أحمد عز استولي علي شركة الدخيلة للحديد والصلب بدعم جمال مبارك وتواطؤ الحكومة. الرئيس السابق حسني مبارك أمر الدكتور عاطف عبيد بإقالة أحمد عز من رئاسة مجلس إدارة الشركة وتعيين محمد خطاب بدلا منه وتم إلغاء القرار بعدها بيومين. هذه الحقائق كشفها لي د.فؤاد أبوزغلة وزير الصناعة الأسبق والذي انشأ مصنع الدخيلة للصلب.. واعتقد ان شهادته هذه للتاريخ مهمة جدا وخاصة ان النائب العام يحقق حاليا في اهدار المال العام في شركة الدخيلة لحساب رجل الأعمال المحبوس حاليا أحمد عز علي ذمة العديد من القضايا.. الأخبار كانت أول جريدة في مصر فتحت ملف الاحتكار والخطأ الذي شاب عملية استيلاء أحمد عز علي المصنع وقمنا بعمل حملة صحفية استمرت علي مدي أربع سنوات وقام الاستاذ جلال دويدار رئيس التحرير الأسبق بعمل حملة ضد الاحتكار والتواطؤ والفساد في هذا الملف لما يزيد علي ثمان سنوات.. ولو استمعت الحكومة ولو استجاب المسئولون ولو فتحت ملفات التحقيق وواجهت الفساد لتغير الحال كثيرا. شهادة د.فؤاد أبوزغلة لم تتوقف عند صفقة الدخيلة فقط ولكنها تناولت العديد من قضايا الصناعة والاقتصاد التي تشهدها مصر حاليا بعد ثورة 52 يناير.. وكان هذا الحديث: في البداية.. ما تقييمك للوضع الاقتصادي حاليا؟ أجاب كلنا بلا شك نؤيد الثورة وفخورون بشبابنا الذي قاد بفكره ثورة سلمية رائدة علي مستوي العالم واستطاع في أقل من شهر ان يحقق آمالنا ومطالب تخيلنا انها مستحيلة فإذا بها تتحقق بأعلي آداء وسط اعجاب وتصفيق العالم كله. ولكن بعد فترة قليلة بدأت تظهر عناصر انتهازية تركب الموجة وتحاول الاستفادة من الموقف لتحقيق أقصي استفادة وهي حركات كلنا نعرفها وفي نفس الوقت ظهر المستفيدون من الوضع السابق والذين يريدون افشال الثورة وهو ما عرف بالثورة المضادة ويقودها الذين تأثرت مصالحهم بالثورة. وترتب علي كل هذا اكتشاف كم هائل من الفساد وجيوش من الفاسدين.. كل هذا أدي إلي حالة من عدم الاستقرار أدي إلي انهيار في البورصة وتوقف العديد من المصانع وزيادة البطالة وفي رأيي ان عودة الأمن والاستقرار هي المطلب العاجل والملح الآن لكي تبدأ الثورة في تحقيق أهدافها وتلبية طموحات الجماهير. المصانع توقفت اذن ما رؤيتك للوضع الاقتصادي حاليا؟ اجاب: رئيس جهاز المحاسبات أعلن ان الدين العام وصل إلي حوالي 8.98٪ من الناتج القومي وهذا فيه خطورة كبيرة.. كما ان مشكلة البطالة والتي كانت واحدة من عوامل قيام الثورة زادت إلي حوالي ثلاثة أضعاف ليس بسبب توقف بعض المصانع فقط ولكن هناك أسباب كثيرة أخري فلو قلنا ان هناك 5.2 مليون عاطل فقد زادوا إلي خمسة ملايين لان هناك 5.2 مليون عامل في مجال السياحة لا يجدون عملا هذه الأيام بسبب تراجع السياحة أضف إلي هؤلاء أكثر من مليون ونصف مصري يعملون في ليبيا عادوا وبالطبع لا يوجد عمل لاكثرهم.. بالاضافة إلي تراجع الصناعة فبسبب الاعتصامات والمطالب الفئوية