فشلنا في إدارة المرحلة الانتقالية حتي الآن.. هذه هي الحقيقة الاساسية التي ينبغي الاعتراف بها والتعامل معها بجدية، حتي نستطيع عبور »الأزمة« العاصفة التي نواجهها، والتي تهدد الوطن بأفدح الأخطار.. فشلنا في إدارة المرحلة الانتقالية.. والكل يتحمل المسئولية عن ذلك.. سواء الذين أمسكوا بالسلطة فأداروا الامور بطريقة ابعدتهم عن روح الثورة وأغرقتهم في التفاصيل وأفقدتهم الحسم المطلوب، أو هؤلاء الذين احتفلوا بنجاح الثورة في 11 فبراير ثم تقطعت بهم السبل، وبدأ البعض يبحث عن وراثة النظام القديم، والبعض يحاول إحياء أحزاب قديمة ماتت وشبعت موتاً، والبعض يدخل لعبة تقسيم قوي الثورة إلي عشرات وربما مئات الكيانات الهزيلة والبعض يقف مصدوما من محاولات سرقة الثورة من الذين لم يشاركوا فيها أو الذين تآمروا عليها.. ومازالوا يفعلون! فشلنا في إدارة المرحلة الانتقالية، فوجدنا أنفسنا أمام هذه الازمة العاصفة التي نرجو أن يتعامل الجميع معها بكل مسئولية، وأن تكون البداية هي مواجهة انفسنا بما حدث من تقصير، ثم التوافق علي طريقة الخروج من الازمة، والانطلاق من بداية جديدة تعيد الأمور إلي نصابها، وتضع الثورة علي الطريق الصحيح لتحقيق أهدافها.. ولا أظن أن »ترقيع« الحكومة أو تغيير بعض الوزراء أو حتي جميعهم هو الحل. بل إن الاستجابة لمطالب الشباب الثائر كلها قد لاتحقق المطلوب إذا ظلت السياسات كما هي، وإذا غابت الرؤية السياسية التي تحدد الأولويات وتقول للناس كيف سيكون الوضع بعد المرحلة الانتقالية.. الجزء الاسهل من المهام المطلوبة هو الذي يتعلق بتصفية أركان النظام السابق، ومحاكمة الفاسدين والقتلة، وضرب ما تبقي من مصادر قوة ونفوذ لهذا النظام في النقابات والمحليات والإعلام والبنوك.. الخ .. أما الأصعب والأهم فهو أن تكون أمامنا الصورة الكاملة لمصر المستقبل التي تتحقق فيها أهداف الثورة في الحرية والعدل .. وان تنتهي فترة التردد وعدم الحسم، وأن نبدأ علي الفور في فترة الانتقالية حقيقية تتم إدارتها من خلال رؤية سياسية واضحة يتعامل بها المجلس العسكري مع الموقف، وتكون لدينا فيها حكومة قوية قادرة علي اتخاذ القرار تتوحد خلفها قوي الثورة في ميادين التحرير. خمسة شهور من التوتر والفشل تكفي. ولتكن بداية جديدة برؤية واضحة، تغير بها الازمة ونعيد ثورتنا العظيمة إلي الطريق الصحيح. جلال عارف