أغلب الظن أن الدكتور نبيل العربي الأمين العام لجامعة الدول العربية سيقضي وقته بلا أي نتيجة تضاف الي رصيده كأحد الدبلوماسيين المصريين المتميزين. وليس العيب في العربي. بل العيب في العرب وحكامهم.. لقد رضي الدكتور العربي أن يتحمل المسئولية الشائكة التي فشل فيها الأمين العام السابق عمرو موسي - الذي يتمني أن يختم حياته كرئيس لجمهورية مصر العربية!.. لكن »ليس كل ما يمتناه المرء يدركه«. أنهي عمرو موسي خدمته في الجامعة والدول العربية في حال يندي لها الجبين.. تونس بدأت عصر الربيع العربي.. وأنهار النظام وهرب إلي السعودية.. وترك تونس تهزي كالمرأة العجوزة المصابة بالزهايمر.. وأنكبت الحكومة الجديدة تحاول أصلاح ما أفسده النظام السابق للحاكم المستبد زين العابدين بن علي وعائلته وعائلة زوجته.. ومازالت الاغلبية فقيرة ومريضة والحكومة غائبة.. هي إذن الفوضي الخلاقة! مصر نفس الشيء.. انهار النظام وتم اعتقال رموزه وجاءت حكومة شرف تبحث عن شيء تفعله فلم تجد.. وظل الشعب حتي أمس يتظاهر من أجل ان يكون للثورة عودة.. وللتطهير عودة.. ومحاكمة رموز النظام علنا.. وإقالة المفسدين وفلول النظام السابق وتنحيتهم من كافة المواقع حتي تتطهر الدولة المصرية.. وانتهي الوجود المصري الخارجي.. انتهي الدور الكبير الذي كانت تلعبه مصر.. علي كافة المحافل الدولية.. وهذا هو المراد لإسرائيل وأمريكا وكل أعداء مصر وخاصة من الدول العربية.. أليست هذه هي الفوضي الخلاقة التي أعلنتها وزيرة الخارجية الامريكية السوداء كونداليزا رايس أيام الرئيس بوش! وسوريا.. واليمن وليبيا.. والعراق دول منهارة.. الحكام ترتعد فرائصهم خوفاً من الشعب الذي يموت في سبيل اسقاط النظام كل دول الطوق العربي (التي تحيط باسرائيل) اصبحت الآن في حالة ضعف شديد.. ليس لها كلمة.. تبحث - في محاولات مضنية - عن إجراء تسوية واتفاق مع المعارضة.. بينما نسيت ان هناك عدوا قابعا علي الحدود.. سيفترسهم قريبا.. أو يوقعون علي اتفاق سلام، اضطراري مع إسرائيل وبرعاية أمريكا.. هذا هو حال لبنان والأردن وسوريا والعراق.. أما السعودية فهي مأمونة الجانب من إسرائيل لأنها تنسق مع أمريكا.. في إطار تنسيق كامل لدول الخليج مع الولاياتالمتحدة. من يبقي علي الخريطة العربية.. المغرب.. وقد اجبرت المظاهرات الملك لان يجري تعديلات دستورية ترضي الشعب.. السودان اليوم غير سودان الأمس.. والمذنب الأول هو الحكم المستبد للمشير البشير.. الذي يحكم السودان بأسلوب عسكري دكتاتوري.. دون أن يراعي أنه بلد المفكرين والسياسيين الأحرار أمثال حسن الترابي والصادق المهدي والميرغني وغيرهم.. لقد أصبح السودان دولتين (شمال وجنوب).. وقريبا سيصبح ثلاثا بعد الحكم الذاتي للغرب في دارفور!. ويظل شعب السودان في حالة فقر ومرض وجهل طالما يوجد الحكم العسكري الفاشي. من يبقي إذن أمام الدكتور العربي من بلاد العرب.. موريتانيا والصومال والجزائروجيبوتي وجزر القمر.. كلها دول حدث عنها ولا حرج!.. أما فلسطين (غزة والضفة) فهي الباب الملكي لثراء غير المشروع! إذن لقد ترك عمرو موسي كرة نار ملتهبة ألقاها في وجه الدكتور العربي.. ليبدأ مشوارا في طريق مظلم.. أرجو ان يسلمه الله في هذا الطريق. لقد انهت الثورات العربية - والتي سبق وتحدثت عنها رايس - النظام العربي.. ومشروع الوحدة العربية.. ومشروع اللغة المشتركة والدين الواحد والمصير الواحد.. ليحل محلها كلمة واحدة هي (المصالح).. إذن علينا أن نبحث عن شيء يجمعنا.. إنه المصلحة المشتركة.. تعالوا أيها العرب نتفق علي ان تجمعنا المصالح.. مثلنا مثل باقي دول العالم.. المهم يكون لكل دولة موقف.. وكيان محترم علي مستوي العالم.. الآن تركيا دولة إسلامية أوروبية لها كيان عالمي.. إيران دولة مسلمة لها كيان ولها كلمة وحاولت امريكا وتحاول في تفتيتها.. لكنهم استطاعوا أن يفوتوا الفرصة عليها.. وأن يتماسكوا.. ويواجههوا المخطط الأمريكي الإسرائيلي. لكن العرب استسلموا للخطط.. ولم يفكر حاكم عربي واحد في أن يسأل نفسه.. ما معني الفوضي الخلاقة.. التي أطلقتها كونداليزا رايس عندما كانت تتحدث عن الدول العربية وعن منطقة الشرق الاوسط الجديد.. الان يعرف الحكام العرب معني الكلمة.. الآن استوعبوا الدرس.. لكن بعد فوات الأوان.. بعد أن انهارت فعلاً الانظمة.. وانهارت معها الدول.. وأصبحت الشعوب في الشارع.. لا يجد الشاب عملا.. ولا يجد مكانا يسكن فيه.. ولا يجد ما يعينه علي الزواج.. حاضره محطم.. مستقبله مظلم.. لكن اصحاب الكروش استولوا علي كل شيء تحت سمع وبصر أهل الجاه والسلطان انتشرت ظاهرة الطائرات الخاصة.. ولم يسأل أحد من أين لك هذا.. انتهي عصر الفساد لكننا لابد أن نبحث فيه.. نأخذ منه العبر والدروس.. نحاول أن نستفيد مما حدث.. نهبوا المؤسسات والشركات وغسلوا الأموال تحت سمع وبصر المسئولين والرقباء، وغلت يد القضاء، فلا يحاكم الا الصغير اما الكبير فيهرب.. ولا أحد يستطيع أن يقترب منه. عاش المواطن في الدول العربية يبحث عن فرصة عمل فلا يجد.. بينما نفر من العرب ينفقون أموالهم هباء منثوراً في الهواء.. الله لا يبارك أبداً في مال حرام.. كل مال نبته من حرام فهو في النار.. والنار أولي به. الحال في الدول العربية لا يسر أحداً.. المستفيد الوحيد من الوضع العربي الفاسد هو أمريكا وإسرائيل الد أعداء العرب.. لا أريد أن ييأس الدكتور العربي من هذا الوضع.. فهو أدري به وبأكثر منه.. لكنني أقول للناس لا تحملوا الدكتور نبيل العربي كل هذه الخطايا التي لا ذنب له فيها.. فقط نقول له: الله يعينك!