- هل هذا معقول أن نضرب السياحة العربية بأيدينا فيدخل علينا شهر الصيف بغير إخواننا العرب. من المؤكد أن الانفلات الأمني وعدم الاستقرار في مصر هو الذي أدي إلي ضرب السياحة العربية .. في وقت كنا نضع فيه آمالا كبيرة علي مشاركتهم لنا بعد ثورة التغيير ، فقد كنا نتوقع أن تكون مصر هي اختيارهم الأول في اجازة هذا العام بعد الامتيازات التي أعلنتها الفنادق المصرية والعروض السياحية المغرية التي وضعتها هيئة تنشيط السياحة.. ومع ذلك لم تغرهم هذه العروض وقرروا ان يتجهوا الي تركيا وعدد من الدول الاوروبية وهم يعرفون نار الاسعار فيها .. وقد سجلت تركيا وحدها ارتفاعا في عدد السياح لها بزيادة 50 في المائة عن العام الماضي لدرجة أن فنادقها ازدحمت بالسياحة العربية الوافدة من دول الخليج والتي كانت تأتي إلينا .. .. شيء محزن أن نكون سببا في تطفيش إخواننا العرب الذين كانوا يعشقون مصر أن يتجهوا الي تركيا مع ان الاتراك يعشقون بلادنا ونحن نعشق بلادهم أيضا .. لكن أن تختفي هذه السياحة من قلب القاهرة وبعد أن كانت رزقا لسيارات التاكسي والفنادق والمطاعم وأماكن السهر .. والشقق المفروشة حدثت انتكاسة بسبب فشلنا .. لقد تعاملنا مع الموقف بكبرياء وفي داخلنا اقتناع ان العرب برضاهم أو عدم رضاهم سوف يأتون الينا علي اعتبار أنهم لايستطيعون الاستغناء عن مصر .. فعلا هم لايستطيعون الاستغناء عنا محبة وارتباطا معنويا لكن يوم ان تسألهم عن الأمان يفضلون أوروبا او تركيا عن مصر لمايشاهدونه علي الفضائيات .. هم يتابعون اخبارنا .. يعرفون بالانفلات الأمني الذي يهدد المصريين انفسهم .. صحيح أن الاوضاع الأمنية قد تحسنت والدليل رفع حظر التجول وعودة ليالي السهر في القاهرة وبعد أن كانت الافراح تقام في النهار أصبحت تقام حتي ساعات متأخرة من الليل .. وتوافد الاسر المصرية علي شواطيء الساحل الشمالي ومدينة الاسكندرية وراس البر .. لقد كان في تصوري أن يطمئن إخواننا العرب لحالة الاستقرار التي نعيش فيها .. لكن من الواضح أن أحداث الشغب التي يلجأ إليها البلطجية والتي تنطلق عادة من ميدان الثوار بغرض تشويه الثورة كان لها تأثير عليهم.. لذلك اريد ان أسأل كيف تهاونت الحكومة في حق شباب الثورة وتنازلت عن ميدان التحرير بهذه السهولة لأعمال البلطجة مع ان الحكومة نفسها استمدت شرعيتها من هذا الميدان بمباركة الثوار .. وكون أن يتحول الي مأوي للباعة الجائلين وأعمال البلطجة فهذا التحول في حد ذاته إهانة للثورة التي وضعت هذا الميدان علي خريطة مصر. .. الذي آلمني أن كل مواطن في مصر يعرف هذه الحقيقة ، يعرف أن الانفلات الأمني يؤدي الي تطفيش السياحة من البلد .. والانفلات الامني ليس مقصودا به عجز الشرطة .. ولكن المقصود به مواجهة البلطجة والفوضي .. فالديمقراطية أصبحت بلطجة .. والحرية اصبحت فوضي .. وكثيرا مانلقي بغسيلنا القذر علي حبل غسيل الحكومة مع أن الحكومة نفسها عاجزة عن التصدي للبلطجية رغم مراسم القوانين التي اصدرها المجلس العسكري لانها تخشي التظاهرات والاعتصامات .. ولا أحد يعرف متي تنتهي هذه الظاهرة .. .. وقد التقيت بأحد " المنادين " للسيارات وسألته عن ظاهرة الانفلات وهل هو راض عما يحدث في ميدان التحرير من تواجد البلطجية والعصابات.. - قال لي " المنادي " البسيط .. ربنا يسامحهم ويقصد بلطجية التحرير .. ثم قال .. لقد خربوا بيتنا .. بعد ان شعرنا باستقرار الاوضاع ، هيجوا الدنيا واستغلوا الشهداء في قلب الاوضاع مع أن الشهداء ابرياء منهم .. كفاية أن شارع زي شارع جامعة الدول العربية لاتجد فيه أي سائح عربي مع أن هذا الشارع في هذا الشهر بالذات كان يجمع الالوف من العرب .. فأين هم الآن .. .. كلام " المنادي " يدل علي وعي .. فهو يري ان الذي يحدث من فوضي له أثر علي رزقه ورزق هذا البلد .. معني الكلام أننا فعلا ضربنا السياحة العربية بأيدينا مع انه كان في مقدورنا جذب اخواننا العرب الي مصر.. - علي اي حال ، الانتكاسة التي اصابت السياحة العربية عندنا هذا العام اصابت دولا غيرنا مثل سوريا وتونس فقد تعرضتا لمثل هذه الانتكاسة بسبب الاحداث فيهما .. ونحمد الله ان مصر أفضل منهما استقرارا وسوف تكون أقوي عندما يتحمل كل مواطن مسؤليته ويعرف واجبه نحو وطنه.