو انجاز وفق المعايير البحثية.
طريق الإنجازات من المؤكد أنه لم يكن مفروشا بالورود، فهل دفعتك الاحباطات يوما إلي التفكير في العودة لأمريكا؟
وكأنه كان يتوقع طرح هذا السؤال، فلم يعط نفسه فرصة للتفكير وقال: لم أفكر في العودة لأن قناعاتي التي دفعتني لترك أمريكا لم تتغير.
وهل يمكن أن تعطيني فكرة عن هذه القناعات؟
يلحظ حالة من الدهشة ارتسمت علي وجهي، شعر معها أني ربما أري في كلامه بعض المبالغة، فقال: والله سأحدثك بصراحة بعيدا عن أي كلام قد يفهم منه أنه عاطفي ، فأحد أهم قناعاتي أن الانسان يجب أن يعود إلي جذوره، فالهجرة يجب أن تنتهي عند مرحلة زمنية يحددها الانسان لنفسه، ليعود بعدها، ليس لشيء إلا لأن ذلك في مصلحته الشخصية، لان التكوين البيولوجي للإنسان يرتبط بالمكان الذي نشأ وتربي فيه، وبالتالي يجب أن يعود له ليكمل المشوار في هذا المكان.
حتي لو كان المكان غير مثالي قياسا بالوضع بالخارج...
يصمت لوهلة قبل أن يقول: يقودني سؤالك إلي قناعة أخري أؤمن بها وهي ان الباحث يستطيع أن يحقق نجاحا مهما كانت الظروف صعبة، فالباحث الجيد هو الذي يستطيع تحويل الاحباطات إلي تحديات وفرص.
الأبحاث حبيسة الأدراج
الإحباط عادة ما يأتي للباحث لأن أبحاثه لا يتم تطبيقها، ومن هنا تأتي الشكوي الدائمة أن الأبحاث حبيسة الأدراج...
لم ينتظر أن أكمل سؤال، وانطلقت الكلمات من فمه سريعة قائلا: الباحث الذي يردد أن أبحاثه حبيسة الأدراج يضحك علي ذاته، لأنك لو كنت تنفذ البحث وفي نيتك أنك تقوم به لكي يستفيد منه الناس فلن يصبح حبيس الأدراج، فنحن لن نقابل ربنا في نهاية العمر بألف بحث، ولكن سنقابله بما نجحنا في إفادة الناس به من هذه الأبحاث.
وهل يمكن أن تقودك أحد هذه الأبحاث إلي جائزة نوبل؟
لم يعط نفسه فرصة للتفكير وقال: الجائزة في حد ذاتها ليست هدفا، لأن من يعمل وعينه علي الجائزة لن يحصل عليها، ولنا أسوة حسنة في تجربة البروفسور محمد يونس في بنجلادش الذي حصل علي جائزة نوبل في السلام عن تجربة »‬بنك الفقراء»، فهذا الرجل حقق نجاحا في الداخل وكرم عليه في بلده، فالتفت له الخارج ومنحه الجائزة، وهذا جمال أي نجاح.
هذه كانت جائزة في مجال السلام، ولكن يقال انه من المستحيل أن يحصل عالم أجري أبحاثه في دولة نامية علي جائزة نوبل في العلوم؟
بكل ثقة يقول: ليس صعبا والأمل في الأجيال الجديدة في مدينة زويل، فما من مسابقة عالمية يشاركون فيها إلا ويحصلون علي جوائز، وبعضهم شارك قبل عامين في مسابقة عالمية استضافتها تركيا، لا يشارك فيه إلا حاملو الدكتوراة، وحصلوا علي الجوائز الأولي، رغم أنهم لا يزالون يدرسون في السنة الثالثة، وقد تحدثت الكثير من الصحف عن هذا الإنجاز.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.