كشفت أحدث احصائية للجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء أن عدد الشباب في مصر في الفئة العمرية من 18 إلي 29 عاما يبلغ نحو 20 مليون نسمة بنسبة 23.7% من إجمالي السكان. ويشمل 51.1% ذكور و48.9% إناث . وأن 51.8% من الشباب فقراء. منهم نحو 27.7% يعانون من الفقر. و24.1% يقتربون من خط الفقر. في حين يمثل غير الفقراء 48.2% لنفس الفئة العمرية. وذلك طبقا لبيانات بحث الدخل والإنفاق لعام 2012 - 2013. وأن نسبة الشباب المشتغلين بعمل دائم بلغ 44.9%. كما بلغت نسبة العاملين بعقد مؤقت 35.1%. تبين الاحصائية أن نسبة المشتركين في التأمينات الاجتماعية بلغ 33.6%. ونسبة المشتركين في التأمين الصحي 23.4%. وأن معدل البطالة بين الشباب في الفئة العمرية من 18 إلي 29 عاما بلغ 29%. وأن معدل البطالة للشباب الذكور الحاصلين علي مؤهل جامعي فأعلي بلغ 36.4%. بينما انخفض إلي 14.7% للحاصلين علي مؤهل أقل من المتوسط والأميين. في حين بلغ معدل البطالة للإناث الحاصلات علي مؤهل جامعي فأعلي والمؤهل فوق المتوسط نحو 57.2%. بينما انخفض إلي 25.4% للحاصلات علي مؤهل أقل من المتوسط. و13.7% للأميات. هذه الاحصائية السابقة تؤكد أن الشباب المصري هو ثروة مصر للعبور الي المستقبل الا أن هذه الثروة تتحول الي ازمة في ظل غياب استراتيجية فنجد بعضهم فريسة للالحاد او التطرف الديني وهما وجهان لعملة واحدة رديئة تتنافي مع وسطية الاسلام ولهذا فإن "عقيدتي" من خلال هذا الملف تعرض لبعض المشكلات المتعلقة بالشباب المصري وتحوله من ¢ثروة¢ الي ¢ازمة¢ في تخطيط الدول الطامحة في النهضة الي التفكير جديا في الاستثمار الامثل لطاقة شبابها باعتبارها عمادها .. يتناول ملف هذا العدد قضايا حيوية بمثابة ناقوس خطر لمن يريد بناء مستقبل افضل للوطن والنجاة بالسفينة من الامواج المتلاطمة التي إغراقت شبابنا في بحر الإلحاد والتطرف. أثار انتحار الناشطة السياسية زينب المهدي ردود فعل غاضبة لدي عامة الشعب المصري وخاصة أنها فتاة أزهرية تملك منها الاحباط الذي قتل البراءة في نفسها وجعلها تتخذ قرار الانتحار المرفوض دينياً مهما كانت الاسباب.. ولهذا فإننا ندق ناقوس الخطر لضرورة انتشال شبابنا وفتياتنا من حالة القلق النفسي والاحباط المصاب له وخاصة أن نموذج انتحار زينب المهدي لم يكن الاول ولن يكون الاخير بل ان المشكلة في تزايد مستمر ولهذا لابد من علاج مشكلات الشباب. بداية أكد الدكتور عبدالرحمن جيرة الاستاذ بكلية أصول الدين بجامعة الازهر بالقاهرة علي ضرورة أن يمد المجتمع بكل مؤسساته يد العون والمساعدة لهؤلاء الشباب حتي لا يضيعوا من بين أيدينا وإن كان للمسجد النصيب الاكبر في هذا الدور "كما يقول" فرسالته سامية وتتعدي حدود الصلاة وهو للأسف الشديد لايؤدي دوره لانه تحول إلي مؤسسة حكومية تغلق وتفتح في مواعيد بعينها وهذا لايجوز بأي حال من الاحوال فالمساجد في الاسلام مفتوحة طوال اليوم ولا تغلق اطلاقاً وإمام المسجد أو شيخ المسجد لابد أن يتواجد بشكل دائم يستقبل الناس ويجيب عن استشاراتهم ويحتوي الشباب ويظهروا لهم الحقائق ويوجهه الوجهة الصحيحة كما كان يفعل