سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
يوميات الاخبار : ارادة الشعب أوامر..؟! كان من قبلنا خيرا منا.. كانوا يفعلون ولا يقولون، ثم خلف من بعدهم اخلاف
يفعلون ويقولون. ثم ها نحن اولاء نري مسئولين يقولون ولا يفعلون.
السيت: شهدت مصر في الشهور الماضية حوارات ومناقشات، وشارك فيها اناس كثر، وانخرط الجميع في جدل حول قضايا ومشكلات المجتمع.. وخلال المؤتمرات تم التوافق علي عدد من المطالب الضرورية.. تحقق اهداف الثورة وتطلعات المجتمع، اليوم، وغدا، وما قيل في هذه المؤتمرات، اعيد تدويره مرة اخري عبر شاشات التليفزيون.. بنفس الوجوه، التي ركبت الثورة بعد انطلاقها، وعلا صوتها عبر ميكرفونات وشاشات الفضائيات ، وهي وجوه مل الناس رؤيتها، وكأن مصر بجلالة قدرها قد عقمت ولم تلد مصر إلا هذه النفر القليل، الذين لا يتجاوز عددهم اصابع اليدين والرجلين معا.. ولم نر اصحاب الأغلبية من عمال وفلاحين يدلون بدلوهم في مشاكلهم، فلم نر عاملا او فلاحا يعبران عن آلامهما، وآمالهما وتطلعاتهما الي حياة افضل، حياة كريمة، في وطن عزيز.. الغريب ان هذه الوجوه لا تخلو منها قناة فضائية طوال الشهور الستة الماضية، يرددون نفس الكلام الذي قالوه في القنوات الاخري. حتي كره الناس رؤيتهم وملوا كلامهم المعاد، والذنب ليس ذنبهم انما ذنب الذين يفسحون لهم المكان بالساعات. لقد توافق الشعب علي مطالب محددة، طالبا من المسئولين عن ادارة شئون البلاد بضرورة الغاء نسبة ال 05٪ المخصصة للعمال والفلاحين في مقاعد مجلس الشعب.. وكان الدافع وراء المطالبة بالغاء هذه النسبة، ان العامل والفلاح، لا وجود له تحت قبة البرلمان.. بعد ان سطا علي المقاعد النيابية كبار رجال المال والاعمال وكبار الضباط والاطباء واساتذة الجامعات، وكل من ليس له صلة بالعمال والفلاحين الذين جاءوا الي البرلمان بالتزوير في الصفة الانتخابية من فئات الي عمال وفلاحين، ويرجع الفضل في هذا التزييف الفاضح الي الحزب الوطني المنحل بالقانون لذلك لم نسمع واحدا من هؤلاء المزيفين الذي انتحلوا صفة العامل والفلاح بدون استحقاق يدافعون عن حقوق العمال والفلاحين، لم يتكلموا عن البؤس والشقاء الذي يعيشون فيه، انما صاغوا قوانين تخدم مصالحهم الذاتية.. من حماية الاحتكار والسطو علي اموال الشعب من البنوك وتركوا من يمثلونهم ادعاء وكذبا يعيشون في فقر وجهل ومرض ويئنون من لهيب الاسعار وتدني الدخول. وتم التوافق علي ضرورة الغاء مجلس الشوري الذي ولد ميتا، لا جدوي منه ولا نفع من استمرار بقائه سوي اهدار مال الشعب بملايين الجنيهات، تنفق بلا رابط في صورة مكافآت ورحلات ترفيهية. وتوافق الشعب علي ان تجري الانتخابات البرلمانية وفق نظام القوائم لمنع تسلل عناصر من النظام الفاسد السابق الي مقاعد البرلمان، حتي لا يعيثوا في الارض فسادا، خاصة وانهم خبراء في التزييف والتلفيق، ولديهم القدرة المالية لافساد الذمم والضمائر بشراء الاصوات الانتخابية وقد تمرسوا علي هذه الاساليب الشيطانية وكانوا وراء زيادة اعداد البلطجية في الشارع الانتخابي. ولكن جاءت الرياح بما لا تشتهي الانفس فقد تم اهدار ما توافق عليه الشعب وفوجيء الرأي العام بصدور مراسيم بقوانين، جاءت مخيبة للآمال وتطلعات الناس الي حياة برلمانية سليمة، فقد ابقت القوانين الجديدة علي نسبة ال 05 من مقاعد