اعترف إمبراطور الإعلام روبرت موردوخ أمام لجنة الإعلام بمجلس العموم البريطاني بالفضيحة التي تلاحقه بقيام إحدي صحفه البريطانية بالتنصت علي مكالمات ورسائل العديد من كبار السياسيين والمشاهير، واضطر إلي إغلاق أبوابها والتوقف عن إصدارها، قائلا: [هذا هو أخزي يوم في حياتي. لقد صعقت بشكل مروع وشعرت بالخزي عندما عرفت أخيراً جداً عن قيام البعض في »نيوز أوف ذي وورلد« بالتنصت ونشر الأسرار الشخصية]. رغم علانية »الخجل والخزي والندم« من جانب روبرت موردوخ وابنه جيمس، إلا أن الرأي العام لم يتعاطف معهما. وتصاعدت أصوات ليس فقط بمقاطعة صحفه وقنواته التليفزيونية، وإنما دعت أيضا إلي محاكمته وتقليص نشاطه واستثماراته في بريطانيا. هناك من يري أن صحافة الفضائح »التابلويد« لم تنتشر وتفتر إلا مع وصول »موردوخ« إلي بريطانيا في نهائيات الستينيات، عندما اشتري الصحيفتين »ذي صن« و»نيوز أوف ذي وورلد« وانطلق بهما، ومعهما، إلي آفاق غير مسبوقة في كثرة التوزيع وسعة الانتشار. وقتها كان التليفزيون يسحب البساط بسرعة من تحت الصحافة البريطانية مع هبوط توزيعها، فجاء »موردوخ« بالجديد والمثير لما يجب كما أراد أن تكون عليه الصحافة البريطانية. وبالفعل.. ظهرت صحافة »التابلويد« التي استندت إلي حرية واستقلالية غير مقيدتين باعتبارها »السلطة الرابعة« في البلاد سوي بضمائر العاملين فيها، وبإشراف فخري من »المجلس الأعلي للصحافة«. وأقبل القراء بالملايين علي تلك الصحافة غير المسبوقة سواء في تحريرها وتبويب صفحاتها أو في خياراتها حروفاً وصوراً. صحافة تنقب عن أخبار الإثارة، والصور الأكثر عريا. صحافة تفضح المشاهير بمعلومات النميمة، والتخمينات، والافتراءات. صحيفة خصصت صفحتها الثالثة يومياً لتحتلها صورة لحواء بورقة التوت أو بأقل منها. ليس مهماً أن تحاسب الصحيفة علي التشهير والسب والقذف، مادام الحساب في حال الإدانة ينتهي إلي تعويض مادي يحسب بآلاف الآلاف من الجنيهات. بسيطة بالنسبة لصحف قفزت أرقام توزيعها إلي ملايين النسخ، وامتلأت صفحاتها بالإعلانات التي تدر عليها أموالاً طائلة لا تعيقها عن دفع الغرامات مهما بلغت أرقامها. الحصول علي الخبطات الصحفية الفضائحية لا يتطلب جهداً أو تنقيباً. فهي مطروحة للبيع لمن يشتريها من مصادر النميمة وما أكثرها. الخبر الفضائحي الذي يمس شخصية شهيرة، تدفع الصحيفة ثمناً أكثر من خبر يتعلق بشخصية أقل شهرة. وما يقال عن »الخبر« يقال نفسه عن »الصورة«.. التي تتسابق الصحف علي حق نشرها بمقابل مالي يختلف من صورة إلي أخري تبعاً للغرابة والإثارة والعري في هذه أو تلك. وتألقت صحافة »التابلويد« بعد اختراع »الإنترنت« الذي قدم لها ما لم تكن تحلم به من مواد وصور حقيقية أو مفبركة من خلال وسائل اختراق كمبيوتر أو هاتف أي مواطن وأي مكتب وأي بنك!