كل عام وأنتم بخير .. رمضان كريم ها نحن نستقبل أول أيام رمضان بعد ثورة يناير العظيمة .. تقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام والقرآن واستجاب الله لدعائكم ودعائنا . هزّني من أعماقي دعاء إخواننا السوريين المرابطين في بلاد الشام .. اللهم أعنا علي الصيام والقيام وإسقاط النظام . ونحن نرفع إلي الله تعالي مع بداية شهر الصوم أكّف الضراعة بأدعية أخري اللهم أعنا علي الصيام والقيام وبناء النظام الحر الديمقراطي اللهم أعنا علي تجاوز هموم المرحلة الانتقالية وتقلصاتها بسلام اللهم أعنا علي تحقيق التوافق الوطني بين كل أبناء الوطن اللهم أعنا علي انطلاقة النهضة والتنمية لتحقيق آمال المصريين في حياة كريمة وعدالة اجتماعية. اللهم أعنا علي التعلم من أخطائنا وعدم الترفع عن الاعتراف بذنوبنا اللهم أعنا علي التوبة الصادقة من العلوّ والاستكبار حتي لو كان ذلك بطاعتك، فهو أسوأ ألوان الاستكبار . اللهم أعنا علي التأمل في قول ابن عطاء الله : " معصية أورثت ذلاً وانكساراً خيرٌ من طاعة أورثت عزاً واستكباراً " فلا نتطاول علي خلق الله العصاة بصوم ولا صلاة ولا تهجد ولا قيام اللهم أعنا علي التواضع الحق الذي لا نري لأنفسنا فيه تواضعاً ، فليس المتواضع من أثبت لنفسه تواضعاً، بل المتواضع هو من لا يري لنفسه حقاً أصلاً، ولا يري ذاته. اللهم أعنا علي استيعاب كل الخلق لنري فيهم قدرة الخالق سبحانه الذي أرادهم مختلفين ليتعايشوا فيما بينهم ، اختلف أبناء آدم عليه السلام علي القرب من الله فكانت جريمة بشعة قتل فيها قابيل أخاه هابيل لأن الله تقبل قربانه فظن أنه الأقرب إلي الله، والذي تقبل الله منه ونسي أن الله يتقبل من المتقين، فلم يلجأ إلي المولي تعالي الذي بيده الأمر والخلق، وانتقم لنفسه بقتل أخيه، فلم يغن ذلك عنه من الله شيئاً، وعاد إلي نفسه في النهاية باللوم بعدما فشل في دفن جثمان أخيه، فأصبح من النادمين بعد أن كان من الظالمين ثم باء بالخسران المبين . اللهم أعنا علي الاستفادة من الندم، فالندم توبة، وتوبة قابيل أورثها في ذريته من بعده، فمنهم من ندم فتاب فأناب، ومنهم من لم ينتفع بالندم فأصّر علي القتل والذبح والفساد فأصبح من المسرفين. اللهم أعنا علي التقرب إليك بالإحسان إلي خلقك أجمعين، أغنياء ومساكين، الأغنياء بإرشادهم إلي بابك ليعلموا أن الغني الحق هو الغني بالله فلا يبخلون بثرواتهم وأموالهم ولا يكنزون الذهب والفضة، ولا يحبسونهما عن الإنفاق في سبيل الله ، ببناء الوطن وتنميته وتوظيف العاطلين، ولا يكون مجرد الربح فقط هو هدفهم، فالربح المضمون والجزاء الأوفي هو عند الله تعالي في الآخرة. أما المساكين فالإحسان إليهم بسيط والتقرب إلي الله عن طريقهم سهل ميسور، ليس بموائد الرحمن، بل بدلالتهم علي طرق العمل والكسب الحلال، وإمدادهم بآلات العمل بديلاً عن الطعام. اللهم أعنا ذ وسط المشاغل ذ علي الحرص علي صلاة الفرائض في الجماعات بالمساجد وسط الناس. اللهم أعنا ذ رغم اللقاءات والزيارات ذ علي القيام والتهجد والوقوف بين يديك في خلوة والناس نيام. اللهم أعنا علي صلة الأرحام مع الأهل والأصهار والأقارب والخلان والإخوان. اللهم أعنا علي التزود من رمضان لشحن بطارية الإيمان، فالقادم أصعب والهموم ثقيلة ولا حول ولا قوة إلا بك سبحانك، وأنت أمرت نبيك عليه السلام بقولك : " فاعبده وتوكل عليه" . اللهم أعنا علي الاستفادة من دروس رمضان، ثلاثين ليلة وثلاثين نهارا، من الصبر والثبات في ميادين الجهاد، بدر الكبري، فتح مكة، عين جالوت، ملاذكرد، وغيرها من الفتوحات. اللهم أعناعلي التفرغ قليلاً للأهل والأولاد والأحفاد، حول موائد الإفطار والسحور في رمضان في لقاءات الإيمان والإحسان، وليس لملء البطون. اللهم أعنا علي مواصلة الاستزادة في رمضان من قصص أهل الصفوة من الصحابة والتابعين عليهم الرضوان. أقبل رمضان ونحن والعرب في حال ثورة، ثورة علي الاستبداد والطغيان ثورة علي الفساد والانحرافات ، ثورة علي الظلم والقهر، ورمضان هو شهر الحرية، الحرية الحقيقية من العبودية لغير الله، من العبودية للشهوات ، من العبودية للعادات والمألوفات . رمضان شهر للامتناع عن الحلال لكي نقوي علي الابتعاد عن الحرام. رمضان شهر تقوية العزم والإرادة، إرادة التحرر والخضوع لله وحده ، رمضان شهر إعلان العبودية لله وحده، شهر الاقتداء بأخلاق الملائكة الأطهار. رمضان شهر وحدة العالم الإسلامي كله بالتوجه إلي قبلة واحدة، ورب واحد والامتناع عن شهوتي الفرج والبطن في أعظم تجمع عالمي وأكبر حشد إنساني علي طاعة واحدة. فلنجعل رمضان امتداداً للثورة، وعودة لأخلاق الثورة، وتقوية للصف الوطني، وعودة إلي الوحدة بين المصريين والعرب والمسلمين. فلنبتهل إلي الله تعالي مع قدوم رمضان أن يثبت أهل الشام وليبيا واليمن وأن ينصرهم نصراً عزيزاً مؤزراً علي الاستبداد والظلم وآلة القتل الجهنمية التي أزهقت أرواح الآلاف . ولنبتهل إلي الله تعالي أن يرزق بقية الملوك والأمراء الحكام والرؤساء البصيرة بأن يتقربوا إلي الله في رمضان بالإصلاح الحقيقي، وإعلاء الحريات الأساسية للمواطنين، وإعادة الاعتبار إلي الأمة في تلبية آمالها في حياة سياسية سليمة، وتطبيق شرع الله بإقامة العدل والعدالة، وحفظ الحريات والكرامة، ومنع الفساد والإفساد، ومطاردة اللصوص وتحريم السرقات، سرقة الثورات، وسرقة الثروات، وسرقة الأوطان. رمضان كريم لكل العصاة والمذنبين حتي هؤلاء الذين وراء الأسوار من عتاة المجرمين أو عتاة السياسيين، لعل لهم توبة صادقة فيما بينهم وبين الله، ويتوب الله علي من تاب.