الرسول صلي الله عليه وسلم ولابد أن ندرك أن الشباب تدور في ذهنه أفكار وتساؤلات لاحصر لها ولابد من الاجابة عليها وطرد الشاذ منها بالحجة والبرهان فهذا سيكون له فعل السحر علي نفسية وعقلية كل شاب. أضاف دكتور جيرة: لابد أن نتحرك بسرعة قبل أن يداهمنا الوقت وتضيع الفرصة من بين أيدينا ونخسر شبابنا الذي أحمد الله كثيراً علي أنه مازال بخير رغم حالة الفراغ الديني التي نعيشها الا ان القطاع العريض من شبابنا حريص علي دينه ومتمسك بتعاليمه ولا ينجرف وراء الدعوات الشاذة أو الالحادية أو التكفيرية. الجانب النفسي واستطرد: إذا قمنا بكشف أسباب اقدام بعض الشباب علي الانتحار سنجد أن لكل حالة ظروفها وأسبابها الخاصة هذه الظروف تتعلق أولاً بالجانب النفسي عند كل واحد وهذا الجانب غيبي ومعقد لدرجة كبيرة من الصعب علاجه واستشفائه إذا تمكن منه المرض لأن الانسان الذي لم يرب منذ نعومة أظافره علي الصلاة والتعود عليها والالتزام بها والقراءة في المصحف الشريف وتدبر آياته يشعر بالفراغ النفسي من العبادة في الكبروهذا الانسان يكون أكثر الناس عرضة للاصابة بشتي أنواع الامراض النفسية التي قد تتمكن منه لدرجة أن تكون السبب وراء انتحاره في يوم من الايام.. فالانسان الذي يتربي علي الالتزام بالصلاة وحفظ القرآن الكريم تخلق بينه وبين ربه صلة يكون لديه التحصين الكافي والعلاج الوقائي الذي يقيه وقت الازمات والصدمات وهنا يبرز دور الاسرة في تنشئة أبنائها تنشئة صحيحة علي كتاب الله وسنة نبيه.. أما الاسباب الاخري فتتمثل في الظروف المحيطة من مشاكل اجتماعية واقتصادية وسياسية مختلفة قد يكون الانسان فقيراً لكنه يتمكن من معايشة هذا الفقر والتغلب عليه بالسعي والعمل والاجتهاد وفي بعض الاحيان أما إذا كان الانسان ضعيف البنية النفسية قد يتحول هذا الفقر إلي فقر في الروح ويراوده هاجس الانتحار وقد يتمكن منه هذا الهاجس وينهي حياته بنفسه لانه لم يستطع معايشة ظروفه الاجتماعية كذلك الحال بالنسبة للواقع السياسي فقد يكون محبطاً لبعض الشباب ولا يحقق أمالهم وأحلامهم لكن لا يعني هذا أن يقدموا علي الانتحار ويرتكبوا في حق أنفسهم هذا الجرم البشع الذي حرمه الله عز وجل وقال عنه النبي صلي الله عليه وسلم: من تردي من جبل فقتل نفسه فهو جهنم يتردي فيها خالداً مخلداً فيها ومن تحسي سما فقتل نفسه فسمه في يده يتحساه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبداً. ومن قتل نفسه بحديدة فحديدته في يده بجأبها في بطنه في نار جهنم خالداً مخلداً فيها أبدا .لذا علي الدولة أن ترعي الشباب رعاية كاملة وتقدم لهم العون والمساعدة وتوجههم الوجهة الصحيحة ولا تتركهم يتخبطون. فالشاب الذي يجد من يجيب عن أسئلته باقناع قوي يتم توفير عمل مناسب لكن أدمي وبيئة نظيفة وظروف اجتماعية وسياسية هادئة سيصبح مواطناً صالحاً ونافعاً لنفسه ولأسرته والمجتمع أما الذي يحرم من كل هذا بالطبع سيصبح انساناً غير سوي يتخبط كيفما يشاء ويفعل بنفسه ما يروق له دون ضابط أو رابط فالمسئولية مشتركة بين الاسرة والمجتمع في احتواء الشباب واستيعابهم واحتضانهم وشغل أوقات فراغهم بالاعمال