صديقي المستشار محمد عبدالعزيز الجندي وزير العدل : لقد خانك التعبير في تصريحك المنشور في صدر صحيفة »الاخبار« صباح يوم الاثنين الماضي والذي اشرت فيه إلي ان التسرع في محاكمة مبارك ورموز نظامه قد يؤدي إلي براءتهم.. مما يفهم منه انك تريد ادانتهم.. وهذا ضد قناعة اي قاض .. فالقاضي عند جلوسه علي منصة القضاء وفي محرابه لا يسعي إلي ادانة متهم أو براءته ولكن سعيه ينحصر في استجلاء الحقيقة ولا شيء غير الحقيقة. وحينما يتيقن من براءة المتهم فانه يحكم بالبراءة.. والعكس صحيح فعندما يرسخ في يقين القاضي ادانة المتهم فانه يطبق عليه احكام القانون. واعلم يقينا ان المستشار الجندي كان يريد ممن ينادون بسرعة الفصل في القضايا المتهم فيها الرئيس السابق ورموز نظامه ان يتحلوا بالصبر.. وبضمير القاضي الذي يحمله بين جنبيه ان يبين لهم ان الاسراع في المحاكمات قد يضر بالعدالة ويؤدي إلي وقوع بطلان في اجراءات المحاكمة وبالتالي يحصل هؤلاء المتهمون علي البراءة لخطأ اجرائي.. لأن بطلان الاجراءات في اي قضية يبطلها حتي دون النظر في موضوعها.. ولهذا فإن الرجل اراد ان يشير إلي ان المطالبة بسرعة الفصل في هذه القضايا غير سليم.. وكنت قد تناولت في مقال سابق لي هذا الموضوع وقلت: »رفقا بالقضاة« وطلبت فيه ان يتركوا القضاة ليعملوا في هدوء لتحقيق العدالة ولا تضغطوا علي اعصابهم وتؤثروا في قراراتهم بتحريك الرأي العام في اتجاه معين. ان المتهم لابد ان يحصل علي كل الضمانات اثناء محاكمته لا فرق في ذلك بين مواطن عادي ورئيس مخلوع الكل امام القانون سواء.. ومادام المتهم وصل إلي المحكمة فلا وجه لاستعجال الحكم عليه.. ثم ان المشرع جعل التقاضي درجات لكي يحصل المتهم علي كل الضمانات اثناء محاكمته فاذا ما صدر الحكم النهائي البات فان ذلك يعني ان هذا المتهم مدان ويأخذ جزاءه الرادع. كل ما أرجوه وأضم فيه صوتي لكل القضاة ان يعمل الجميع علي تهيئة الاجواء لكي ينظر القضاة في ملفات القضايا التي امامهم في هدوء حتي تتسم هذه الاحكام بالعدالة.. وارجو ألا يفهم احد انني ادافع بذلك عن الرئيس المخلوع ورموز نظامه فليس لي سابق معرفة والحمد لله بأي منهم.. ولكني ادافع بكل قوة عن حق اي متهم في ان يحصل علي كل الضمانات التي كفلها له القانون ليحاكم محاكمة عادلة واولها ألا يتدخل احد من قريب أو بعيد في عمل القضاة. دعوا القضاة يعملون .. وتفرغوا للانتاج.. وليذهب كل منكم لعمله في المصنع أو الحقل أو الورشة أو المحل.. المهم ان نتفرغ للعمل.. فهذا وقت العمل اذا كنتم حقا تخافون علي الثورة.. وتحبون مصر.. وكفي مطالبات ومظاهرات ووقفات احتجاجية.. لان الثورة لن تنجح ومصر لن تستقر إلا بالعمل.. وثقوا تماما ان كل القضايا في أيد امينة ولن يفلت احد من العقاب اذا كان مدانا. واعلموا ان في مصر قضاء وقضاة.. وهم الحصن الاخير لنا حكاما ومحكومين.. فدعوهم يعملون في هدوء.