شرفت بأن التقي مع نخبة من المفكرين والمثقفين من مصر والدول العربية في المؤتمر الرابع الناجح لمكتبة الإسكندرية بعنوان »دور الفن والأدب في مواجهة التطرف». وبالرغم من أن توصيات المؤتمر شملت العديد من الزوايا المختلفة لمحاربة التطرف من جذوره من خلال تجديد الخطاب الديني ودور الفن والثقافة والاعلام والوعي بالقانون.. ولكني أود أن أشير إلي أمرين أساسيين، أولا: أعتقد أن البطالة وما يترتب عليها من عدم قدرة بعض الشباب علي العيش عيشة كريمة أو الزواج وتكوين أسرة وما يترتب عليها من الشعور بالإحباط واليأس من أهم أسباب التطرف والخضوع لأفكار بعض المجموعات الشاذة المدمرة،الأمر الذي يتطلب تكافل مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ومؤسسات المجتمع المدني في نشر وتشجيع ثقافة العمل التكنولوجي أو العمل عن بعد ما يطلق عليه مصطلحات علمية مختلفة Online working or telecommuting حيث انه أصبح أكثر انتشارا في دول العالم المتقدم كبديل للعمل التقليدي المكتبي في ظل ندرة الوظائف،ولو طبقنا هذا النظام في مصر سيساهم بالفعل في فتح مجالات متنوعة لتشغيل قطاع عريض من شبابنا العاطل دون تحمل النفقات الكبيرة من أصحاب الأعمال واهدار إنتاجية الافراد في زحام المواصلات، ولكن لكي يجذب هذا النظام قطاعا عريضا من الشباب لابد من تقنين العمل به من خلال ضمانات وظيفية وتشريعات في قانون الخدمة المدنية الحديث من قبل الدولة لكي تضمن حقوق العاملين أو أصحاب الأعمال به وتنظيم علاقات الأفراد العاملين به. ثانيا: ألمس دائما من واقع عملي كأستاذة جامعية مع الشباب أن قطاعا ليس بقليل من شبابنا يعاني للأسف من بعض أمراض العصر المتمثلة في الاكتئاب واليأس وضعف الهمة أحيانا نتيجة التحديات المختلفة الواقعة عليهم في زمن التنافسية الشديدة والمال،وأعتقد أننا في ظل مشاكلنا المتعددة نهمل جدا جانب الصحة النفسية لأطفالنا ولشبابنا داخل مؤسساتنا التعليمية وداخل الأسرة، الأمر الذي يتسبب في ظهور بعض مشاكل العصر لديهم مثل القلق والشعور بالاحباط أو باليأس مما يسهل وقوعهم فريسة لأي أفكار سلبية مدمرة. ولذلك لا بد من الاهتمام بهذا الجانب في مدارسنا وجامعاتنا ومؤسساتنا من خلال توفير الرعاية الصحية لاطفالنا وشبابنا من قبل المتخصصين لتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم، والاهتمام أيضا بالصحة النفسية كعلم من العلوم الاجتماعية التي لا بد من إدراجها في مناهجنا التعليمية وتثقيف الأسر والمجتمع به من خلال تفعيل دور الثقافة والاعلام له. والأهم من ذلك أيضا،لا بد أن يدرك معيار الصحة النفسية للمعلمين كمعيار أساسي لمزاولة المهنة مثلما هو متبع بالدول المتقدمة حيث يجهل الكثير منهم للأسف المعاملات السوية المتمثلة في الضرب واستخدام العنف والقسوة مع الأطفال والطلاب فيسفر عنه أضرار مجتمعية جسيمة أو جيل فاقد الحب لبلده. وختاما لا بد أن نشير أيضا إلي الدور الحيوي لخبراء التنمية البشرية في تكملة هذا الدور للمتخصصين له من خلال دعم الشباب معنويا وإكسابهم ثقتهم بأنفسهم والقدرة علي تحقيق أهدافهم وذاتهم. • أستاذة الموارد البشرية بالجامعة الأمريكية