الثورة تخرج من الناس أجمل ما فيهم. هكذا كنا في ميادين التحرير في أيام الثورة الأولي وهكذا ينبغي أن نعود، وهكذا تعيدنا واقعة تبرع رجل الصناعة السكندري حسن عباس حلمي بهذا المبلغ الكبير لمشروع مدينة زويل الي هذا المعني النبيل الذي يستوجب التوقف عنده والتمسك به حتي لا تذهب بنا الأحداث بعيداً عن الروح الحقيقية لثورتنا العظيمة. هل كان يمكن أن نسمع عن تبرع لمواطن مصري بربع مليار جنيه لمشروع علمي قبل الثورة؟ هل كان يمكن أن يفعلها في عصر يعادي العلم ويطارد العلماء ويعتمدعلي »الفهلوة« حتي في التعامل مع أخطر قضايا الوطن؟ هل كان يمكن أن يحدث ذلك في ظل نظام سقط في مستنقع الفساد حتي أصبح الفساد هو الذي يحكم، ويقرر، ويأخذ وطناً بحجم مصر إلي المجهول؟ هل كان من الممكن ان يحدث ذلك في ظل سياسات سلمت الدولة إلي »عصابة« استباحت المال العام، ومارست أبشع صور الاحتكار وطاردت رجال الصناعة الحقيقيين، ونهبت أموال البنوك واستولت علي اراضي الدولة ومصانع القطاع العام بتراب الفلوس؟! هل كان من الممكن أن يحدث ذلك في زمن كانت »التبرعات« تذهب فيه إلي الحسابات الخاصة (!!) والمساعدات الدولية تتحول الي هدايا شخصية (!!) والحيتان لا تشبع من المال الحرام، والاقتصاد يدار بطريقة »خد الفلوس.. واجري«؟! وحدها الثورة كانت قادرة علي إسقاط كل هذه الأوضاع المهنية لمصر وشعبها وحدها الثورة كانت قادرة علي أن تعيد لنا مصر الحقيقية التي افتقدناها طويلاً، وأن تعيد للمصريين روح الانتماء للوطن والاستعداد للتضحية من أجله والإيمان بقدرتنا علي بناء مصر كقوة كبري بالعلم والعمل والحرية. الأجمل قادم رغم كل ما في المشهد الحالي من حيرة وارتباك.. والثورة ستنتصر، ومع انتصارها تتفجر كل ينابيع الخير لتبني مصر التي في خاطرنا جميعاً. جلال عارف