»ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك« صدق الله العظيم.. كانت تلك الآية الكريمة هي درسي الأول الذي تعلمته في كلية الإعلام جامعة القاهرة منذ اليوم الأول للدراسة الجامعية مع الخطوات الوجلة المترددة المليئة بالأمل في المستقبل. وعلي مدار سنوات الدراسة الأربع صافحت عيناي تلك الكلمات الحكيمة الموجزة التي تمثل أحد مباديء ميثاق عمل أي اعلامي يختلط بالناس ويعبر عن آمالهم وطموحاتهم، وعبر مئات المرات صعدت او نزلت سلالم الدور الرابع حيث كانت الكلية ضيفة علي مبني كلية الاقتصاد والعلوم السياسية قبل ان يبني لها مبني مستقل أنيق كانت الآية الكريمة تتسلل إلي نفسي وتشكل وجداني ربما لاتفاقها مع طبيعتي او لاقتناعي بالمبدأ الأخلاقي، في أواخر السبعينيات مع التحاقي بكلية الاعلام فتحت لي آفاقاً جديدة.. تعلمت في الكلية الصغيرة حجماً الضخمة ثقافة واشعاعاً.. ان الخلاف في الرأي لا يفسد للود قضية.. علمنا اساتذتنا الأجلاء أن نختلف معهم في الرأي وفتحوا أمامنا أبواب العلوم في السياسة والاقتصاد والإجتماع علمونا أن الإعلام يعني الانفتاح علي العالم وعلي رؤية ثاقبة لمشاكل الداخل، لهؤلاء الأساتذة العظام أدين بكل ما منحوني من علم وثقة في النفس وقدرة علي التعبير.. كان هدفهم بناء الشخصية والثقافة لأبناء العلم فقط.. لهذا كانت فترة الدراسة الجامعية ثرية بالأنشطة حافلة بالتيارات السياسية المختلفة، وحول النصب التذكاري للطالب الجامعي كم جمعتنا حلقات نقاشية جادة حول السياسة او الاقتصاد او الشعر او المسرح. وكنا أسرة واحدة طلاباً ومعيدين واساتذة ومازالت العلاقات الانسانية القوية تربطنا للآن.. ومع احتفال كلية الاعلام بعيدها الاربعين مازالت شابة وستظل ولودا ولو بعد مائة عام.