وتراجع الطلب علي لمنتجات وأسواق التصدير أصبحت أغلب المصانع تعمل بطاقة انتاجية حوالي05٪ فقط وهذا يعني ان كثيرا من العمالة خاصة المؤقتة في طريقها للبطالة وبحسبة بسيطة غير اننا أمام مشكلة تضاعف عدد العاطلين لما يقرب من ثلاثة أضعاف العاطلين قبل الثورة مما يهدد بمشكلة كبيرة يجب ان تأخذها الحكومة الحالية بكل الجدية. ثلاثة أشهر معني هذا اننا علي أبواب مشكلة كبيرة وبسبب زيادة البطالة وتراجع الصناعة فما الحل؟ هي ليست فقط مشكلة ولكنها كارثة ومزعجة جدا ولها انعكاسات خطيرة علي الاقتصاد القومي وإذا لم توضع لها حلول عاجلة فهناك كارثة في خلال الثلاثة أشهر القادمة. ويجب ان تبدأ باستتباب الأمن وعلينا ان نعترف انه رغم كل الجهود والتحسن الذي طرأ عليه فان الأمن لم يسترد عافيته بالشكل المطلوب حتي الآن والا بماذا نفسر ما يحدث من تخريب في المنشآت العامة واذكر ما حدث في العياط عندما اعترض الأهالي علي اقامة محطة محمول فقاموا بقطع خط السكة الحديد ما علاقة هذا بالاعتراض علي محطة المحمول وتعطيل الناس وحركة التجارة بين الدلتا والصعيد بالاضافة إلي ان اصلاح هذا العطل يحتاج إلي وقت ومال وغير مقبول.. أيضا المظاهرات والاعتصامات وتعطيل الانتاج غير مقبول ويؤثر علي الاقتصاد. خطة عاجلة ما الحل؟.. وكيف يمكن وضع خطة انقاذ سريعة للصناعة المصرية؟ الصناعة كما هو معروف قاطرة التنمية في أي مجتمع وحل الموقف الحالي هو وقف نزيف الخسائر فورا ولا سبيل لذلك إلا بالانتاج والعمل الجاد مع استتباب الأمن وإعمال القانون ضد البلطجة وتعطيل العمل وبشكل حاسم جدا.. والبدء في خطة عاجلة لتحقيق الانطلاق الصناعي وهو ما قمت باعداده مع مجموعة من الزملاء والخبراء في مجال الصناعة التي يجب ان ترتبط بالتنمية الزراعية وتطوير التعليم وبدون التنسيق من هذه الانشطة يحدث خلل في المنظومة علي سبيل المثال عندما كنت وزيرا للصناعة كان هناك تنسيق مع الزراعة لانتاج 01 ملايين طن قنطار قطن يتم تخصيص 5.5 مليون قنطار لصناعة المنسوجات و5.3 مليون للتصدير ومليون للاستهلاك المحلي.. لعدم وجود تنسيق حاليا انخفض الانتاج إلي 5.2 مليون قنطار قطن فقط وأصبح هناك فجوة انتاجية كبيرة بعد الانخفاض إلي حوالي ربع الاحتياجات.. ايضا كنا ننتج بذرة القطن بما يعادل 002 ألف طن وانخفض المحصول إلي 02 ألف طن فقط وبذرة القطن تنتج زيوت الطعام فاصبحنا نستورد 09٪ من احتياجاتنا من الزيت أيضا زراعة قصب السكر وتوفير محصول استراتيجي مثل السكر انخفض.. كل هذا أدي إلي ضغط علي الموازنة العامة وضغط علي العملة الصعبة من أجل توفير احتياجات السوق المحلي. توفيرالمادة الخام من أجل الصناعة هام جدا ولكن هل مصانعنا لديها القدرة الانتاجية حاليا بعد انهيار صناعة الغزل وبيع المصانع علي التصنيع؟ يؤسفني ان كثيرا من المصانع متوقفة عن التصدير والباقي ينتج بنسبة 05٪ فقط بسبب الاضرابات والاعتصامات الفئوية من جهة وبسبب عدم وجود عمالة فنية قادرة ومتميزة من جهة اخري.. وهي فضيحة ان يكون لدينا هذا الكم من البطالة ونضطر لاستيراد عمالة مدربة.. لابد من الاهتمام بالتعليم الفني والتعليم الجامعي والتعليم العام.. التعليم هو أساس تقدم وتطور أي مجتمع في العالم. في رأيك ما اخطر ما يهدد الصناعة والاقتصاد في مصر حاليا؟ هناك حالة من العشوائية وعدم اتخاذ القرار والخروج عن الخطط الموضوعة.. الوزارات جزر منعزلة.. الصناعة في واد والزراعة في واد والمالية في واد.. وهذا خطير. ولكن لا استطيع ان أحمل الحكومة الحالية المسئولية لانها حكومة تكنوقراط وتسيير أعمال والوضع الحالي كله فيه عدم استقرار.. القوات المسلحة حريصة علي احداث التوازن وتحقيق الاستقرار ولكننا في فترة انتقالية صعب القياس عليها. هناك ظاهرة خطيرة وهي ظاهرة الايدي المرتعشة في كل مكان.. لا يوجد مسئول لديه شجاعة اتخاذ قرار أو التوقيع علي قرار سواء كان هذا المسئول وزيرا أو رئيس بنك أو.. فمن يدفع الفاتورة وكيف نواجه الظاهرة؟ ظاهرة الايدي المرتعشة أو الخوف من اتخاذ قرار بالفعل ظاهرة خطيرة ومؤلمة وتؤثر علي الدولة كلها ولكن لنكن واثقين.. هذا يحدث دائما بعد الثورات بل وأكثر من ذلك تكون هناك عادة فترة عدم استقرار وتخبط في القرارات وما يحدث عندنا طبيعي. يحقق النائب العام حاليا مع المهندس أحمد عز في قضية استيلائه علي مصنع الدخيلة للحديد والصلب واهداره المال العام فيه لحساب مصانعه الخاصة وكنت وزيرا للصناعة وشاهدا علي انشاء المصنع.. فما قصة الدخيلة؟ القصة طويلة وبدأت في الثمانينات عندما وضعنا خطة لتوفير احتياجات المواطن من الغذاء والسكن وكان دوري مع المهندس حسب الله الكفراوي وزير الاسكان في ذلك الوقت توفير الاحتياجات لإنشاء مساكن اقتصادية للمواطنين وتوليت الاتفاقات مع الجانب الياباني لإنشاء مصنع الدخيلة للحديد والصلب وتولي المهندس الكفراوي إنشاء مصنع الاسمنت وبالفعل وقعت عقد إنشاء مصنع الدخيلة بأحدث التكنولوجيات العالمية ومنحتنا الدولة الأرض ودخلت البنوك وشركات قطاع الأعمال شركاء في المصنع الذي كانت مهمته الأولي توفير حديد التسليح وخام البليت بأقل الاسعار وبأحسن نوعية وقمت بتعيين د.سالم محمدين الوزير السابق رئيسا لمجلس الإدارة ومحمد خطاب عضوا منتدبا وكان به مشاكل في البداية ولكنه استطاع ان ينجح وينتج حوالي مليون و002 ألف طن من حديد التسليح ويسد فجوة كبيرة لاستهلاك الحديد في مصر. والحقيقة ان الإدارة الجيدة للمصنع استطاعت ان تخفض تكاليف الانتاج وتحافظ علي سعر الحديد في السوق وكنا ممنوعين من زيادة السعر حفاظا علي معدلات التنمية كما لعب المصنع دورا كبيرا في تحقيق الاكتفاء في السوق المحلي.. ثم جاء أحمد عز في نهاية التسعينيات ليستولي أو يغتصب المصنع العملاق. مبارك.. يتراجع كيف استولي أحمد عز علي الدخيلة وهل بالفعل كان ذلك مخططا بتواطؤ من الوزراء المعنين؟ أنا توليت وزارة الصناعة عام 2891 وقمت أثناءها بتوقيع عقد الشركة وتعيين المسئولين عنها ثم تركت الوزارة قبل تشغيل المصنع ولكن معلوماتي تقول ان دخوله الشركة وشراءه نسبة 01٪ من اتحاد العمال كان مخططا بمشاركة وزراء من الحكومة ودعما من جمال مبارك وتم تعيين أحمد عز نائبا لرئيس مجلس إدارة المصنع ثم تم استدعاء سالم محمدين وبعدها أصبح أحمد عز رئيسا لمجلس الإدارة وتم اخراج بعض الجهات الممثلة في مجلس الإدارة.. وأؤكد انني لم أكن مسئولا ولكنها معلومات ترددت في تلك الأيام. وما معلوماتك عن موقف الرئيس السابق حسني مبارك من هذا الاستيلاء؟ ما أعلمه جيدا ان هناك العديد من الشكاوي ذهبت إلي الرئيس حسني مبارك تحذر مما يحدث من تواطؤ الوزراء والمسئولين من أجل تسهيل استيلاء أحمد عز علي المصنع وللحقيقة انزعج الرئيس السابق وتحدث مع د.عاطف عبيد وأمره باقالة أحمد عز وتعيين المهندس محمد خطاب مكانه.. وصدر بالفعل قرار تعيينه.. وكان أحمد عز يومها في لندن وتم الاتصال به وابلغه القرار وطلب الانتظار حتي عودته.. وعندما عاد كان قد تم إلغاء القرار وطبعا بلا تعليق. جريمة الخصخصة استيلاء أحمد عز علي مصنع الدخيلة للحديد والصلب افرز ظاهرة احتكاره لصناعة الحديد والارتفاع الجنوني في أسعار هذه السلعة الاستراتيجية فما رأيك؟ أجاب: طبعا كلنا نعلم ان قانون حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية تدخل أحمد عز في مجلس الشعب وانه حاليا يحتاج تعديلا وتقوم به الحكومة وليس مجال الحديث.. أما أسعار الحديد فهي تتأثر بالأسعار العالمية وجاء وقت قامت الصين بسحب الحديد من السوق وتسببت في ارتفاع اسعاره بشكل كبير.. المشكلة الحقيقية في نظري هي خصخصة الشركات التي تنتج السلع الاستراتيجية مثل الحديد والاسمنت والالومنيوم والسكر وغيرها.. كلنا تابعنا ما حدث في الخصخصة وهي بالفعل جريمة في حق مصر.. لقد كان لدينا شركة النصر لصناعة السيارات وكانت تنتج السيارات نصر أين هي الآن وأصبحت كل المصانع مجرد تجميع قطع للسيارة.. حرام ما يحدث ولدينا طاقات انتاجية كبيرة. أنا لست ضد القطاع الخاص ولكن الصناعات الاستراتيجية يجب ان تبقي مع الدولة وحرام هدم مصانع قطاع الأعمال وبيعها.. احد الوزراء السابقين كان يريد بيع مصنع الألومنيوم والحديد والصلب في حلوان ولم يبع وتم اصلاحه وبدأ يكسب.. في ظل إدارة جيدة هذه المصانع تحقق مكاسب ولا تخسر والاحتفاظ بهذه الصناعات يتم في كل أنحاء العالم.. مشروع زويل في رأيك ما أهم مشروع قومي يجب ان تتجمع حوله كل الجهود في الفترة القادمة؟ في رأيي ان مشروع د.زويل لإنشاء جامعة تكنولوجية تنتقل بالتعليم في مصر إلي مصاف الدول الكبري وتخلق قاعدة هامة للتكنولوجيا التي تعتمد عليها صناعات المستقبل هي المشروع القومي الذي يجب ان نتجمع حوله جميعا ونتبرع من أجله من أجل ان نري مصر في المستقبل في المكانة التي تليق بها.