مجلس الشعب للعمال والفلاحين وهم اول من يعلمون ان هذه النسبة لا تصل الي اصحابها الحقيقيين. وخصصت 05٪ من المقاعد في مجلس الشعب بنظام القوائم و05٪ بالنظام الفردي، واجراء الانتخابات لاختيار اعضاء مجلسي الشعب والشوري في وقت واحد. بل زاد الامر سوءا، ان تم زيادة مقاعد مجلس الشعب من 444 الي 405 بزيادة 06 عضوا وزيادة مقاعد مجلس الشوري من 852 الي 093 بزيادة تقترب من ثلث عدد المقاعد.. ويبقي السؤال: كيف يمكن للمواطن في ظل هذا النظام ان يدلي بصوته في أمرين مهمين في وقت واحد. ان من حق الرأي العام ازاء ما حدث ان يعرف الشعب اسماء اعضاء اللجان التي صاغت هذه القوانين، واهدرت ما توافق عليه الناس من مطالب عاجلة واعتقد ان معرفة اسماء هذه اللجان، ليس من الاسرار العسكرية المحظور تداولها حماية للامن القومي حتي يعرف الشعب من يلعب من وراء الستار ويوجه حياته الي مسارات لم يتم التوافق عليها. ونربأ بأن يكون حال الشعب المصري مثل حال »تيم« وهي قبيلة عربية، لا وزن لها أو قيمة، ولا جدوي من حضورهم عند اتخاذ القرارات المصيرية، فحضورهم مثل غيابهم، فالامر لا يختلف ولا اعتقد ان الشعب المصري لن يكون في يوم من الايام كحال قبيلة »تيم« التي قال الشاعر في حقها: ويقضي الأمر حين تغيب تيم ولا يستأذنون وهم شهود والأكثر غرابة، ان القوانين الجديدة تتناقض مع تصريحات د. عصام شرف رئيس مجلس الوزراء، الذي اختارته ثورة يناير رئيسا لحكومة الثورة.. حيث يقول ان ارادة الشعب أوامر، وهو كلام اشبه بدخان في الهواء.. وما حدث لا ينبيء عن بارقة امل، ولله الامر من قبل ومن بعد. مسلسلاتك عندنا الاثنين: البضاعة الجيدة تعلن عن نفسها، وليست في حاجة الي تنظيم حملات دعاية لها، الا في اضيق الحدود.. اما البضاعة الرديئة فتحتاج الي جلبة وضوضاء، ومنتجوها وبائعوها أول من يعرف سوءاتها، حيث غاب الضمير في صناعتها، هدفهم الوحيد تضليل الناس وجذب انظارهم وإغواؤهم للاقبال علي شرائها وتحقيق اكبر قدر من المال الحرام. وهذا يذكرني بمشهد كنا نراه في شارع 62 يوليو، شارع فؤاد سابقا، بوسط القاهرة لسنوات طويلة، عندما كان أصحاب المحلات يستأجرون صبية يقومون بدور البهلوان للاعلان عن بضاعتهم، وغالبا ما تكون فاسدة، ويقف البهلوان بملابس مزركشة وفي يده جرس أو ميكرفون ويعترض المارة ويشير الي المحل المطلوب الترويج لبضاعته ويصيح: بص شوف المحل بيعمل ايه.. ويضحك المارة ويمضون الي حال سبيلهم.. هذا ما يحدث الآن في الفضائيات المصرية مع فارق التطور والتنوع التكنولوجي، حيث كان البهلوان او الاراجوز يستخدم ادوات بسيطة، اما اليوم فقد تطورت الحيل السينمائية حيث تقوم هذه الفضائيات بتقديم بعض المشاهد من المسلسلات التي اعدت خصيصا لشهر رمضان المبارك، حيث يقوم المذيع او المذيعة بالتصايح: مسلسلاتك عندنا.. واسأل »رمضان اللي فات«.. والجواب يقرأ من عنوانه فما رأيناه من مشاهد متلاحقة.. بعيدة كل البعد عن الفن الرفيع الذي يسمو بالعقل ويرقي المشاعر والذوق السليم.. ويرسخها في الوجدان. ويتساءل الانسان: ما الهدف من هذه الكثرة الكثيرة في تقديم هذه المسلسلات في القناة الواحدة في شهر رمضان، شهر القرآن، والتعبد، والدعوة الي صالح الاعمال.. والرجوع الي الله، بالتوبة عن ارتكاب المعاصي. قد يقول البعض ان من مهام الاعلام التسلية والترفيه