النافعة والانشطة البناءة وعلي الجميع العمل علي تحقيق ذلك حتي لايحدث ما لا يحمد عقباه ونضيع أبناءنا بأيدينا. فشل الاخوان يشير الدكتور أحمد حسين وكيل كلية الدعوة الاسلامية بجامعة الازهر إلي أنه إذا عرف السبب بطل العجب فما لاشك فيه أن الكثير من شبابنا أصيب بموجة احباط بعد فشل الاخوان في الحكم لانهم للاسف ربطوا هذا الفشل بالدين وأرجعوه إلي الدين وهذا خطأ كبير لان الاخوان لايمثلون الا انفسهم ولايمثلون الدين من قريب أو بعيد وكان من الواجب توعية الشباب وتصحيح هذه المفاهيم الخاطئة حتي لانتركهم للاحباط واليأس يقتلهم.. لكن الوقت مازال بأيدينا ويمكن أن نتدارك الامور وأعتقد أن المؤسسة الدينية تقوم بدورها في هذا الشأن والدليل القوافل الدعوية التي تجوب أنحاء الجمهورية لنبذ الافكار الشاذة واستبدالها بالمعتدلة والوسطية لكننا في حاجة لمزيد من هذه القوافل وفي حاجة اكثر لتضافر الجهود وبذل مزيد من الجهد حتي ننجح في اقتلاع جذور الارهاب وتحصين أبنائنا ضد هذه الامراض النفسية الفتاكة. وأضاف الدكتور أحمد حسين: لانستطيع اغفال الظروف النفسية التي يمر بها كل شاب وهي تختلف من شخص لاخر لذا لابد أن يقترب علماء الدين المعتدلون من الشباب ويكونون علي صلة دائمة بهم لتوعيتهم والاخذ بأيديهم وتبصيرهم بكافة الامور. وشدد علي أن الفشل لايعني نهاية الحياة فنحن خلقنا لنعمل ونجتهد ونصيب ونخطيء والاحلام لا تتحقق مرة واحدة انما علي مراحل وعلي فترات وهذا شأن الله في خلقه ولابد أن يكون لدينا قدر من الايمان بقضاء الله وقدره لنتغلب علي كافة الصعاب ونستطيع التعايش مع الظروف المحيطة بنا. عزلة اجتماعية وأشارت الدكتورة زينب النجار استاذ علم الاجتماع بجامعة الازهر إلي أهمية اشراك الشباب في الحياة السياسية واتخاذ القرار بشكل فعلي وليس كلاما للاستهلاك الاعلامي لان الشباب هم ثروة مصر الحقيقية ولابد أن نحافظ عليها وننميها وندعمها أما ان تتركها هكذا فنحن نرتكب جرماً كبيراً لايغتفر. وطالبت بضرورة علاج الشباب نفسياً واجتماعياً من الامراض النفسية التي أصيبوا بها عقب ثورتي يناير و30 يونيو لان الاحلام والآمال كان يتمني الشباب تحقيقها لكنه صدم حينما فوجيء بالواقع المرير فانعزل وانزوي وأصيبوا بعزلة اجتماعية واغتراب لعدم قدرتهم علي التعايش مع الواقع ناهيك عن تفكير بعضهم في الانتحار كما فعلت زينب المهدي وكلا الفريقين في أمس الحاجة إلي تقديم العلاج ليتعافوا ويستردوا ثقتهم في أنفسهم وانتماءهم لوطنهم ويصبحوا عناصر فعالة ومنتجة للمجتمع. أضافت د.زينب الأخطاء الفادحة التي تزيد احباط الشباب الخطاب الاعلامي الذي شوه الشباب وخاصة شباب يناير وأظهره علي أنه عميل لجهات أجنبية وخائن لوطنه ومتربص به فهذا القالب الاعلامي فيه من التخويف ما أصاب الكثير من أبنائنا باليأس وساعده في أن يتملك منه لذا لابد من ايقاف هذه النبرة الاعلامية إذا كنا حقاً نريد خيراً لهذا البلد وأبنائه وإن كان هناك شباب مدان فليتم ذلك عن طريق جهات التحقيق ولابد من الموضوعية وتحري الصدق في نقل الخبر وترك لهجة الحديث الاستعلائية ورمي الناس بالباطل لتحقيق أهداف شخصية.