بعد يوم عمل شاق.. نعم هذا قول صحيح، ولكن من مسئوليات الاعلام الاساسية ايضا نقل الاحداث فور وقوعها وتحليلها والتعليق عليها، ومن مهامه ايضا نشر الثقافة العلمية وتنوير العقول والدعوة الي التضامن والتكاتف لبناء وطن جديد قوامه: العدالة الاجتماعية والحرية والممارسة الديمقراطية السليمة خاصة في هذه الايام حيث تمر مصر بمرحلة تاريخية فارقة بعد أن أسقط الشباب الطواغيت ورموز الفساد، وان بقيت الاذناب، تمارس هوايتها بالسعي بين الناس بالفساد، واثارة الفتن بين فئات المجتمع.. ولماذا التركيز علي عرض هذا الحشد من المسلسلات في شهر رمضان.. وامامهم عام كامل.. هل وراء هذا الحشد اهداف، غير معلنة، بعيدا عن التسلية، وهو صرف الناس عن امور حياتهم اليومية والهائهم عن مشكلاتهم المزمنة من فقر وتخلف ومرض فيعملون علي تخريب العقول وتشويه الوجدان. كنت ارجو ان تقوم هذه الفضائيات التي تدخل كل البيوت بلا استئذان ان تقوم برسالتها الاعلامية الجليلة من تنوير العقول، وتحريرها من الخرافات والاوهام والسحر والشعوذة.. الخ وتقوم بتبصير المواطنين بالمخاطر المحدقة بالشعب المصري بدلا من اغراقه بالتفاهات والمسلسلات تحت مظلة الفن.. لو فعلت ذلك لكان خيرا وابقي.. وليتها نزلت الي الناس في قراهم، وقدمت برامج نابضة بالحياة عن حياة الفلاح والعامل الذي يعمل في صمت، ويقاسي الامرين من مشاكل عدة تخنقه. والمفروض ان تدعو الي صالح الاعمال والي التعبد في شهر القرآن وتدبر معانيه السامية.. فبهذا تصبح هذه الفضائيات اداة اصلاح في المجتمع.. بدلا من اغراق الناس طوال الليل في مشاهدة مسلسلات.. وكل قول غير ذلك نوع من العبث لا خير يرجي منه ولا ثمرة طيبة تلتمس فيه. كان المأمول من اجهزة الاعلام المرئية والمقروءة والمسموعة الدعوة الي تطهير شجرة الثورة من الآفات والنباتات المتسلقة، كما يقول د. احمد خليفة استاذ الاجتماع والقانون.. اما ان نبدد مع الريح حصاد الثورة بالمسلسلات والاغاني الهابطة فهذا هو الانحدار قبل الانتحار.. والديمقراطية الصحيحة ليست هتافات وليست نصب الزينات والهاء الناس بالغناء والمسلسلات، الديمقراطية الحقة ملحمة شعبية لا مسرحية، وليست سطورا جوفاء ينطق بها حفنة ممن احترفوا ادعاء تمثيل الشعب.. ولا شيء اكثر من ذلك هدانا الله جميعا الي سواء السبيل. مقال في كلمات تولد الافكار الكبيرة من احتكاك الآراء والحوار والمناقشات ولكن في عصر الحزب الواحد لا تسمع الا الهتافات والشعارات التي لا تسمن ولا تغني من جوع. ما هو مفهوم الريادة الاعلامية.. هل في كثرة القنوات الارضية والفضائية ام بما تبثه من قيم سامية وافكار مبدعة.. تبني ولا تهدم ولا تتملق العواطف.. وفي تبني مشكلات المجتمع واقتراح الحلول والبعد عن تضخيم الايجابيات او اخفاء الجرائم التي ارتكبت في حق الشعب. هذا الكاتب والمفكر يحني رأسه لكل من يركب مادام يمضي في طريق العيش الرغيد. الثوار يذهبون أما الثورة واهدافها ومراميها فتبقي وتدوم. لقد حاربت مصر الزمن منذ الازل وتنتصر دائما علي الزمن بروحها المتجددة. الذين يحبون أنفسهم يكرهون كل الناس. عمة كالبرج جبة كالخرج.. مثل يضرب في فساد ذمة بعض المتاجرين بالدين. افضل الايمان ان تعلم ان الله معك حيثما كنت. ليس في الدنيا شيء كالعدل تطمئن اليه النفس ويتوافر به الامن ويسعد في ظله المجتمع.